الباحث القرآني

(p-208)سُورَةُ النَّصْرِ مَدَنِيَّةٌ وآيُها ثَلاثٌ ﴿إذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ﴾ أيْ: إعانَتُهُ تَعالى وإظْهارُهُ إيّاكَ عَلى عَدِوِّكَ ﴿والفَتْحُ﴾ أيْ: فَتْحُ مَكَّةَ، وقِيلَ: جِنْسُ نَصْرِ اللَّهِ تَعالى ومُطْلَقُ الفَتْحِ، فَإنَّ فَتْحَ مَكَّةَ لَمّا كانَ مِفْتاحَ الفُتُوحِ ومَناطَها، كَما أنَّ نَفْسَها أُمُّ القُرى وإمامُها، جُعِلَ مَجِيئُهُ بِمَنزِلَةِ مَجِيءِ سائِرِ الفُتُوحِ وعَلِقَ بِهِ، أمَرَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالتَّسْبِيحِ والحَمْدِ، والتَّعْبِيرُ عَنْ حُصُولِ النَّصْرِ والفَتْحِ بِالمَجِيءِ؛ لِلْإيذانِ بِأنَّهُما مُتَوَجِّهانِ نَحْوَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ وأنَّهُما عَلى جَناحِ الوُصُولِ إلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ قَرِيبٍ. رُوِيَ أنَّها نَزَلَتْ قَبْلَ الفَتْحِ وعَلَيْهِ الأكْثَرُ، وقِيلَ: في أيّامِ التَّشْرِيقِ بِمِنًى في حَجَّةِ الوَداعِ، فَكَلِمَةُ "إذا" حِينَئِذٍ بِاعْتِبارِ أنَّ بَعْضَ ما في حَيِّزِها أعْنِي رُؤْيَةَ دُخُولِ النّاسِ ...إلَخْ، غَيْرُ مُنْقَضٍ بَعْدُ، وكانَ فَتْحُ مَكَّةَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِن شَهْرِ رَمَضانَ سَنَةَ ثَمانٍ، ومَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَشْرَةُ آلافٍ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ وطَوائِفِ العَرَبِ، وأقامَ بِها خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وحِينَ دَخَلَها وقَفَ عَلى بابِ الكَعْبَةِ ثُمَّ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبَدَهُ، وهَزَمَ الأحْزابَ وحْدَهُ، ثُمَّ قالَ: يا أهْلَ مَكَّةَ، ما تَرَوْنَ أنِّي فاعِلٌ بِكُمْ؟ قالُوا: خَيْرًا؛ أخٌ كَرِيمٌ وابْنُ أخٍ كَرِيمٍ، قالَ: اذْهَبُوا فَأنْتُمُ الطُّلَقاءُ، فَأعْتَقَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وقَدْ كانَ اللَّهُ تَعالى أمْكَنَهُ مِن رِقابِهِمْ عُنْوَةً، وكانُوا لَهُ فَياءً ولِذَلِكَ سُمِّيَ أهْلُ مَكَّةَ: الطُّلَقاءَ، ثُمَّ بايَعُوهُ عَلى الإسْلامِ ثُمَّ خَرَجَ إلى هَوازِنَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب