الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ قال المفسرون: (ألهمناها الصبر وثبتناها) [["جامع البيان" 15/ 257، و"النكت والعيون" 3/ 289، و"زاد المسير" 5/ 115، و"الجامع لأحكام القرآن" 10/ 365.]] وذكرنا معنى الربط على القلب في سورة الأنفال [[عند قوله سبحانه: ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾ [الأنفال: 11].]]. وقوله تعالى: ﴿إِذْ قَامُوا﴾ قال عطاء ومقاتل: (يعني من النوم) [["البحر المحيط" 6/ 106، و"روح المعاني" 15/ 218، و"التفسير الكبير" 11/ 98 وقال: وهذا بعيد؛ لأن الله استأنف قصتهم بقوله: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ [آية 13].]]. وهذا يتعدّى من وجوه، أحدها: أن الله تعالى استأنف قصتهم بقوله: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ [الكهف: 13] الآية، فلأنه قال: ﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وكانوا قد قالوا هذا قبل نومهم في الكهف، ولكن الوجه تفسير ﴿قَامُوا﴾: (أنهم قاموا بين يدي ملكهم دقيانوس الجبار الذي كان يفتن أهل الإيمان عن دينهم، فربط الله على قلوبهم بالصبر واليقين حتى قالوا بين يديه: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية، وذلك أنه كان يدعو الناس إلى عبادة الأصنام، والذبح للطواغيت، فثبت الله هؤلاء الفتية وعصمهم، حتى عصوا ذلك الجبار وأقروا بربوبية الله -سبحانه وتعالى- ووحدانيته، وأنهم إن دعوا غيره وعبدوه كان ذلك شططا) [[هذا قول جمهور المفسرين. انظر: "جامع البيان" 15/ 207، و"معالم التنزيل" 5/ 156، و "الكشاف" 2/ 383، و"زاد المسير" 5/ 115، و"ابن كثير" 3/ 83 - 84.]]. وفي تفسير شبل عن مجاهد قال: (إنهم أبناء عظماء مدينتهم، فخرجوا فاجتمعوا وراء المدينة من غير ميعاد، فقال رجل منهم هو أسن القوم: إني لأجد في نفسي شيئًا ما أظن أن أحدًا يجده. قالوا: ما تجد؟ قال: أجد في نفسي أن ربي رب السموات والأرض. فقالوا: نحن كذلك نجده في أنفسنا، فقاموا جميعًا فقالوا: ربنا رب السموات والأرض) [["جامع البيان" 15/ 207، و"زاد المسير" 5/ 110، و"الجامع لأحكام القرآن" 10/ 365، و"الدر المنثور" 4/ 388 وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ أي: كذبًا وجورًا، قاله المفسرون [["جامع البيان" 15/ 208، و"معالم التنزيل" 5/ 156، و"المحرر الوجيز" 9/ 251، و"تفسير القرآن العظيم" 3/ 84.]]. ومعنى الشطط في اللغة: مجاوزة القدر [["مقاييس اللغة" (شط) 3/ 165، و"القاموس المحيط" (شط) ص 674، و"لسان العرب" (شطط) 4/ 2263، و"المفردات في غريب القرآن" (شطط) (260).]]. قال الفراء: (يقال: قد أشطّ في السَّوم، إذا جاوز القدر، ولم أسمع إلا أَشطَّ، يُشِطُّ، إِشطَاطًا، شَطَطًا) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 403.]]. وحكى الزجاج وغيره: (شَطَّ الرجل وأَشَطَّ إذا جار) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 272.]]. ومنه قوله: ﴿وَلَا تُشْطِطْ﴾ [ص: 22]، ومثله أَشَطَّ، وأصل هذا من قولهم: بما شَطَّت الدار، إذا بعدت، فالشَّطَطُ في القول بعد عن الحق؛ وهو هاهنا منصوب على المصدر، والمعنى: لقد قلنا إذا قول شَطَط، قاله الزجاج [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 172.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب