الباحث القرآني
تفسير سورة إذا جاء نصر الله والفتح [[في م: "تفسير سورة النصر".]]
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ.
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَعْدِلُ رُبْعَ الْقُرْآنِ، وَ " إِذَا زُلْزِلَتِ " تَعْدِلُ رُبْعَ الْقُرْآنِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِي العُمَيس (ح) وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيس، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ [[في أ: "سهل".]] عَنْ عُبَيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا ابْنَ عُتْبَةَ، أَتَعْلَمُ آخِرَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ [[في م: "نزلت من القرآن".]] ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ " قَالَ: صَدَقْتَ [[سنن النسائي الكبرى برقم (١١٧١٣) ورواه مسلم في صحيحه برقم (٣٠٢٤) من طريق جعفر بن عون به.]]
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبْذِيِّ [[في أ: "الزبيري".]] عَنْ صَدَقَةُ بْنُ يَسَار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ: " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ " عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاعُ، فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَرحَلت، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ الْمَشْهُورَةَ [[سنن البيهقي الكبرى (٥/١٥٢) ، وموسى بن عبيدة ضعيف.]]
وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَارُ، حَدَّثَنَا الْأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ " دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاطِمَةَ [[في أ: "فاطمة ابنته".]] وَقَالَ: "إِنَّهُ قَدْ نُعِيت إِلَيَّ نَفْسِي"، فَبَكَتْ ثُمَّ ضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ نُعيت إِلَيْهِ نفسُه فَبَكَيْتُ، ثُمَّ قَالَ: "اصْبِرِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لِحَاقًا بِي" فَضَحِكْتُ [[دلائل النبوة للبيهقي (٧/١٦٧) .]]
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ -كَمَا سَيَأْتِي-بِدُونِ ذِكْرِ فَاطِمَةَ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوانة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدخلني مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بعضهم وَجَد في نفسه، فقال: لم يَْخل هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ [[في م: "ممن قد علمتم".]] فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رُؤيتُ أَنَّهُ دَعَانِي فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ليُريهم فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَرَنَا أَنْ نَحمد اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نَصَرَنَا وفُتح عَلَيْنَا. وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَلِكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا. فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ فَقُلْتُ: هُوَ أجلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ فَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ، ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ. تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ [[صحيح البخاري برقم (٤٩٧٠) .]]
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيد، عَنْ مِهْران، عَنِ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِين، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، أَوْ نَحْوَهَا [[تفسير الطبري (٣٠/٢١٥) .]] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيل، حَدَّثَنَا عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "نُعِيَت إِلَيَّ نَفْسِي".. بِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ [[المسند (١/٢١٧) .]] .
وَرَوَى الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ. وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهَا أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نُعِي إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْحَنَفِيُّ [[في أ: "الثقفي".]] عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ إِذْ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ! جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: "قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمْ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" [[تفسير الطبري (٣٠/٢١٥) .]]
ثُمَّ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مُرْسَلًا.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَريّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانة، عَنْ هِلَالُ بْنُ خَبَّاب، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، قَالَ: نُعِيت لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَفْسُهُ حِينَ نَزَلَتْ، قَالَ: فَأَخَذَ بِأَشَدِّ مَا كَانَ قَطُّ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ: "جَاءَ الفتحُ وَنَصْرُ اللَّهِ، وَجَاءَ أَهْلُ اليَمن". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: "قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، لَيِّنَةٌ قلوبهم، الإيمان يمان، والفقه يَمان" [[المعجم الكبير (١١/٣٢٨) .]] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزين، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ عَلِمَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ قَدْ نُعِيت إِلَيْهِ نَفْسُهُ، فَقِيلَ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ السُّورَةُ كُلُّهَا [[المسند (١/٣٤٤) .]] .
حَدَّثَنَا وَكيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِين: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ نُعيت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَفْسُهُ [[المسند (١/٣٥٦) .]]
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَر الْوَكِيعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا جَعفر بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي العُمَيس، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ عُبَيد اللَّهِ بْنِ عَبد اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ جَمِيعًا: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [[المعجم الكبير (١٠/٣٦٩) .]] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرّة، عَنْ أَبِي البَختُري الطَّائِيِّ [[في أ: "عن أبي البختري عن الطائي".]] ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى خَتَمَهَا، فَقَالَ: "النَّاسُ حَيِّزٌ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌّ". وَقَالَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ". فَقَالَ لَهُ مَرْوان: كَذَبْتَ -وَعِنْدَهُ رَافِعُ بْنُ خَديج، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، قَاعِدَانِ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ -فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَوْ شَاءَ هَذَانِ لَحَدَّثَاكَ، وَلَكِنَّ هَذَا يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عِرَافَةِ قَوْمِهِ، وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ. فَرَفَعَ مَرْوَانُ عَلَيْهِ الدِّرَّةَ لِيَضْرِبَهُ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ قَالَا صَدَقَ [[المسند (٣/٢٢) .]] .
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ مَرْوَانُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ، فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: "لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَلَكِنْ إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا [[صحيح البخاري برقم (١٨٣٤،١٣٤٩) وصحيح مسلم برقم (١٣٥٣) .]] .
فَالَّذِي فَسَّرَ بِهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَنَا إِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَشْكُرَهُ وَنُسَبِّحَهُ، يَعْنِي نُصَلِّي وَنَسْتَغْفِرَهُ -مَعْنَى مَلِيحٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَقْتَ الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَقَالَ قَائِلُونَ: هِيَ صَلَاةُ الضُّحَى. وَأُجِيبُوا بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا، فَكَيْفَ صَلَّاهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَقَدْ كَانَ مُسَافِرًا لَمْ يَنْو الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ؟ وَلِهَذَا أَقَامَ فِيهَا إِلَى آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ قَرِيبًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُقْصِرُ الصَّلَاةَ ويُفطر هُوَ وَجَمِيعُ الْجَيْشِ، وَكَانُوا نَحْوًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ. قَالَ هَؤُلَاءِ: وَإِنَّمَا كَانَتْ صَلَاةُ الْفَتْحِ، قَالُوا: فَيُسْتَحَبُّ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ إِذَا فَتَحَ بَلَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فيه أول ما يدخله ثماني ركعات.
وَهَكَذَا فَعَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ فَتَحَ الْمَدَائِنَ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُصَلِّيهَا كُلَّهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، كَمَا وَرَدَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم كَانَ يُسَلِّمُ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ. وَأَمَّا مَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مِنْ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نُعِي فِيهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَفْسُهُ [[في م "روحه".]] الْكَرِيمَةُ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا فَتَحْتَ مَكَّةَ -وَهِيَ قَرْيَتُكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ-وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَقَدْ فَرَغَ شُغْلُنَا بِكَ فِي الدُّنْيَا، فَتَهَيَّأْ لِلْقُدُومِ عَلَيْنَا وَالْوُفُودِ إِلَيْنَا، فَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ .
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ ابن خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ: نُعيت لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ نفسُه حِينَ أُنْزِلَتْ، فَأَخَذَ فِي أَشَدِّ مَا كَانَ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ: "جَاءَ الْفَتْحُ، وَجَاءَ نَصْرُ اللَّهِ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: "قوم رقيقة قلوبهم، لَيِّنة قلوبهم، الإيمان يَمانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ" [[سنن النسائي الكبرى برقم (١١٧١٢) .]] .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرير، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.
وَأَخْرَجَهُ بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ، مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ، بِهِ [[صحيح البخاري برقم (٤٩٦٨) وصحيح مسلم برقم (٤٨٤) وسنن أبي داود برقم (٨٧٧) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٧١٠) وسنن ابن ماجة برقم (٨٨٩) .]] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ فِي آخِرِ أَمْرِهِ مِنْ قَوْلِ: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ". وَقَالَ: "إِنَّ رَبِّي كَانَ أَخْبَرَنِي أَنِّي سَأَرَى عَلَامَةً فِي أُمَّتِي، وَأَمَرَنِي إِذَا رَأَيْتُهَا أَنْ أُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرَهُ، إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا، فَقَدْ رَأَيْتُهَا: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ-بِهِ [[المسند (٦/٣٥) وصحيح مسلم برقم (٤٨٤) .]] .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي آخِرِ أَمْرِهِ لَا يَقُومُ وَلَا يَقْعُدُ، وَلَا يَذْهَبُ وَلَا يَجِيءُ، إِلَّا قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُكْثِرُ مِنْ سُبْحَانِ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، لَا تَذْهَبُ وَلَا تَجِيءُ، وَلَا تَقُومُ وَلَا تَقْعُدُ إِلَّا قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وبحمده؟ قال: "إني أمرت بها"، فقال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ [[تفسير الطبري (٣٠/٢١٦) .]] .
غَرِيبٌ، وَقَدْ كَتَبْنَا حَدِيثَ كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ وَأَلْفَاظِهِ فِي جُزْءٍ مُفرد، فَيُكْتَبُ هَاهُنَا [[سبق ذكر أحاديث كفارة المجلس وذكر طرقها في آخر تفسير سورة الصافات.]] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكيع، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيدة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ كَانَ يُكْثِرُ إِذَا قَرَأَهَا -ورَكَعَ-أَنْ يَقُولَ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" ثَلَاثًا [[المسند (١/٣٨٨) .]] .
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرّة، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، بِهِ.
وَالْمُرَادُ بِالْفَتْحِ هَاهُنَا فَتْحُ مَكَّةَ قَوْلًا وَاحِدًا، فَإِنَّ أَحْيَاءَ الْعَرَبِ كَانَتْ تَتَلَوّم بِإِسْلَامِهَا فَتْحَ مَكَّةَ، يَقُولُونَ: إِنْ ظَهَرَ عَلَى قَوْمِهِ فَهُوَ نَبِيٌّ. فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَلَمْ تَمْضِ سَنَتَانِ حَتَّى اسْتَوْسَقَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ إِيمَانًا، وَلَمْ يَبْقَ فِي سَائِرِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ إِلَّا مُظْهِرٌ لِلْإِسْلَامِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْفَتْحُ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتِ الْأَحْيَاءُ تَتَلَوّمُ بِإِسْلَامِهَا فَتْحَ مَكَّةِ، يَقُولُونَ: دَعُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ. الْحَدِيثُ [[صحيح البخاري برقم (٤٣٠٢) .]] وَقَدْ حَرّرنا غَزْوَةَ الْفَتْحِ فِي كِتَابِنَا: السِّيرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ فَلْيُرَاجِعْهُ هُنَاكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي جَارٌ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ فَجَاءَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ [[في م: "يسلم على".]] ، فَجَعَلْتُ أحدّثهُ عَنِ افْتِرَاقِ النَّاسِ وَمَا أَحْدَثُوا، فَجَعَلَ جَابِرٌ يَبْكِي، ثُمَّ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "إِنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، وَسَيَخْرُجُونَ مِنْهُ أَفْوَاجًا" [[المسند (٣/٣٤٣) .]] .
[آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفتح" ولله الحمد والمنة] [[زيادة من أ.]]
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ","وَرَأَیۡتَ ٱلنَّاسَ یَدۡخُلُونَ فِی دِینِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجࣰا","فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا"],"ayah":"إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق