الباحث القرآني
﴿وهْوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وصِهْرًا وكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ .
مُناسِبَةُ مَوْقِعِ هَذا الِاسْتِدْلالِ بَعْدَ ما قَبْلَهُ أنَّهُ اسْتِدْلالٌ بِدَقِيقِ آثارِ القُدْرَةِ في تَكْوِينِ المِياهِ وجَعْلِها سَبَبَ حَياةٍ مُخْتَلِفَةِ الأشْكالِ والأوْضاعِ. ومِن أعْظَمِها دَقائِقُ الماءِ الَّذِي خُلِقَ مِنهُ أشْرَفُ الأنْواعِ الَّتِي عَلى الأرْضِ وهو نُطْفَةُ الإنْسانِ بِأنَّها سَبَبُ تَكْوِينِ النَّسْلِ لِلْبَشَرِ، فَإنَّهُ يَكُونُ أوَّلَ أمْرِهِ ماءً، ثُمَّ يَتَخَلَّقُ مِنهُ البَشَرُ العَظِيمُ، فالتَّنْوِينُ في قَوْلِهِ (بَشَرًا) لِلتَّعْظِيمِ.
والقَصْرُ المُسْتَفادُ مِن تَعْرِيفِ الجُزْأيْنِ قَصْرُ إفْرادٍ لِإبْطالِ دَعْوى شَرِكَةِ الأصْنامِ لِلَّهِ في الإلَهِيَّةِ.
والبَشَرُ: الإنْسانُ. وقَدْ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: (﴿فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا﴾ [مريم: ١٧]) في سُورَةِ مَرْيَمَ. والضَّمِيرُ المَنصُوبُ في (فَجَعَلَهُ) عائِدٌ إلى البَشَرِ، أيْ: فَجَعَلَ البَشَرَ الَّذِي خَلَقَهُ مِنَ الماءِ نَسَبًا وصِهْرًا، أيْ: قَسَّمَ اللَّهُ البَشَرَ قِسْمَيْنِ نَسَبٍ، وصِهْرٍ. فالواوُ لِلتَّقْسِيمِ بِمَعْنى (أوْ) والواوُ أجْوَدُ مِن (أوْ) في التَّقْسِيمِ.
و(نَسَبًا وصِهْرًا) مَصْدَرانِ سُمِّيَ بِهِما صِنْفانِ مِنَ القَرابَةِ عَلى تَقْدِيرِ: ذا نَسَبٍ وصِهْرٍ وشاعَ ذَلِكَ في الكَلامِ.
والنَّسَبُ لا يَخْلُو مِن أُبُوَّةٍ وبُنُوَّةٍ وأُخُوَّةٍ لِأُولَئِكَ وبُنُوَّةٍ لِتِلْكَ الأُخُوَّةِ.
وأمّا الصِّهْرُ فَهو: اسْمٌ لِما بَيْنَ المَرْءِ وبَيْنَ قَرابَةِ زَوْجِهِ وأقارِبِهِ مِنَ العَلاقَةِ، ويُسَمّى أيْضًا مُصاهَرَةً؛ لِأنَّهُ يَكُونُ مِن جِهَتَيْنِ، وهو آصِرَةٌ اعْتِبارِيَّةٌ تَتَقَوَّمُ بِالإضافَةِ إلى ما تُضافُ إلَيْهِ، فَصِهْرُ الرَّجُلِ قَرابَةُ امْرَأتِهِ، وصِهْرُ المَرْأةِ قَرابَةُ زَوْجِها، ولِذَلِكَ يُقالُ: صاهَرَ فُلانٌ فُلانًا إذا تَزَوَّجَ مِن قَرابَتِهِ ولَوْ قَرابَةً بَعِيدَةً كَقَرابَةِ القَبِيلَةِ. وهَذا لا يَخْلُو عَنْهُ البَشَرُ المُتَزَوِّجُ وغَيْرُ المُتَزَوِّجِ.
ويُطْلَقُ الصِّهْرُ عَلى مَن لَهُ مَعَ الآخَرِ عَلاقَةُ المُصاهَرَةِ مِن إطْلاقِ المَصْدَرِ في (p-٥٦)مَوْضِعِ الوَصْفِ، فالأكْثَرُ حِينَئِذٍ أنْ يُخَصَّ بِقَرِيبِ زَوْجِ الرَّجُلِ، وأما قَرِيبُ زَوْجِ المَرْأةِ فَهو خَتَنٌ لَها أوْ حَمٌ. ولا يَخْلُو أحَدٌ عَنْ آصِرَةِ صِهْرٍ ولَوْ بَعِيدًا. وقَدْ أشارَ إلى ما في هَذا الخَلْقِ العَجِيبِ مِن دَقائِقِ نِظامِ إيجادٍ طَبِيعِيٍّ واجْتِماعِيٍّ بِقَوْلِهِ: (﴿وكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾)، أيْ: عَظِيمَ القُدْرَةِ إذْ أوْجَدَ مِن هَذا الماءِ خَلْقًا عَظِيمًا صاحِبَ عَقْلٍ وتَفْكِيرٍ فاخْتُصَّ بِاتِّصالِ أواصِرِ النَّسَبِ وأواصِرِ الصِّهْرِ، وكانَ ذَلِكَ أصْلَ نِظامِ الِاجْتِماعِ البَشَرِيِّ لِتَكْوِينِ القَبائِلِ والشُّعُوبِ وتَعاوُنِهِمْ مِمّا جاءَ بِهَذِهِ الحَضارَةِ المُرْتَقِيَةِ مَعَ العُصُورِ والأقْطارِ قالَ تَعالى: (﴿يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكم مِن ذَكَرٍ وأُنْثى وجَعَلْناكم شُعُوبًا وقَبائِلَ لِتَعارَفُوا﴾ [الحجرات: ١٣]) .
وفِي تَرْكِيبِ (﴿وكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾) مِن دَقِيقِ الإيذانِ بِأنَّ قُدْرَتَهُ راسِخَةٌ واجِبَةٌ لَهُ مُتَّصِفٌ بِها في الأزَلِ بِما اقْتَضاهُ فِعْلُ (كانَ)، وما في صِيغَةِ (قَدِيرٍ) مِنَ الدَّلالَةِ عَلى قُوَّةِ القُدْرَةِ المُقْتَضِيَةِ تَمامَ الإرادَةِ والعِلْمِ.
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَاۤءِ بَشَرࣰا فَجَعَلَهُۥ نَسَبࣰا وَصِهۡرࣰاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق