الباحث القرآني
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - مِن عِبادِهِ المُنِيبِينَ إلَيْهِ داوُدَ وسُلَيْمانَ كَما قالَ في داوُدَ ﴿فاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وخَرَّ راكِعًا وأنابَ﴾ [ص: ٢٤] وقالَ في سُلَيْمانَ ﴿وألْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أنابَ﴾ [ص: ٣٤] فَقالَ: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنّا فَضْلًا﴾ أيْ: آتَيْناهُ بِسَبَبِ إنابَتِهِ فَضْلًا مِنّا عَلى سائِرِ الأنْبِياءِ.
واخْتُلِفَ في هَذا الفَضْلِ عَلى أقْوالٍ: فَقِيلَ: النُّبُوَّةُ، وقِيلَ: الزَّبُورُ، وقِيلَ: العِلْمُ، وقِيلَ: القُوَّةُ كَما في قَوْلِهِ: ﴿واذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذا الأيْدِ﴾ [ص: ١٧] وقِيلَ: تَسْخِيرُ الجِبالِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿ياجِبالُ أوِّبِي مَعَهُ﴾ وقِيلَ: التَّوْبَةُ وقِيلَ: الحُكْمُ بِالعَدْلِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿ياداوُدُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأرْضِ فاحْكم بَيْنَ النّاسِ بِالحَقِّ﴾ [ص: ٢٦] وقِيلَ: هو إلانَةُ الحَدِيدِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿وألَنّا لَهُ الحَدِيدَ﴾ وقِيلَ: حُسْنُ الصَّوْتِ، والأوْلى أنْ يُقالَ: إنَّ هَذا المَذْكُورَ هو ما ذَكَرَهُ اللَّهُ بَعْدَهُ مِن قَوْلِهِ: ﴿ياجِبالُ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، وجُمْلَةُ ﴿ياجِبالُ أوِّبِي مَعَهُ﴾ مُقَدَّرَةٌ بِالقَوْلِ: أيْ: قُلْنا يا جِبالُ: والتَّأْوِيبُ: التَّسْبِيحُ كَما في قَوْلِهِ: ﴿إنّا سَخَّرْنا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ﴾ [ص: ١٨] .
قالَ أبُو مَيْسَرَةَ: هو التَّسْبِيحُ بِلِسانِ الحَبَشَةِ.
وكانَ إذا سَبَّحَ داوُدُ سَبَّحَتْ مَعَهُ، ومَعْنى تَسْبِيحِ الجِبالِ: أنَّ اللَّهَ يَجْعَلُها قادِرَةً عَلى ذَلِكَ، أوْ يَخْلُقُ فِيها التَّسْبِيحَ مُعْجِزَةً لِداوُدَ، وقِيلَ: مَعْنى أوِّبِي: سِيرِي مَعَهُ، مِنَ التَّأْوِيبِ الَّذِي هو سَيْرُ النَّهارِ أجْمَعَ، ومِنهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
؎لَحِقْنا بِحَيٍّ أوَّبُوا السَّيْرَ بَعْدَما دَفَعْنا شُعاعَ الشَّمْسِ والطَّرَفُ مُجْنَحُ
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿أوِّبِي﴾ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وتَشْدِيدِ الواوِ عَلى صِيغَةِ الأمْرِ، مِنَ التَّأْوِيبِ: وهو التَّرْجِيعُ أوِ التَّسْبِيحُ أوِ السَّيْرُ أوِ النَّوْحُ.
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، وقَتادَةُ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ " أُوبِي " بِضَمِّ الهَمْزَةِ أمْرًا مِن آبَ يَئُوبُ إذا رَجَعَ أيِ: ارْجِعِي مَعَهُ.
قَرَأ الجُمْهُورُ والطَّيْرَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى فَضْلًا عَلى مَعْنى: وسَخَّرْنا لَهُ الطَّيْرَ، لِأنَّ إيتاءَهُ إيّاها تَسْخِيرُها لَهُ، أوْ عَطْفًا عَلى مَحَلِّ يا جِبالُ؛ لِأنَّهُ مَنصُوبٌ تَقْدِيرًا، إذِ المَعْنى: نادَيْنا الجِبالَ والطَّيْرَ.
وقالَ سِيبَوَيْهِ، وأبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ: انْتِصابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ عَلى مَعْنى وسَخَّرْنا لَهُ الطَّيْرَ.
وقالَ الزَّجّاجُ والنَّحّاسُ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعَهُ كَما تَقُولُ: اسْتَوى الماءُ والخَشَبَةَ.
وقالَ الكِسائِيُّ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى فَضْلًا لَكِنْ عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ مَحْذُوفٍ أيْ: آتَيْناهُ فَضْلًا وتَسْبِيحَ الطَّيْرِ.
وقَرَأ السُّلَمِيُّ، والأعْرَجُ، ويَعْقُوبُ، وأبُو نَوْفَلٍ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ، ونَصْرُ بْنُ عاصِمٍ، وابْنُ هُرْمُزَ، ومَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلى لَفْظِ (p-١١٩١)الجِبالِ، أوْ عَلى المُضْمَرِ في أوِّبِي لِوُقُوعِ الفَصْلِ بَيْنَ المَعْطُوفِ والمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ﴿وألَنّا لَهُ الحَدِيدَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى آتَيْناهُ أيْ: جَعَلْناهُ لَيِّنًا؛ لِيَعْمَلَ بِهِ ما شاءَ.
قالَ الحَسَنُ: صارَ الحَدِيدُ كالشَّمْعِ يَعْمَلُهُ مِن غَيْرِ نارٍ.
وقالَ السُّدِّيُّ: كانَ الحَدِيدُ في يَدِهِ كالطِّينِ المَبْلُولِ والعَجِينِ والشَّمْعِ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشاءُ مِن غَيْرِ نارٍ ولا ضَرْبٍ بِمِطْرَقَةٍ، وكَذا قالَ مُقاتِلٌ، وكانَ يَفْرَغُ مِن عَمَلِ الدِّرْعِ في بَعْضِ يَوْمٍ.
﴿أنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ﴾ في أنْ هَذِهِ وجْهانِ: أحَدُهُما أنَّها مَصْدَرِيَّةٌ عَلى حَذْفِ حَرْفِ الجَرِّ أيْ: بِأنِ اعْمَلْ، والثّانِي أنَّها المُفَسِّرَةُ لِقَوْلِهِ: وألَنّا وفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأنَّها لا تَكُونُ إلّا بَعْدَ القَوْلِ أوْ ما هو في مَعْناهُ.
وقَدَّرَ بَعْضُهم فِعْلًا فِيهِ مَعْنى القَوْلِ فَقالَ التَّقْدِيرُ: وأمَرْناهُ أنِ اعْمَلْ.
وقَوْلُهُ: سابِغاتٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أيْ: دُرُوعًا سابِغاتٍ، والسّابِغاتُ الكَوامِلُ الواسِعاتُ، يُقالُ: سَبَغَ الدِّرْعُ والثَّوْبُ وغَيْرُهُما: إذا غَطّى كُلَّ ما هو عَلَيْهِ وفَضَلَ مِنهُ فَضْلَةٌ ﴿وقَدِّرْ في السَّرْدِ﴾ السَّرْدُ نَسْجُ الدُّرُوعِ، ويُقالُ: السَّرْدُ والزَّرْدُ كَما يُقالُ: السَّرّادُ والزَّرّادُ لِصانِعِ الدُّرُوعِ، والسَّرْدُ أيْضًا الخَرْزُ، يُقالُ: سَرَدَ يَسْرُدُ: إذا خَرَزَ، ومِنهُ سَرَدَ الكَلامَ: إذا جاءَ بِهِ مُتَوالِيًا، ومِن حَدِيثِ عائِشَةَ «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَسْرُدُ الحَدِيثَ كَسَرْدِكم» .
قالَ سِيبَوَيْهِ: ومِنهُ سَرِيدٌ أيْ: جَرِيٌّ، ومَعْنى سَرْدِ الدُّرُوعِ إحْكامُها، وأنْ يَكُونَ نِظامُ حِلَقِها وِلاءً غَيْرَ مُخْتَلِفٍ، ومِنهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
؎سَرَدَ الدُّرُوعَ مُضاعِفًا أسْرادَهُ ∗∗∗ لِيَنالَ طُولَ العَيْشِ غَيْرَ مَرُومِ
وقَوْلُ أبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ:
؎وعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما ∗∗∗ داوُدُ أوْ صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
قالَ قَتادَةُ: كانَتِ الدُّرُوعُ قَبْلَ داوُدَ ثِقالًا، فَلِذَلِكَ أُمِرَ هو بِالتَّقْدِيرِ فِيما يَجْمَعُ الخِفَّةَ والحَصانَةَ، أيْ: قَدِّرْ ما تَأْخُذُ مِن هَذَيْنِ المَعْنَيَيْنِ بِقِسْطِهِ فَلا تَقْصِدِ الحَصانَةَ فَيَثْقُلَ ولا الخِفَّةَ فَيُزِيلَ المَنَعَةَ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: التَّقْدِيرُ الَّذِي أُمِرَ بِهِ هو في قَدْرِ الحَلْقَةِ: أيْ: لا تَعْمَلْها صَغِيرَةً فَتَضْعُفَ ولا يَقْوى الدِّرْعُ عَلى الدِّفاعِ، ولا تَعْمَلْها كَبِيرَةً فَتَثْقُلَ عَلى لابِسِها.
وقِيلَ: إنَّ التَّقْدِيرَ هو في المِسْمارِ أيْ: لا تَجْعَلْ مِسْمارَ الدِّرْعِ دَقِيقًا فَيَقْلِقَ ولا غَلِيظًا فَيَفْصِمَ الحِلَقَ.
ثُمَّ خاطَبَ داوُدَ وأهْلَهُ، فَقالَ: ﴿واعْمَلُوا صالِحًا﴾ أيْ: عَمَلًا صالِحًا كَما في قَوْلِهِ: ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا﴾ ثُمَّ عَلَّلَ الأمْرَ بِالعَمَلِ الصّالِحِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أيْ: لا يَخْفى عَلَيَّ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ.
﴿ولِسُلَيْمانَ الرِّيحَ﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ الرِّيحَ بِالنَّصْبِ عَلى تَقْدِيرِ: وسَخَّرْنا لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ كَما قالَ الزَّجّاجُ، وقَرَأ عاصِمٌ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ عَنْهُ بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ والخَبَرِ أيْ: ولِسُلَيْمانَ الرِّيحُ ثابِتَةٌ أوْ مُسَخَّرَةٌ، وقَرَأ الجُمْهُورُ الرِّيحَ وقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو حَيْوَةَ وخالِدُ بْنُ إلْياسَ " الرِّياحَ " بِالجَمْعِ ﴿غُدُوُّها شَهْرٌ ورَواحُها شَهْرٌ﴾ أيْ: تَسِيرُ بِالغَداةِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وتَسِيرُ بِالعَشِيِّ كَذَلِكَ، والجُمْلَةُ إمّا مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ تَسْخِيرِ الرِّيحِ، أوْ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، والمَعْنى: أنَّها كانَتْ تَسِيرُ في اليَوْمِ الواحِدِ مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ.
قالَ الحَسَنُ: كانَ يَغْدُو مِن دِمَشْقَ فَيَقِيلُ: بِإصْطَخْرَ، وبَيْنَهُما مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْمُسْرِعِ، ثُمَّ يَرُوحُ مِن إصْطَخْرَ فَيَبِيتُ بِكابُلَ، وبَيْنَهُما مَسِيرَةُ شَهْرٍ ﴿وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ﴾ القِطْرُ: النُّحاسُ الذّائِبُ.
قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: أُجْرِيَتْ لَهُ عَيْنُ الصُّفْرِ ثَلاثَةَ أيّامٍ بِلَيالِيهِنَّ كَجَرْيِ الماءِ، وإنَّما يَعْمَلُ النّاسُ اليَوْمَ بِما أُعْطِيَ سُلَيْمانُ، والمَعْنى: أسَلْنا لَهُ عَيْنَ النُّحاسِ كَما ألَنّا الحَدِيدَ لِداوُدَ، وقالَ قَتادَةُ: أسالَ اللَّهُ لَهُ عَيْنًا يَسْتَعْمِلُها فِيما يُرِيدُ ﴿ومِنَ الجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإذْنِ رَبِّهِ﴾ مَن مُبْتَدَأٌ ويَعْمَلُ خَبَرُهُ ومِنَ الجِنِّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أوْ بِمَحْذُوفٍ عَلى أنَّهُ حالٌ، أوْ مَن يَعْمَلُ مَعْطُوفٌ عَلى الرِّيحِ ومِنِ الجِنِّ حالٌ، والمَعْنى: وسَخَّرْنا لَهُ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ حالَ كَوْنِهِ مِنَ الجِنِّ بِإذْنِ رَبِّهِ أيْ: بِأمْرِهِ.
والإذْنُ مَصْدَرٌ مُضافٌ إلى فاعِلِهِ، والجارُّ والمَجْرُورُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أيْ: مُسَخَّرًا أوْ مُيَسَّرًا بِأمْرِ رَبِّهِ ﴿ومَن يَزِغْ مِنهم عَنْ أمْرِنا﴾ أيْ: ومَن يَعْدِلْ مِنَ الجِنِّ عَنْ أمْرِنا الَّذِي أمَرْناهُ بِهِ: وهو طاعَةُ سُلَيْمانَ ﴿نُذِقْهُ مِن عَذابِ السَّعِيرِ﴾ قالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: وذَلِكَ في الآخِرَةِ، وقِيلَ: في الدُّنْيا.
قالَ السُّدِّيُّ: وكَّلَ اللَّهُ بِالجِنِّ مَلَكًا بِيَدِهِ سَوْطٌ مِنَ النّارِ، فَمَن زاغَ عَنْ أمْرِ سُلَيْمانَ ضَرَبَهُ بِذَلِكَ السَّوْطِ ضَرْبَةً فَتَحْرُقَهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - ما يَعْمَلُهُ الجِنُّ لِسُلَيْمانَ فَقالَ: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ﴾ و" مِن " في قَوْلِهِ: ﴿مِن مَحارِيبَ﴾ لِلْبَيانِ، والمَحارِيبُ في اللُّغَةِ كُلُّ مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ وهي الأبْنِيَةُ الرَّفِيعَةُ والقُصُورُ العالِيَةُ.
قالَ المُبَرِّدُ: لا يَكُونُ المِحْرابُ إلّا أنْ يُرْتَقى إلَيْهِ بِدَرَجٍ، ومِنهُ قِيلَ: لِلَّذِي يُصَلّى فِيهِ مِحْرابٌ؛ لِأنَّهُ يُرْفَعُ ويُعَظَّمُ.
وقالَ مُجاهِدٌ: المَحارِيبُ دُونَ القُصُورِ.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: المِحْرابُ أشْرَفُ بُيُوتِ الدّارِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎وماذا عَلَيْهِ إنْ ذَكَرْتُ أوانِسًا ∗∗∗ كَغِزْلانِ رَمْلٍ في مَحارِيبِ أقْيالِ
وقالَ الضَّحّاكُ: المُرادُ بِالمَحارِيبِ هُنا المَساجِدُ، والتَّماثِيلُ جَمْعُ تِمْثالٍ وهو كُلُّ شَيْءٍ مَثَّلْتَهُ بِشَيْءٍ أيْ: صَوَّرْتَهُ بِصُورَتِهِ مِن نُحاسٍ أوْ زُجاجٍ أوْ رُخامٍ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
قِيلَ: كانَتْ هَذِهِ التَّماثِيلُ صُوَرَ الأنْبِياءِ والمَلائِكَةِ والعُلَماءِ والصُّلَحاءِ، وكانُوا يُصَوِّرُونَها في المَساجِدِ لِيَراها النّاسُ فَيَزْدادُوا عِبادَةً واجْتِهادًا.
وقِيلَ: هي تَماثِيلُ أشْياءَ لَيْسَتْ مِنَ الحَيَوانِ.
وقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذا عَلى أنَّ التَّصْوِيرَ كانَ مُباحًا في شَرْعِ سُلَيْمانَ، ونُسِخَ ذَلِكَ بِشَرْعِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - .
والجِفانُ جُمَعُ جَفْنَةٍ وهي القَصْعَةُ الكَبِيرَةُ.
والجَوابِ جَمْعُ جابِيَةٍ وهي حَفِيرَةٌ كالحَوْضِ، وقِيلَ: هي الحَوْضُ الكَبِيرُ يَجْبِي الماءَ أيْ: يَجْمَعُهُ.
قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: يَعْنِي قِصاعًا في العِظَمِ كَحِياضِ الإبِلِ يَجْتَمِعُ عَلى القَصْعَةِ الواحِدَةِ ألْفُ رَجُلٍ يَأْكُلُونَ مِنها.
قالَ النَّحّاسُ: الأوْلى إثْباتُ الياءِ في الجَوابِي، ومَن حَذَفَ الياءَ قالَ سَبِيلُ الألِفِ واللّامِ أنْ تَدْخُلَ عَلى النَّكِرَةِ فَلا تُغَيُّرُها عَنْ حالِها، فَلَمّا كانَ يُقالُ: جَوابٍ ودَخَلَتِ الألِفُ واللّامُ أُقِرَّ عَلى حالِهِ فَحَذَفَ الياءَ.
قالَ الكِسائِيُّ: يُقالُ: جَبَوْتُ الماءَ وجَبَيْتُهُ في الحَوْضِ أيْ: جَمَعْتُهُ، والجابِيَةُ الحَوْضُ الَّذِي يُجْبى فِيهِ الماءُ لِلْإبِلِ.
وقالَ النَّحّاسُ (p-١١٩٢)والجابِيَةُ القِدْرُ العَظِيمَةُ والحَوْضُ العَظِيمُ الكَبِيرُ الَّذِي يُجْبى فِيهِ الشَّيْءُ أيْ: يُجْمَعُ، ومِنهُ جَبَيْتُ الخَراجَ وجَبَيْتُ الجَرادَ: جَمَعْتُهُ في الكِساءِ ﴿وقُدُورٍ راسِياتٍ﴾ قالَ قَتادَةُ: هي قُدُورُ النُّحاسِ تَكُونُ بِفارِسَ، وقالَ الضَّحّاكُ: هي قُدُورٌ تُنْحَتُ مِنَ الجِبالِ الصُّمِّ عَمِلَتْها لَهُ الشَّياطِينُ، ومَعْنى راسِياتٍ ثابِتاتٌ لا تُحْمَلُ ولا تُحَرَّكُ لِعِظَمِها.
ثُمَّ أمَرَهم - سُبْحانَهُ - بِالعَمَلِ الصّالِحِ عَلى العُمُومِ: أيْ: سُلَيْمانَ وأهْلَهُ، فَقالَ: ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا﴾ أيْ: وقُلْنا لَهُمُ اعْمَلُوا بِطاعَةِ اللَّهِ يا آلَ داوُدَ شُكْرًا لَهُ عَلى ما آتاكم أوِ اعْمَلُوا عَمَلًا شُكْرًا عَلى أنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أوْ عَمِلُوا لِلشُّكْرِ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ أوْ حالٌ أيْ: شاكِرِينَ أوْ مَفْعُولٌ بِهِ، وسُمِّيَتِ الطّاعَةُ شُكْرًا لِأنَّها مِن جُمْلَةِ أنْواعِهِ، أوْ مَنصُوبٌ عَلى المَصْدَرِيَّةِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مِن جِنْسِهِ أيِ: اشْكُرُوا شُكْرًا.
ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ أمْرِهِمْ بِالشُّكْرِ أنَّ الشّاكِرِينَ لَهُ مِن عِبادِهِ لَيْسُوا بِالكَثِيرِ فَقالَ: ﴿وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ أيِ: العامِلُ بِطاعَتِي الشّاكِرُ لِنِعْمَتِي قَلِيلٌ. وارْتِفاعُ قَلِيلٌ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ. ومِن عِبادِيَ صِفَةٌ لَهُ. والشَّكُورُ مُبْتَدَأٌ.
﴿فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ المَوْتَ﴾ أيْ: حَكَمْنا عَلَيْهِ بِهِ وألْزَمْناهُ إيّاهُ ﴿ما دَلَّهم عَلى مَوْتِهِ إلّا دابَّةُ الأرْضِ﴾ يَعْنِي الأرَضَةَ.
وقُرِئَ " الأرَضِ " بِفَتْحِ الرّاءِ أيِ: الأكْلِ، يُقالُ: أرِضَتِ الخَشَبَةُ أرَضًا: إذا أكَلَتْها الأرَضَةُ.
ومَعْنى ﴿تَأْكُلُ مِنسَأتَهُ﴾: تَأْكُلُ عَصاهُ الَّتِي كانَ مُتَّكِئًا عَلَيْها، والمِنسَأةُ: العَصا بِلُغَةِ الحَبَشَةِ، أوْ هي مَأْخُوذَةٌ مِن: نَسَأْتُ الغَنَمَ أيْ: زَجَرْتُها.
قالَ الزَّجّاجُ: المِنسَأةُ الَّتِي يُنْسَأُ بِها أيْ: يُطْرَدُ.
قَرَأ الجُمْهُورُ مِنسَأتَهُ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ. وقَرَأ ابْنُ ذَكْوانَ بِهَمْزَةٍ ساكِنَةٍ. وقَرَأ نافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو بِألِفٍ مَحْضَةٍ.
قالَ المُبَرِّدُ: بَعْضُ العَرَبِ يُبْدِلُ مِن هَمْزَتِها ألِفًا وأنْشَدَ:
؎إذا دَبَبْتَ عَلى المِنسَأةِ مِن كِبَرٍ ∗∗∗ فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ
ومِثْلُ قِراءَةِ الجُمْهُورِ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎ضَرَبْنا بِمِنسَأةٍ وجْهَهُ ∗∗∗ فَصارَ بِذاكَ مَهِينًا ذَلِيلا
ومِثْلُهُ:
؎أمِن أجْلِ حَبْلٍ لا أباكَ ضَرَبْتَهُ ∗∗∗ بِمِنسَأةٍ قَدْ جَرَّ حَبْلُكَ أحْبُلا
ومِمّا يَدُلُّ عَلى قِراءَةِ ابْنِ ذَكْوانَ قَوْلُ طَرَفَةَ:
؎أمُونٍ كَألْواحِ الأرانِ نَسَأْتُها ∗∗∗ عَلى لاحِبٍ كَأنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ
﴿فَلَمّا خَرَّ﴾ أيْ: سَقَطَ ﴿تَبَيَّنَتِ الجِنُّ﴾ أيْ: ظَهَرَ لَهم، مِن تَبَيَّنْتُ الشَّيْءَ إذا عَلِمْتَهُ أيْ: عَلِمَتِ الجِنُّ ﴿أنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ﴾ أيْ: لَوْ صَحَّ ما يَزْعُمُونَهُ مِن أنَّهم يَعْلَمُونَ الغَيْبَ لَعَلِمُوا بِمَوْتِهِ ولَمْ يَلْبَثُوا بَعْدَ مَوْتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً في العَذابِ المُهِينِ في العَمَلِ الَّذِي أمَرَهم بِهِ والطّاعَةِ لَهُ وهو إذْ ذاكَ مَيِّتٌ.
قالَ مُقاتِلٌ: العَذابُ المُهِينُ: الشَّقاءُ والنَّصَبُ في العَمَلِ. قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: كانَتِ النّاسَ في زَمانِ سُلَيْمانَ يَقُولُونَ إنَّ الجِنَّ تَعْلَمُ الغَيْبَ، فَلَمّا مَكَثَ سُلَيْمانُ قائِمًا عَلى عَصاهُ حَوْلًا مَيِّتًا، والجِنُّ تَعْمَلُ تِلْكَ الأعْمالَ الشّاقَّةَ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ في حَياةِ سُلَيْمانَ لا يَشْعُرُونَ بِمَوْتِهِ حَتّى أكَلَتِ الأرَضَةُ عَصاهُ فَخَرَّ مَيِّتًا فَعَلِمُوا بِمَوْتِهِ وعَلِمَ النّاسُ أنَّ الجِنَّ لا تَعْلَمُ الغَيْبَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ﴿تَبَيَّنَتِ الجِنُّ﴾ مِن تَبَيَّنَ الشَّيْءُ، لا مِن تَبَيَّنْتُ الشَّيْءَ أيْ: ظَهَرَ وتَجَلّى، وأنْ وما في حَيِّزِها بَدَلُ اشْتِمالٍ مِنَ الجِنِّ مَعَ تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ أيْ: ظَهَرَ أمْرُ الجِنِّ لِلنّاسِ أنَّهم لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ، أوْ ظَهَرَ أنَّ الجِنَّ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ إلَخْ.
قَرَأ الجُمْهُورُ تَبَيَّنَتْ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ مُسْنَدًا إلى الجِنِّ.
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ ويَعْقُوبُ " تُبُيِّنَتْ " عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ، ومَعْنى القِراءَتَيْنِ يُعْرَفُ مِمّا قَدَّمْنا.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةِ في المُصَنَّفِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوِّبِي مَعَهُ﴾ قالَ: سَبِّحِي مَعَهُ، ورُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أبِي مَيْسَرَةَ، ومُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ، وقَتادَةَ، وابْنِ زَيْدٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وألَنّا لَهُ الحَدِيدَ﴾ قالَ: كالعَجِينِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طُرُقٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿وقَدِّرْ في السَّرْدِ﴾ قالَ: حِلَقُ الحَدِيدِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ والحاكِمُ عَنْهُ أيْضًا ﴿وقَدِّرْ في السَّرْدِ﴾ قالَ: لا تَدُقَّ المَسامِيرَ وتُوَسِّعَ الحِلَقَ فَتَسْلَسَ، ولا تُغَلِّظَ المَسامِيرَ وتُضَيِّقِ الحِلَقَ فَتُقْصَمَ، واجْعَلْهُ قَدْرًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طُرُقٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ ﴿وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ﴾ قالَ النُّحاسُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ أيْضًا قالَ: القِطْرُ النُّحاسُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْها أحَدٌ بَعْدَ سُلَيْمانَ، وإنَّما يَعْمَلُ النّاسُ بَعْدَهُ فِيما كانَ أُعْطِيَ سُلَيْمانُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: القِطْرُ الصُّفْرُ.
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في نَوادِرِ الأُصُولِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: وتَماثِيلَ قالَ: اتَّخَذَ سُلَيْمانُ تَماثِيلَ مِن نُحاسٍ فَقالَ: يا رَبِّ انْفُخْ فِيها الرُّوحَ فَإنَّها أقْوى عَلى الخِدْمَةِ، فَنَفَخَ اللَّهُ فِيها الرُّوحَ فَكانَتْ تَخْدِمُهُ، وكانَ اسْفِنْدِيارُ مِن بَقاياهم، فَقِيلَ: لِداوُدَ وسُلَيْمانَ ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ في قَوْلِهِ: كالجَوابِ قالَ: كالجَوْبَةِ مِنَ الأرْضِ ﴿وقُدُورٍ راسِياتٍ﴾ قالَ: أثافِيُّها مِنها.
وأخْرَجَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ يَقُولُ: قَلِيلٌ مِن عِبادِيَ المُوَحِّدِينَ تَوْحِيدَهم.
وأخْرَجَ هَؤُلاءِ عَنْهُ أيْضًا قالَ: لَبِثَ سُلَيْمانُ عَلى عَصاهُ حَوْلًا بَعْدَ ما ماتَ، ثُمَّ خَرَّ عَلى رَأْسِ الحَوْلِ، فَأخَذَتِ الجِنُّ عَصًا مِثْلَ عَصاهُ ودابَّةً مِثْلَ دابَّتِهِ فَأرْسَلُوها عَلَيْها فَأكَلَتْها في سَنَةٍ، وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقْرَأُ ﴿فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ﴾ الآيَةَ، قالَ سُفْيانُ: وفي قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " وهم يَدْأبُونَ لَهُ حَوْلًا " .
وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ السُّنِّيِّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «كانَ سُلَيْمانُ إذا صَلّى رَأى شَجَرَةً نابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ لَها ما اسْمُكِ ؟ فَتَقُولُ كَذا وكَذا، فَيَقُولُ لِما أنْتِ ؟ فَتَقُولُ لِكَذا وكَذا، فَإنْ كانَتْ لِغَرْسٍ غُرِسَتْ، وإنْ كانَتْ لِدَواءٍ كُتِبَتْ، وصَلّى ذاتَ يَوْمٍ فَإذا شَجَرَةٌ نابِتَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقالَ لَها ما (p-١١٩٣)اسْمُكِ ؟ قالَتِ الخَرُّوبَ ؟ قالَ لِأيِّ شَيْءٍ أنْتِ ؟ قالَتْ لِخَرابِ هَذا البَيْتِ، فَقالَ سُلَيْمانُ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَنِ الجِنِّ مَوْتِي حَتّى يَعْلَمَ الإنْسُ أنَّ الجِنَّ لا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ، فَهَيَّأ عَصًا فَتَوَكَّأ عَلَيْها، وقَبَضَهُ اللَّهُ وهو مُتَّكِئٌ عَلَيْها، فَمَكَثَ حَوْلًا مَيِّتًا والجِنُّ تَعْمَلُ، فَأكَلَتْها الأرَضَةُ فَسَقَطَتْ، فَعَلِمُوا عِنْدَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ»، فَتَبَيَّنَتِ الإنْسُ أنَّ الجِنَّ ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ﴾ وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقْرَؤُها كَذَلِكَ، فَشَكَرَتِ الجِنُّ لِلْأرَضَةِ، فَأيْنَما كانَتْ يَأْتُوا لَها بِالماءِ، وأخْرَجَهُ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَوْقُوفًا، وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ مَرْفُوعًا «يَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: إنِّي تَفَضَّلْتُ عَلى عِبادِي بِثَلاثٍ: ألْقَيْتُ الدّابَّةَ عَلى الحَبَّةِ ولَوْلا ذَلِكَ لَكَنَزَها المُلُوكُ كَما يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ، وألْقَيْتُ النَّتْنَ عَلى الجَسَدِ ولَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَدْفِنْ حَبِيبٌ حَبِيبَهُ، واسْتَلَبْتُ الحُزْنَ ولَوْلا ذَلِكَ لَذَهَبَ النَّسْلُ» .
{"ayahs_start":10,"ayahs":["۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلࣰاۖ یَـٰجِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُۥ وَٱلطَّیۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِیدَ","أَنِ ٱعۡمَلۡ سَـٰبِغَـٰتࣲ وَقَدِّرۡ فِی ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُوا۟ صَـٰلِحًاۖ إِنِّی بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ","وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ غُدُوُّهَا شَهۡرࣱ وَرَوَاحُهَا شَهۡرࣱۖ وَأَسَلۡنَا لَهُۥ عَیۡنَ ٱلۡقِطۡرِۖ وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن یَعۡمَلُ بَیۡنَ یَدَیۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَمَن یَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ","یَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا یَشَاۤءُ مِن مَّحَـٰرِیبَ وَتَمَـٰثِیلَ وَجِفَانࣲ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورࣲ رَّاسِیَـٰتٍۚ ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرࣰاۚ وَقَلِیلࣱ مِّنۡ عِبَادِیَ ٱلشَّكُورُ","فَلَمَّا قَضَیۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦۤ إِلَّا دَاۤبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ٱلۡغَیۡبَ مَا لَبِثُوا۟ فِی ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِینِ"],"ayah":"۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلࣰاۖ یَـٰجِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُۥ وَٱلطَّیۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِیدَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق