الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: ﴿فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ﴾ الْمُشْرِكُونَ، إِنَّهُ بَاطِلٌ وجَهل وَضَلَالٌ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ، أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ مُستَنَد فِيمَا هُمْ فِيهِ إِلَّا اتِّبَاعُ الْآبَاءِ فِي الْجَهَالَاتِ، وَسَيَجْزِيهِمُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَتَمَّ الْجَزَاءَ فَيُعَذِّبُ كَافِرَهُمْ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَقَدْ وَفَّاهُمُ اللَّهُ إِيَّاهَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ الجُعْفي، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ﴾ قَالَ: مَا [[في ت: "وبما".]] وُعِدُوا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: لَمُوَفُّوهُمْ مِنَ الْعَذَابِ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ. ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ آتَى مُوسَى الْكِتَابَ، فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَمِنْ مُؤْمِنٍ بِهِ، وَمِنْ كَافِرٍ بِهِ، فَلَكَ بِمَنْ سَلَفَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ يَا مُحَمَّدُ أُسْوَةٌ، فَلَا يَغِيظَنَّكَ تَكْذِيبُهُمْ لَكَ، وَلَا يهيدنَّك ذَلِكَ. ﴿وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَأْجِيلِهِ الْعَذَابَ [[في ت: "العباد" وفي أ: "الميعاد".]] إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، لَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ، أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بِعَدَمِ [[في ت، أ: "إلا بعد".]] قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، وَإِرْسَالِ الرَّسُولِ إِلَيْهِ، كَمَا قَالَ: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الْإِسْرَاءِ:١٥] ؛ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ [طَهَ:١٢٩، ١٣٠] . ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْكَافِرِينَ فِي شَكٍّ -مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ -قَوِيٍّ، فَقَالَ ﴿وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ . ثُمَّ أَخْبَرَنَا [[في ت، أ: "ثم أخبر".]] تَعَالَى أَنَّهُ سَيَجْمَعُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ مِنَ الْأُمَمِ، وَيَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ، فَقَالَ: ﴿وَإِنَّ كُلا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أَيْ: عَلِيمٌ بِأَعْمَالِهِمْ جَمِيعِهَا، جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ قِرَاءَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَيَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يَس:٣٢] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب