الباحث القرآني
* (فصل)
ثمَّ تَأمل الحِكْمَة البالِغَة في إعطائه سُبْحانَهُ بَهِيمَة الأنعام الأسماع والأبصار ليتم تناولها لمصالحها ويكمل انْتِفاع الإنسان بها، إذْ لَو كانَت عمياء أوْ صماء لم يتَمَكَّن من الِانْتِفاع بها.
ثمَّ سلبها العُقُول على كبر خلقها الَّتِي للإنسان ليتم تسخيره إياها، فيقودها ويصرفها حَيْثُ شاءَ.
وَلَو أُعطيت العُقُول على كبر خلقها لامتنعت من طاعَته، واستعصت عَلَيْهِ، ولم تكن مسخرة لَهُ، فَأعْطيت من التَّمْيِيز والإدراك ما تتمّ بِهِ مصلحتها، ومصلحة من ذَلِك لَهُ، وسلبت من الذِّهْن والعقل ما ميز بِهِ عَلَيْها الإنسان، وليظهر أيضا فَضِيلَة التَّمْيِيز والاختصاص.
ثمَّ تَأمل كَيفَ قادها وذللها على كبر أجسامها، ولم يكن يطيقها لَوْلا تسخيره قالَ الله تَعالى ﴿وَجعل لكم من الفلك والأنعام ما تَرْكَبُونَ لتستووا على ظُهُوره ثمَّ تَذكرُوا نعْمَة ربكُم إذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وتَقولُوا سُبْحانَ الَّذِي سخر لنا هَذا وما كُنّا لَهُ مُقرنين﴾
أي مطيقين ضابطين وقالَ تَعالى ﴿أولم يرَوا أنا خلقنا لَهُم مِمّا عملت أيْدِينا أنعاما فهم لَها مالكون وذللناها لَهُم فَمِنها ركوبهم ومِنها يَأْكُلُون﴾
فترى البَعِير على عظم خلقته يَقُودهُ الصَّبِي الصَّغِير ذليلا منقادا، ولَو أرسل عَلَيْهِ لسواه بالأرض ولفصله عضوا عضوا، فسل المُعَطل من الَّذِي ذلله وسخره وقاده على قوته لبشر ضَعِيف من أضعف المَخْلُوقات وفرغ بذلك التسخير النَّوْع الإنساني لمصالح معاشه ومعاده، فَإنَّهُ لَو كانَ يزاول من الأعمال والأحمال ما يزاول الحَيَوان لشغل بذلك عَن كثير من الأعمال، لأنه كانَ يحْتاج مَكان الجمل الواحِد إلى عدَّة أناسي يحملون أثقاله وحمله ويعجزون عَن ذَلِك، وكانَ ذَلِك يستفرغ أوقاتهم ويصدهم عَن مصالحهم فأعينوا بِهَذِهِ الحَيَوانات مَعَ ما لهم فِيها من المَنافِع الَّتِي لا يحصيها إلا الله من الغذاء والشراب والدواء واللباس والامتعة والآلات والأواني والرُّكُوب والحرث والمَنافِع الكَثِيرَة والجمال.
ثمَّ تَأمل الحِكْمَة البالِغَة في أن جعل ظُهُور الدَّوابّ مبسوطة كَأنَّها سقف على عمد القوائم ليتهيأ ركُوبها وتستقر الحمولة عَلَيْها.
ثمَّ خُولِفَ هَذا في الإبل فَجعل ظُهُورها مسنمة معقودة كالقبو، لما خصت بِهِ من فضل القُوَّة وعظم ما تحمله والأقباء تحمل أكثر مِمّا تحمل السقوف حَتّى قيل إن عقد الأقباء إنَّما أخذ من ظُهُور الإبل.
وَتَأمل كَيفَ لما طول قَوائِم البَعِير طول عُنُقه ليتناول المرعى من قيام، فَلَو قصرت عُنُقه لم يُمكنهُ ذَلِك مَعَ طول قوائمه، وليكون أيضا طول عُنُقه موازنا للْحَمْل على ظَهره إذا اسْتَقل بِهِ، كَما ترى طول قَصَبَة القبان حَتّى قيل إن القبان إنَّما عمل من خلقه الجمل من طول عُنُقه وثقل ما يحملهُ، ولِهَذا تراهُ يمد عُنُقه إذا اسْتَقل بِالحملِ كَأنَّهُ يوازنه موازنه.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["وَٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَ ٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ","لِتَسۡتَوُۥا۟ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَیۡتُمۡ عَلَیۡهِ وَتَقُولُوا۟ سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِینَ","وَإِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ"],"ayah":"وَٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَ ٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق