قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نزلت في عبد الله بن جحش وأصحابه، قالوا لرسول الله: أصبنا القوم في رجب أنرجو أن يكون لنا أجر المجاهدين في سبيل الله؟ فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [[رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 356، والواحدي في "أسباب النزول" ص 71، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 769، وقد رواه الطبري من حديث جندب بن عبد الله في "تفسيره" 4/ 306، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 384، وأبو يعلى في "مسنده" 3/ 102، وهو تمام قصة سبب النزول في الآية السابقة ومذكور في بعض رواياتها.]] يعني بمحمد ﴿هَاجَرُوا﴾ فارقوا عشائرهم وأوطانهم [["تفسيرالثعلبي" 2/ 769.]]، وأصله من الهجر، الذي هو ضِدّ الوَصْل، ومنه قيل للكلام القبيح: الهُجْرة لأنه مما ينبغي أن يهْجَر، والهاجِرة: وقتٌ يُهْجَر فيه العمل [[ينظر في هجر "تهذيب اللغة" 4/ 3717، "المفردات" ص514 - 515، "عمدة الحفاظ" 4/ 278 - 280، "لسان العرب" 8/ 4617. قال الراغب: الهجْر والهِجران: مفارقة الإنسان غيره، إما بالبدن أو باللسان أو بالقلب.]].
﴿وَجَاهَدُوا﴾ يعني: جاهدوا المشركين، ومعناه: حملوا أنفسهم على المشقة في قتالهم، ومنه: يقال: اجتهد فلان رأيه، إذا حمل نفسه على المشقة في بلوغ صواب الرأي، وأصله: من الجُهْد، الذي هو المشقة، ومنه: الجهاد، وهو الأرض الصلبة، لحمل النفس في ركوبها على المشقة [[ينظر في جهد "تهذيب اللغة" 1/ 675، "المفردات" ص 108، "عمدة الحفاظ" 1/ 405 - 406، "اللسان" 2/ 709. ونقل الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 675 عن الليث: الجَهد: ما جَهد الإنسان من مرض أو أمر شاق، فهو مجهود، قال: والجُهد لغة بهذا المعنى. وقال الفراء: بلغت الجَهد. أي: الغاية، واجْهَدُ جهْدًا في هذا الأمر. أي ابلغ فيه غايتك، وأما الجُهد فالطاقة. وقال الراغب: الجَهد والجُهد: الطاقة والمشقة، وقيل: الجَهد بالفتح: المشقة، والجُهد: الوسع.]] ﴿فِى سَبِيلِ اللَّهِ﴾ في نصرة دين الله [["تفسير الثعلبي" 2/ 769.]].
﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ﴾ قال الزجاج: إنما قال: ﴿يَرْجُونَ﴾ لأنهم عند أنفسهم غير بالغين ما يجب لله [[في (ي): (ما يحب الله).]] عليهم، ولا يعلمون ما يختم به أمرهم [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 290 - 291.]]. ﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ غفر لعبد الله بن جحش وأصحابه ما لم يعلموا ورحمهم.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}