الباحث القرآني
﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هاجَرُوا وجاهَدُوا في سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
قالَ الفَخْرُ: في تَعَلُّقِ هَذِهِ الآيَةِ بِما قَبْلَها وجْهانِ، أحَدُهُما: أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ هَبْ أنَّهُ لا عِقابَ عَلَيْنا فِيما فَعَلْنا، فَهَلْ نَطْمَعُ مِنهُ أجْرًا أوْ ثَوابًا ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ؛ لِأنَّ عَبْدَ اللَّهِ كانَ مُؤْمِنًا ومُهاجِرًا وكانَ بِسَبَبِ هَذِهِ المُقاتَلَةِ مُجاهِدًا يَعْنِي فَتَحَقَّقَتْ فِيهِ الأوْصافُ الثَّلاثَةُ.
الثّانِي: أنَّهُ تَعالى لَمّا أوْجَبَ الجِهادَ بِقَوْلِهِ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ﴾ [البقرة: ٢١٦] أتْبَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِ مَن يَقُومُ بِهِ اهـ.، والَّذِي يَظْهَرُ لِي أنَّ تَعْقِيبَ ما قَبْلَها بِها مِن بابِ تَعْقِيبِ الإنْذارِ بِالبِشارَةِ وتَنْزِيهٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنِ احْتِمالِ ارْتِدادِهِمْ فَإنَّ المُهاجِرِينَ لَمْ يَرْتَدَّ مِنهم أحَدٌ. وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ آياتِ التَّشْرِيعِ.
والَّذِينَ هاجَرُوا هُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ فِرارًا بِدِينِهِمْ، مُشْتَقٌّ مِنَ الهَجْرِ وهو الفِراقُ، وإنَّما اشْتُقَّ مِنهُ وزْنُ المُفاعَلَةِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ هَجْرٌ نَشَأ عَنْ عَداوَةٍ مِنَ الجانِبَيْنِ فَكُلٌّ مِنَ المُنْتَقِلِ والمُنْتَقَلِ عَنْهُ قَدْ هَجَرَ الآخَرَ وطَلَبَ بُعْدَهُ، أوِ المُفاعَلَةُ لِلْمُبالَغَةِ كَقَوْلِهِمْ: عافاكَ اللَّهُ فَيَدُلُّ عَلى أنَّهُ هَجَرَ قَوْمًا هَجْرًا شَدِيدًا، قالَ عَبْدَةُ بْنُ الطَّيِّبِ:
؎إنَّ الَّتِي ضَرَبَتْ بَيْتًا مُهاجَرَةً بِكُوفَةَ الجُنْدِ غالَتْ وُدَّها غُولُ
والمُجاهَدَةُ مُفاعَلَةٌ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الجُهْدِ وهو المَشَقَّةُ وهي القِتالُ لِما فِيهِ مِن بَذْلِ الجُهْدِ كالمُفاعَلَةِ لِلْمُبالَغَةِ، وقِيلَ: لِأنَّهُ يَضُمُّ جُهْدَهُ إلى جُهْدٍ آخَرَ في نَصْرِ الدِّينِ مِثْلَ المُساعَدَةِ وهي ضَمُّ الرَّجُلِ ساعِدَهُ إلى ساعِدِ آخَرَ لِلْإعانَةِ والقُوَّةِ، فالمُفاعَلَةُ بِمَعْنى الضَّمِّ والتَّكْرِيرِ، وقِيلَ: لِأنَّ المُجاهِدَ يَبْذُلُ جُهْدَهُ في قِتالِ مَن يَبْذُلُ جُهْدَهُ كَذَلِكَ لِقِتالِهِ فَهي مُفاعَلَةٌ حَقِيقِيَّةٌ. وفي لِلتَّعْلِيلِ.
وسَبِيلِ اللَّهِ ما يُوصِلُ إلى رِضاهُ وإقامَةِ دِينِهِ، والجِهادُ والمُجاهَدَةُ مِنَ المُصْطَلَحاتِ القُرْآنِيَّةِ والإسْلامِيَّةِ، وكَرَّرَ المَوْصُولَ لِتَعْظِيمِ الهِجْرَةِ والجِهادِ كَأنَّهُما مُسْتَقِلّانِ في تَحْقِيقِ الرَّجاءِ.
(p-٣٣٨)وجِيءَ بِاسْمِ الإشارَةِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ رَجاءَهم رَحْمَةَ اللَّهِ لِأجْلِ إيمانِهِمْ وهِجْرَتِهِمْ وجِهادِهِمْ، فَتَأكَّدَ بِذَلِكَ ما يَدُلُّ عَلَيْهِ المَوْصُولُ مِنَ الإيماءِ إلى وجْهِ بِناءِ الخَبَرِ، وإنَّما احْتِيجَ لِتَأْكِيدِهِ لِأنَّ الصِّلَتَيْنِ لَمّا كانَتا مِمّا اشْتُهِرَ بِهِما المُسْلِمُونَ وطائِفَةٌ مِنهم صارَتا كاللَّقَبِ؛ إذْ يُطْلَقُ عَلى المُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ في لِسانِ الشَّرْعِ اسْمُ الَّذِينَ آمَنُوا كَما يُطْلَقُ عَلى مُسْلِمِي قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ اسْمُ المُهاجِرِينَ فَأكَّدَ قَصْدَ الدَّلالَةِ عَلى وجْهِ بِناءِ الخَبَرِ مِنَ المَوْصُولِ.
والرَّجاءُ: تَرَقُّبُ الخَيْرِ مَعَ تَغْلِيبِ ظَنِّ حُصُولِهِ، فَإنَّ وعْدَ اللَّهِ وإنْ كانَ لا يُخْلَفُ فَضْلًا مِنهُ وصِدْقًا، ولَكِنَّ الخَواتِمَ مَجْهُولَةٌ، ومُصادَفَةُ العَمَلِ لِمُرادِ اللَّهِ قَدْ تَفُوتُ لِمَوانِعَ لا يَدْرِيها المُكَلَّفُ ولِئَلّا يَتَّكِلُوا في الِاعْتِمادِ عَلى العَمَلِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق