الباحث القرآني

﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ ﴾ [الكهف: ١٤] أي: ثبّتناها، وجعلنا لها رباطًا؛ لأن جميع قومهم على ضدهم، ومخالفة القوم تحتاج إلى تثبيت، لا سيما أنهم شباب، والشاب ربما يؤثر فيه أبوه فيقول له: اكفر، ولكن الله ربط على قلوبهم وثبتّهم، اللهم ثبّتنا يا رب العالمين. ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ يعني ثبّتناها قويناها. ﴿إِذْ قَامُوا﴾ يعني في قومهم معلّمين بالتوحيد. ﴿فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ ولم يبالوا بأحد، فهم كسحرة فرعون ماذا قالوا؟ ﴿قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾ سوِّ اللي تبغى. ﴿إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [طه ٧٢]، والدنيا كلها ماضية منتهية، طالت بك أم قصرت، ولا بد لكل إنسان من أحد أمرين: إما الهرم، وإما الموت، ونهاية الهرم الموت؛ ولهذا يقول الشاعر: ؎لَا طِيبَ لِلْعَيْشِ مَا دَامَتْ مُنغَّصَةً ∗∗∗ لَذَّاتُــــــــــهُ بِادِّكَـــــــارِ الْمَــــــــــوْتِ وَالْهَــــــــــــرَمِ كلما تذكر أنه سيموت طالت حياته أم قصرت فإنه لا يطيب العيش له، لكن من نعمة الله عز وجل أن الناس ينسون هذا الأمر، لكن هؤلاء الناسين منهم من ينسى هذا الأمر باشتغاله بطاعة الله عز وجل، ومنهم من ينساه باشتغاله بالدنيا، ففرْق بين الأمرين. * * * قوله تبارك وتعالى: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ﴾ ما المراد بالفتية هنا؟ يعني معنى الفتية؟ * طالب: هو الشاب الكامل في قوته وعزيمته. * الشيخ: نعم، أحسنت. قوله: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ﴾، ولم يقل: (فأنمناهم) إشارة إلى عمق نومهم، وأنهم لا يسمعون شيئًا، والنائم الذي نومه خفيف يسمع، وكلما صوّت عليه سمع، أما هؤلاء فلا يسمعون. قوله: ﴿بَعَثْنَاهُمْ﴾ يُستفاد منه؟ * طالب: أن النوم يسمى وفاة. * الشيخ: أن النوم وفاة، وهل في القرآن ما يدل على ذلك صراحة؟ * طالب: نعم، قول الله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ﴾ [الأنعام ٦٠]. * الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك. قوله: ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾، أليس الله تبارك وتعالى عالمًا بذلك قبل أن يكون؟ * طالب: الله قادر على علم.. * الشيخ: الجواب نعم ولّا لا؟ * طالب: هو عالم. * الشيخ: هو عالم، طيب كيف قال: ﴿لِنَعْلَمَ﴾ والمعروف أن اللام للتعليل؟ * طالب: (...) أن يقال: علم ظهور ومشاهدة، أو أنه علم جزاء. * الشيخ: يعني علم يترتب عليه الجزاء، لكن في غير هذه الآية قد لا يصح هذا الوجه الثاني. ﴿أَيُّ الْحِزْبَيْنِ﴾ ما هما؟ * طالب: الحزبان هما هؤلاء الفتية، أو الذين عثروا عليهم. * الشيخ: إما الفتية، وإما قومهم الذين عثروا عليهم، لكن الفتية أقرب؛ لأن الله سيقول فيما بعد: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ﴾ [الكهف ١٩]، أظن انتهينا إلى قوله: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. قال الله عز وجل: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ ﴿رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ أي: ثبتناها وقوّيناها كأنها شيء رُبط عليها. ﴿إِذْ قَامُوا﴾ أي: حين قاموا؛ يعني في أقوامهم متبرِّئين مما كان عليه هؤلاء الأقوام. ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾، وليس رب فلان وفلان، بل هو رب السماوات والأرض فهو سبحانه وتعالى مالك، وخالق، ومدبر للسماوات والأرض؛ لأن الرب الذي هو اسم من أسماء الله معناه الخالق، المالِك، المدبِّر، رب السماوات والأرض، السماوات السبع والأرض كذلك سبع كما جاءت بذلك النصوص ولا حاجة لذكرها؛ لأنها معلومة والحمد لله. ﴿لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ ﴿لَنْ نَدْعُوَ﴾ دعاء مسألة، ولا دعاء عبادة. ﴿إلهًا﴾ سواه، فأقروا بالربوبية، وأقروا بالألوهية. الربوبية قالوا: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ والألوهية قالوا: ﴿لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا﴾ أي: سواه عز وجل. ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا﴾ الجملة هذه مؤكدة بثلاثة مؤكدات؛ وهي: اللام، وقد، والقسم الذي دلّت عليه اللام. وقوله: ﴿إذًا﴾ أي: لو دعونا إلهًا سواه. ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ أي: قولًا مائلًا وموغلًا في الكفر، وصدقوا لو أنهم دعوا غير الله إلهًا لقالوا هذا القول المائل الموغِل في الكفر والعياذ بالله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب