الباحث القرآني
والْأَزْواجَ الأصناف ما تَرْكَبُونَ أى تركبونه. فإن قلت: يقال: ركبوا الأنعام وركبوا في الفلك [[قال محمود: «يقال ركبت الدابة وركبت في الفلك ... الخ» قال أحمد: لم يحرر العبارة في هذا الموضع فان قوله «غلب المتعدي بغير واسطة على المتعدي بنفسه» يوهم أن بين الفعلين تباينا وليس كذلك، فان المتعدي إلى الأنعام هو عين الفعل المتعدي إلى السفن غاية ما، ثم إن العرب خصته باعتبار بعض مفاعيله بالواسطة، وباعتبار بعضها بالتعدي بنفسه، والاختلاف بالتعدي والقصور. أو باختلاف آلات التعدي.
وباختلاف أعداد المفاعيل لا يوجب الاختلاف في المعنى، فمن ثم يعدون الفعل الواحد مرة بنفسه ومرة بواسطة، مثل: سكرت وأخواته، ويعدون الأفعال المترادفة بآلات مختلفة، مثل دعوت وصليت، فإنك تقول: صلى النبي على آل أبى أوفى، ولو قلت: دعا على آل أبى أوفى: لأفهم عكس المقصود، ولكن دعا لآل أبى أوفى، ويعدون بعضها إلى مفعولين، ومرادفه إلى مفعول واحد، كعلم وعرف، فلا يترتب على الاختلاف بالتعدي.
والقصور: الاختلاف في المعنى، فالذي يحرر من هذا: أن ركب باعتبار القبيلين معناه واحد، وإن خص أحدهما باقتران الواسطة والآخر بسقوطها، فالصواب أحد الأمرين: إما تقدير المتعلقين على ما هما عليه لو انفردا، فيكون التقدير ما تركبونه وتركبون فيه، والأقرب تعليله باعتبار التعدي بنفسه، ويكون هذا من تغليب أحد اعتباري الفعل على الآخر، وهو أسهل من التغليب في قوله تعالى فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ على أحد التأويلين فيه: فان التباين ثم ثابت بين الفعلين من حيث المعنى، أعنى: أجمع على الأمر وجمع الشركاء، ولكن لما تقاربا: غلب أحدهما على الآخر، ثم جعل المغلب هو المتعدي بنفسه، والله أعلم.]] . وقد ذكر الجنسين فكيف قال ما تركبونه؟ قلت: غلب المتعدّى بغير واسطة، لقوّته على المتعدّى بواسطة، فقيل: تركبونه عَلى ظُهُورِهِ على ظهور ما تركبون وهو الفلك والأنعام. ومعنى ذكر نعمة الله عليهم: أن يذكروها في قلوبهم معترفين بها مستعظمين لها، ثم يحمدوا عليها بألسنتهم، وهو ما يروى عن النبي ﷺ: أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال: «بسم الله» فإذا استوى على الدابة قال: «الحمد لله على كل حال، سبحان الذي سخر لنا هذا ... إلى قوله ... لمنقلبون» وكبر ثلاثا وهلل ثلاثا [[أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث على. وأسنده الثعلبي باللفظ المذكور هنا. ولمسلم من طريق على الأرزى عن ابن عمر «أن رسول الله ﷺ كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا الآية.]] . وقالوا: إذا ركب [[لم أجده من فعله ﷺ. وفي الطبراني من حديث الضحاك عن ابن عباس رفعه «أمان لأمتى من الغرق إذا ركبوا في الفلك أن يقولوا: بسم الله، وما قدروا الله حق قدره- الآية بسم الله مجريها ومرساها» ورواه في الدعاء من حديث الحسن بن على رضى الله عنهما.]] في السفينة قال: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وعن الحسن بن على رضى الله عنهما أنه رأى رجلا يركب دابة فقال: سبحان الذي سخر لنا هذا. فقال: أبهذا أمرتم؟ فقال: وبم أمرنا؟ قال: أن تذكروا نعمة [[أخرجه الطبري والطبراني في الدعاء من طريق مجلس عن حسين بن على فذكره.]] ربكم: كان قد أغفل التحميد فنبهه عليه. وهذا من حسن مراعاتهم لآداب الله ومحافظتهم على دقيقها وجليلها. جعلنا الله من المقتدين بهم، والسائرين بسيرتهم، فما أحسن بالعاقل النظر في لطائف الصناعات، فكيف بالنظر في لطائف الديانات؟ مُقْرِنِينَ مطيقين. يقال: أقرن الشيء، إذا أطاقه. قال ابن هرمة: وأقرنت ما حمّلتنى ولقلّما ... يطاق احتمال الصّد يا دعد والهجر [[لابن هرمة «وأقرنت الشيء: إذا وجدته قرينا لك لا يزيد عنك، ثم استعمل في الاطاقة توسعا. ولقلما اللام للقسم. وقل: فعل. وما: كافة، ركبت معه فصار المراد منه النفي ولا فاعل له، وشبه المعقول من الصد والهجر بالمحسوس على طريق الكناية والحمل تخييل. يقول: أطقت ما حملتني إياه من صدك عنى وهجرك لي، والحال أنه لا يطاق احتمالهما. وفي الاعتراض بندائها: نوع استعطاف.]]
وحقيقة «أقرنه» : وجده قرينته وما يقرن به، لأنّ الصعب لا يكون قرينة للضعيف. ألا ترى إلى قولهم في الضعيف: لا يقرن به الصعبة. وقرئ: مقرنين، والمعنى واحد. فإن قلت: كيف اتصل بذلك قوله وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ؟ قلت: كم من راكب دابة عثرت به أو شمست أو تقحمت [[قوله «أو شمست أو تقحمت» في الصحاح: شمس الفرس شموسا وشماسا: منع ظهره. وفيه «القحمة» بالضم: المهلكة. وقحم الطريق: مصاعبه اه، فتقحم الدابة براكبها: خوضها به في قحمته. (ع)]] أو طاح من ظهرها فهلك، وكم من راكبين في سفينة انكسرت بهم فغرقوا، فلما كان الركوب مباشرة أمر مخطر، واتصالا بسبب من أسباب التلف: كان من حق الراكب وقد اتصل بسبب من أسباب التلف أن لا ينسى عند اتصاله به يومه، وأنه هالك لا محالة فمنقلب إلى الله غير منفلت من قضائه، ولا يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه حتى يكون مستعد اللقاء الله بإصلاحه من نفسه، والحذر من أن يكون ركوبه ذلك من أسباب موته في علم الله وهو غافل عنه، ويستعيذ بالله من مقام من يقول لقرنائه: تعالوا نتنزه على الخيل أو في بعض الزوارق، فيركبون حاملين مع أنفسهم أوانى الخمر والمعازف، فلا يزالون يسقون حتى تميل طلاهم [[قوله «حتى تميل طلاهم» في الصحاح «الطلى» الأعناق. قال الأصمعي: واحدتها طلية. وقال أبو عمرو والفراء: واحدتها طلاة. (ع)]] وهم على ظهور الدواب، أو في بطون السفن وهي تجرى بهم، لا يذكرون إلا الشيطان، ولا يمتثلون إلا أوامره. وقد بلغني أنّ بعض السلاطين ركب وهو يشرب من بلد إلى بلد بينهما مسيرة شهر، فلم يصح إلا بعد ما اطمأنت به الدار، فلم يشعر بمسيره ولا أحس به، فكم بين فعل أولئك الراكبين وبين ما أمره الله به في هذه الآية. وقيل: يذكرون عند الركوب ركوب الجنازة.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["وَٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَ ٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ","لِتَسۡتَوُۥا۟ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَیۡتُمۡ عَلَیۡهِ وَتَقُولُوا۟ سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِینَ","وَإِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ"],"ayah":"وَٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَ ٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق