الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ والسَّبَبُ في نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ «أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ خَرَجَ بِأمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سَبْعَةِ نَفَرٍ مِن أصْحابِهِ وهم أبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، عُكّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، وعُتْبَةُ بْنُ غَزْوانَ، وسُهَيْلُ بْنُ البَيْضاءِ، وخالِدُ ابْنُ البُكَيْرِ، وسَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ، وواقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ كانَ أمِيرَهم، فَتَأخَّرَ عَنِ القَوْمِ سَعْدٌ وعُتْبَةُ لِيَطْلُبا بَعِيرًا لَهُما ضَلَّ، فَلَقُوا عَمْرَو بْنَ الحَضْرَمِيِّ فَرَماهُ واقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ واسْتَأْسَرَ عُثْمانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ والحَكَمَ بْنَ كَيْسانَ، وغُنِمَتِ العِيرُ، وكانَ ذَلِكَ في آخِرِ لَيْلَةٍ مِن جُمادى الآخِرَةِ أوْ أوَّلِ لَيْلَةٍ مِن رَجَبٍ، فَعَيَّرَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ وقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَلامَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ولامَهُ المُسْلِمُونَ حَتّى أنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ هَذِهِ الآيَةَ.
» واخْتَلَفُوا فِيمَن سَألَ عَنْ ذَلِكَ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُشْرِكُونَ لِيُعَيِّرُوا بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، واسْتَحَلُّوا قِتالَهُ فِيهِ، وهو قَوْلُ الأكْثَرِ.
والثّانِي: أنَّهُمُ المُسْلِمُونَ سَألُوا عَنِ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ لِيَعْلَمُوا حُكْمَ ذَلِكَ.
فَأخْبَرَهُمُ اللَّهُ تَعالى: أنَّ الصَّدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وإخْراجَ أهْلِ الحَرَمِ مِنهُ والفِتْنَةَ أكْبَرُ مِنَ القَتْلِ في الشَّهْرِ الحَرامِ وفي الحَرَمِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ.
واخْتَلَفُوا في تَحْرِيمِ القِتالِ في الأشْهُرِ الحُرُمِ هَلْ نُسِخَ أمْ لا؟ فَقالَ الزُّهْرِيُّ: هو مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَقاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافَّةً كَما يُقاتِلُونَكم كافَّةً﴾ وقالَ عَطاءٌ: هو ثابِتُ الحُكْمِ، وتَحْرِيمُ القِتالِ فِيهِ باقٍ غَيْرُ مَنسُوخٍ، والأوَّلُ أصَحُّ لِما (p-٢٧٥)
تَظاهَرَتْ بِهِ الأخْبارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ غَزا هَوازِنَ بِحُنَيْنٍ، وثَقِيفًا بِالطّائِفِ، وأرْسَلَ أبا العاصِ إلى أوْطاسَ لِحَرْبِ مَن بِها مِنَ المُشْرِكِينَ في بَعْضِ الأشْهُرِ الحُرُمِ، وكانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوانِ عَلى قِتالِ قُرَيْشٍ في ذِي القِعْدَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكم عَنْ دِينِهِ﴾ أيْ يَرْجِعُ، كَما قالَ تَعالى: ﴿فارْتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا﴾ [الكَهْفِ: ٦٤] أيْ رَجَعا، ومِن ذَلِكَ قِيلَ: اسْتَرَدَّ فُلانٌ حَقَّهُ.
﴿فَيَمُتْ وهو كافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أعْمالُهُمْ﴾ أيْ بَطَلَتْ، وأصْلُ الحُبُوطِ الفَسادُ، فَقِيلَ في الأعْمالِ إذا بَطَلَتْ: حَبِطَتْ لِفَسادِها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هاجَرُوا﴾ الآيَةَ.
وَسَبَبُ نُزُولِها أنَّ قَوْمًا مِنَ المُسْلِمِينَ قالُوا في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ومَن مَعَهُ: إنْ لَمْ يَكُونُوا أصابُوا في سَفَرِهِمْ وِزْرًا فَلَيْسَ فِيهِ أجْرٌ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يَعْنِي بِاللَّهِ ورَسُولِهِ، ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا﴾ يَعْنِي عَنْ مُساكَنَةِ المُشْرِكِينَ في أمْصارِهِمْ، وبِذَلِكَ سُمِّيَ المُهاجِرُونَ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُهاجِرِينَ لِهَجْرِهِمْ دُورَهم ومَنازِلَهم كَراهَةَ الذُّلِّ مِنَ المُشْرِكِينَ وسُلْطانِهِمْ، ( وجاهَدُواْ ) يَعْنِي قاتَلُوا، وأصْلُ المُجاهَدَةِ المُفاعَلَةُ مِن قَوْلِهِمْ: جَهِدَ كَذا إذا أكَدَّهَ وشَقَّ عَلَيْهِ، فَإنْ كانَ الفِعْلُ مِنِ اثْنَيْنِ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما يُكابِدُ مِن صاحِبِهِ شِدَّةً ومَشَقَّةً قِيلَ: فُلانٌ يُجاهِدُ فُلانًا.
وَأمّا ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فَطَرِيقُ اللَّهِ، وطَرِيقُهُ: دِينُهُ.
فَإنْ قِيلَ: فَكَيْفَ قالَ: ﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ﴾ ورَحْمَةُ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ مُسْتَحَقَّةٌ؟ فَفِيهِ جَوابانِ: أحَدُهُما: أنَّهم لَمّا لَمْ يَعْلَمُوا حالَهم في المُسْتَقْبَلِ جازَ أنْ يَرْجُوا الرَّحْمَةَ خَوْفًا أنْ يَحْدُثَ مِن مُسْتَقْبَلِ أُمُورِهِمْ ما لا يَسْتَوْجِبُونَها مَعَهُ.
والجَوابُ الثّانِي: أنَّهم إنَّما رَجَوُا الرَّحْمَةَ لِأنَّهم لَمْ يَتَيَقَّنُوها بِتَأْدِيَةِ كُلِّ ما أوْجَبَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ.
{"ayahs_start":217,"ayahs":["یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالࣲ فِیهِۖ قُلۡ قِتَالࣱ فِیهِ كَبِیرࣱۚ وَصَدٌّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَكُفۡرُۢ بِهِۦ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَإِخۡرَاجُ أَهۡلِهِۦ مِنۡهُ أَكۡبَرُ عِندَ ٱللَّهِۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ وَلَا یَزَالُونَ یُقَـٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ یَرُدُّوكُمۡ عَن دِینِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ۚ وَمَن یَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِینِهِۦ فَیَمُتۡ وَهُوَ كَافِرࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











