الباحث القرآني

(p-٥٨)﴿وقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكم آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ كانَ ما أُمِرَ الرَّسُولُ ﷺ بِأنْ يَقُولَهُ لِلْمُعانِدِينَ مُشْتَمِلًا عَلى أنَّ اللَّهَ هَداهُ لِلدِّينِ الحَقِّ مِنَ التَّوْحِيدِ وشَرائِعِ الإسْلامِ وأنَّ اللَّهَ هَدى بِهِ النّاسَ بِما أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ القُرْآنِ المَتْلُوِّ، وأنَّهُ جَعَلَهُ في عِدادِ الرُّسُلِ المُنْذِرِينَ، فَكانَ ذَلِكَ مِن أعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْهِ في الدُّنْيا وأبْشَرِها بِأعْظَمِ دَرَجَةٍ في الآخِرَةِ مِن أجْلِ ذَلِكَ أُمِرَ بِأنْ يَحْمَدَ اللَّهَ بِالكَلِمَةِ الَّتِي حَمِدَ اللَّهُ بِها نَفْسَهُ وهي كَلِمَةُ (الحَمْدُ لِلَّهِ) الجامِعَةُ لِمَعانٍ مِنَ المَحامِدِ تَقَدَّمَ بَيانُها في أوَّلِ سُورَةِ الفاتِحَةِ. وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى قَوْلِهِ و﴿قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ وسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى﴾ [النمل: ٥٩] في هَذِهِ السُّورَةِ. ثُمَّ اسْتَأْنَفَ بِالِاحْتِراسِ مِمّا يَتَوَهَّمُهُ المُعانِدُونَ حِينَ يَسْمَعُونَ آياتِ التَّبَرُّؤِ مِن مَعْرِفَةِ الغَيْبِ، وقَصْرِ مَقامِ الرِّسالَةِ عَلى الدَّعْوَةِ إلى الحَقِّ مِن أنْ يَكُونَ في ذَلِكَ نَقْضٌ لِلْوَعِيدِ بِالعَذابِ فَخَتَمَ الكَلامَ بِتَحْقِيقِ أنَّ الوَعِيدَ قَرِيبٌ لا مَحالَةَ وأنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ وعْدَهُ فَتَظْهَرُ لَهم دَلائِلُ صِدْقِ اللَّهِ في وعْدِهِ. ولِذَلِكَ عَبَّرَ عَنِ الوَعِيدِ بِالآياتِ إلى أنَّهم سَيَحِلُّ بِهِمْ ما فِيهِ تَصْدِيقٌ لِما أخْبَرَهم بِهِ الرَّسُولُ ﷺ حِينَ يُوقِنُونَ أنَّ ما كانَ يَقُولُ لَهم هو الحَقُّ، فَمَعْنى فَتَعْرِفُونَها تَعْرِفُونَ دَلالَتَها عَلى ما بَلَّغَكُمُ الرَّسُولُ مِنَ النِّذارَةِ؛ لِأنَّ المَعْرِفَةَ لَمّا عُلِّقَتْ بِها بِعُنْوانِ أنَّها آياتُ اللَّهِ كانَ مُتَعَلِّقُ المَعْرِفَةِ هو ما في عُنْوانِ الآياتِ مِن مَعْنى الدَّلالَةِ والعَلامَةِ. والسِّينُ تُؤْذِنُ بِأنَّها إراءَةٌ قَرِيبَةٌ، فالآياتُ حاصِلَةٌ في الدُّنْيا مِثْلُ الدُّخانِ، وانْشِقاقِ القَمَرِ، واسْتِئْصالِ صَنادِيدِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، ومَعْرِفَتُهم إيّاها تَحْصُلُ عَقِبَ حُصُولِها ولَوْ في وقْتِ النَّزْعِ والغَرْغَرَةِ. وقَدْ قالَ أبُو سُفْيانَ لَيْلَةَ الفَتْحِ: لَقَدْ عَلِمْتُ أنْ لَوْ كانَ مَعَ اللَّهِ إلَهٌ غَيْرُهُ لَقَدْ أغْنى عَنِّي شَيْئًا. وقالَ تَعالى (﴿سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وفي أنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهم أنَّهُ الحَقُّ﴾ [فصلت: ٥٣]) . فَمِنَ الآياتِ في أنْفُسِهِمْ إعْمالُ سُيُوفِ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كانُوا يَسْتَضْعِفُونَهم في أعْناقِ سادَتِهِمْ وكُبَرائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ. قالَ أبُو جَهْلٍ ورُوحُهُ في الغَلْصَمَةِ يَوْمَ بَدْرٍ (وهَلْ أعْمَدُ مِن رَجُلٍ قَتْلَهُ قَوْمُهُ) يَعْنِي نَفْسَهُ وهو ما لَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ لَهُ عَلى بالٍ. (p-٥٩)وقَوْلُهُ ﴿وما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ قَرَأهُ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ وحَفْصٌ وأبُو جَعْفَرٍ ويَعْقُوبُ ”تَعْمَلُونَ“ بِتاءِ الخِطابِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِن تَمامِ ما أُمِرَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِأنْ يَقُولَهُ لِلْمُشْرِكِينَ. وفِيهِ زِيادَةُ إنْذارٍ بِأنَّ أعْمالَهم تَسْتَوْجِبُ ما سَيَرَوْنَهُ مِنَ الآياتِ. والمُرادُ: ما يَعْمَلُونَهُ في جانِبِ تَلَقِّي دَعْوَةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ وقُرْآنِهِ؛ لِأنَّ نَفْيَ الغَفْلَةِ عَنِ اللَّهِ مُسْتَعْمَلٌ في التَّعْرِيضِ بِأنَّهُ مِنهم بِالمِرْصادِ لا يُغادِرُ لَهم مِن عَمَلِهِمْ شَيْئًا. وقَرَأ الباقُونَ (يَعْمَلُونَ) بِياءِ الغَيْبَةِ فَهو عَطْفٌ عَلى ”قُلْ“ والمَقْصُودُ تَسْلِيَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَما أُمِرَ بِهِ مِنَ القَوْلِ بِأنَّ اللَّهَ أحْصى أعْمالَهم وأنَّهُ مُجازِيهِمْ عَنْها فَلا يَيْأسُ مِن نَصْرِ اللَّهِ. وقَدْ جاءَتْ خاتِمَةً جامِعَةً بالِغَةً أقْصى حَدٍّ مِن بَلاغَةِ حُسْنِ الخِتامِ. * * * (p-٦٠)(p-٦١)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ القَصَصِ سُمِّيَتْ سُورَةَ القَصَصِ ولا يُعْرَفُ لَها اسْمٌ آخَرُ. ووَجْهُ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ وُقُوعُ لَفْظِ (القَصَصِ) فِيها عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَلَمّا جاءَهُ وقَصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ﴾ [القصص: ٢٥] . فالقَصَصُ الَّذِي أُضِيفَتِ إلَيْهِ السُّورَةُ هو قَصَصُ مُوسى الَّذِي قَصَّهُ عَلى شُعَيْبٍ عَلَيْهِما السَّلامُ فِيما لَقِيَهُ في مِصْرَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنها. فَلَمّا حُكِيَ في السُّورَةِ ما قَصَّهُ مُوسى كانَتْ هاتِهِ السُّورَةُ ذاتَ قَصَصٍ لِحِكايَةِ قَصَصٍ، فَكانَ القَصَصُ مُتَوَغِّلًا فِيها. وجاءَ لَفْظُ القَصَصِ في سُورَةِ يُوسُفَ ولَكِنَّ سُورَةَ يُوسُفَ نَزَلَتْ بَعْدَ هَذِهِ السُّورَةِ. وهِيَ مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ جُمْهُورِ التّابِعِينَ. وفِيها آيَةُ ﴿إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ لَرادُّكَ إلى مَعادٍ﴾ [القصص: ٨٥] . قِيلَ نَزَلَتْ عَلى النَّبِيءِ ﷺ في الجُحْفَةِ في طَرِيقِهِ إلى المَدِينَةِ لِلْهِجْرَةِ تَسْلِيَةً لَهُ عَلى مُفارَقَةِ بَلَدِهِ. وهَذا لا يُناكِدُ أنَّها مَكِّيَّةٌ؛ لِأنَّ المُرادَ بِالمَكِّيِّ ما نَزَلْ قَبْلَ حُلُولِ النَّبِيءِ ﷺ بِالمَدِينَةِ كَما أنَّ المُرادَ بِالمَدَنِيِّ ما نَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ ولَوْ كانَ نُزُولُهُ بِمَكَّةَ. وعَنْ مُقاتِلٍ وابْنِ عَبّاسٍ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ مِن قَبْلِهِ هم بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص: ٥٢] إلى قَوْلِهِ ﴿سَلامٌ عَلَيْكم لا نَبْتَغِي الجاهِلِينَ﴾ [القصص: ٥٥] نَزَلَ بِالمَدِينَةِ. وهِيَ السُّورَةُ التّاسِعَةُ والأرْبَعُونَ في عِدادِ نُزُولِ سُوَرِ القُرْآنِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ النَّمْلِ وقَبْلَ سُورَةِ الإسْراءِ، فَكانَتْ هَذِهِ الطَّواسِينُ الثَّلاثُ مُتَتابِعَةً في النُّزُولِ كَما هو تَرْتِيبُها في المُصْحَفِ، وهي مُتَماثِلَةٌ في افْتِتاحِ ثَلاثَتِها بِذِكْرِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ. ولَعَلَّ ذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ كُتّابَ المُصْحَفِ عَلى جَعْلِها مُتَلاحِقَةً. وهِيَ ثَمانٍ وثَمانُونَ آيَةً بِاتِّفاقِ العادِّينَ. * * * (p-٦٢)أغْراضُها اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلى التَّنْوِيهِ بِشَأْنِ القُرْآنِ والتَّعْرِيضِ بِأنَّ بُلَغاءَ المُشْرِكِينَ عاجِزُونَ عَنِ الإتْيانِ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ. وعَلى تَفْصِيلِ ما أُجْمِلَ في سُورَةِ الشُّعَراءِ مِن قَوْلِ فِرْعَوْنَ لِمُوسى ﴿ألَمْ نُرَبِّكَ فِينا ولِيدًا﴾ [الشعراء: ١٨] إلى قَوْلِهِ ﴿وأنْتَ مِنَ الكافِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٩] فَفَصَّلَتْ سُورَةُ القَصَصِ كَيْفَ كانَتْ تَرْبِيَةُ مُوسى في آلِ فِرْعَوْنَ. وبَيَّنَ فِيها سَبَبَ زَوالِ مُلْكِ فِرْعَوْنَ. وفِيها تَفْصِيلُ ما أُجْمِلَ في سُورَةِ النَّمْلِ مِن قَوْلِهِ ﴿إذْ قالَ مُوسى لِأهْلِهِ إنِّي آنَسْتُ نارًا﴾ [النمل: ٧] فَفَصَّلَتْ سُورَةُ القَصَصِ كَيْفَ سارَ مُوسى وأهْلُهُ وأيْنَ آنَسَ النّارَ ووَصْفَ المَكانِ الَّذِي نُودِيَ فِيهِ بِالوَحْيِ إلى أنْ ذَكَرَتْ دَعْوَةَ مُوسى فِرْعَوْنَ فَكانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ أوْعَبَ لِأحْوالِ نَشْأةِ مُوسى إلى وقْتِ إبْلاغِهِ الدَّعْوَةَ ثُمَّ أجْمَلَتْ ما بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأنَّ تَفْصِيلَهُ في سُورَةِ الأعْرافِ وفي سُورَةِ الشُّعَراءِ. والمَقْصُودُ مِنَ التَّفْصِيلِ ما يَتَضَمَّنُهُ مِن زِيادَةِ المَواعِظِ والعِبَرِ. وإذْ قَدْ كانَ سَوْقُ تِلْكَ القِصَّةِ إنَّما هو لِلْعِبْرَةِ والمَوْعِظَةِ لِيَعْلَمَ المُشْرِكُونَ سُنَّةَ اللَّهِ في بِعْثَةِ الرُّسُلَ ومُعامَلَتِهِ الأُمَمَ المُكَذِّبَةَ لِرُسُلِها. وتَحَدّى المُشْرِكِينَ بِعِلْمِ النَّبِيءِ ﷺ بِذَلِكَ وهو أُمِّيٌّ لَمْ يَقْرَأْ ولَمْ يَكْتُبْ ولا خالَطَ أهْلَ الكِتابِ، ذَيَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِتَنْبِيهِ المُشْرِكِينَ إلَيْهِ وتَحْذِيرِهِمْ مِن سُوءِ عاقِبَةِ الشِّرْكِ وأنْذَرَهم إنْذارًا بَلِيغًا. وفَنَّدَ قَوْلَهم ﴿لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى﴾ [القصص: ٤٨] مِنَ الخَوارِقِ كَقَلْبِ العَصا حَيَّةً ثُمَّ انْتِقاضِهِمْ في قَوْلِهِمْ إذْ كَذَّبُوا مُوسى أيْضًا. وتَحَدّاهم بِإعْجازِ القُرْآنِ وهَدْيِهِ مَعَ هَدْيِ التَّوْراةِ. وأبْطَلَ مَعاذِيرَهم ثُمَّ أنْذَرَهم بِما حَلَّ بِالأُمَمِ المُكَذِّبَةِ رُسُلَ اللَّهِ. وساقَ لَهم أدِلَّةً عَلى وحْدانِيَّةِ اللَّهِ تَعالى وفِيها كُلُّها نِعَمٌ عَلَيْهِمْ وذَكَّرَهم بِما سَيَحِلُّ بِهِمْ يَوْمَ الجَزاءِ. (p-٦٣)وأنْحى عَلَيْهِمْ في اعْتِزازِهِمْ عَلى المُسْلِمِينَ بِقُوَّتِهِمْ ونِعْمَتِهِمْ ومالِهِمْ بِأنَّ ذَلِكَ مَتاعُ الدُّنْيا وأنَّ ما ادُّخِرَ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وأبْقى. وأعْقَبَهُ بِضَرْبِ المَثَلِ لَهم بِحالِ قارُونَ في قَوْمِ مُوسى. وتَخَلَّصَ مِن ذَلِكَ إلى التَّذْكِيرِ بِأنَّ أمْثالَ أُولَئِكَ لا يَحْظَوْنَ بِنَعِيمِ الآخِرَةِ وأنَّ العاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ. وتَخَلَّلَ ذَلِكَ إيماءٌ إلى اقْتِرابِ مُهاجَرَةِ المُسْلِمِينَ إلى المَدِينَةِ، وإيماءٌ إلى أنَّ اللَّهَ مُظْهِرُهم عَلى المُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ ﴿ونُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الأرْضِ﴾ [القصص: ٥] الآيَةَ. وخَتَمَ الكَلامَ بِتَسْلِيَةِ الرَّسُولِ ﷺ وتَثْبِيتِهِ ووَعْدِهِ بِأنَّهُ يَجْعَلُ بَلَدَهُ في قَبْضَتِهِ ويُمَكِّنُهُ مِن نَواصِي الضّالِّينَ. ويَقْرُبُ عِنْدِي أنْ يَكُونَ المُسْلِمُونَ ودُّوا أنْ تُفَصَّلَ لَهم قِصَّةُ رِسالَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ فَكانَ المَقْصُودُ انْتِفاعُهم بِما في تَفاصِيلِهِ مِن مَعْرِفَةٍ نافِعَةٍ لَهم تَنْظِيرًا لِحالِهِمْ وحالِ أعْدائِهِمْ. فالمَقْصُودُ ابْتِداءً هُمُ المُسْلِمُونَ ولِذَلِكَ قالَ تَعالى في أوَّلِها ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَبَإ مُوسى وفِرْعَوْنَ بِالحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص: ٣] أيْ لِلْمُؤْمِنِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب