قَوْلُهُ تَعالى ﴿وهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وصِهْرًا وكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ .
واعْلَمْ أنَّ هَذا هو النوع الخامِسُ مِن دَلائِلِ التَّوْحِيدِ، وفِيهِ بَحْثانِ:
الأوَّلُ: ذَكَرُوا في هَذا الماءِ قَوْلَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ الماءُ الَّذِي خُلِقَ مِنهُ أُصُولُ الحَيَوانِ، وهو الَّذِي عَناهُ بِقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دابَّةٍ مِن ماءٍ﴾ [النُّورِ: ٤٥] .
والثّانِي: أنَّ المُرادَ النُّطْفَةُ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ﴾ [الطّارِقِ: ٦]، ﴿مِن ماءٍ مَهِينٍ﴾ [المُرْسَلاتِ: ٢٠] .
البَحْثُ الثّانِي: المَعْنى أنَّهُ تَعالى قَسَّمَ البَشَرَ قَسَمَيْنِ ذَوِي نَسَبٍ، أيْ: ذُكُورًا يُنْسَبُ إلَيْهِمْ، فَيُقالُ: فُلانُ بْنُ فُلانٍ، وفُلانَةُ بِنْتُ فُلانٍ، وذَواتِ صِهْرٍ، أيْ: إناثًا يُصاهَرُونَ ونَحْوَهُ، قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَجَعَلَ مِنهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنْثى﴾ [القِيامَةِ: ٣٩]، ﴿وكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ حَيْثُ خَلَقَ مِنَ النُّطْفَةِ الواحِدَةِ نَوْعَيْنِ مِنَ البَشَرِ الذَّكَرَ والأُنْثى.
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَاۤءِ بَشَرࣰا فَجَعَلَهُۥ نَسَبࣰا وَصِهۡرࣰاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِیرࣰا"}