الباحث القرآني

(ولقد آتينا داود منا فضلاً) أي آتيناه بسبب إنابته فضلاً منا على سائر الأنبياء، واختلف في هذا الفضل على أقوال فقيل النبوة وقيل الزبور وقيل العلم، وقيل القوة كما في قوله (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) وقيل تسخير الجبال كما في قوله (يا جبال أوّبي معه)، وقيل التوبة، وقيل الحكم بالعدل، كما في قوله (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق)، وقيل هو إلانة الحديد كما في قوله: (وألنا له الحديد)، وقيل حسن الصوت والأولى أن يقال: إن هذا الفضل المذكور هو ما ذكره الله بعده من قوله. (يا جبال) إلى آخر الآية أي قلنا له يا جبال (أوبي معه) التأويب التسبيح كما في قوله: (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن)، قال أبو ميسرة: هو التسبيح بلسان الحبشة، وقال ابن عباس: أوّبي سبحي. وروي مثله عن مجاهد وعكرمة وابن زيد وكان إذا سبح داود سبحت الجبال معه، ومعنى تسبيحها أن الله يجعلها قادرة على ذلك أو يخلق فيها التسبيح معجزة لداود، وقيل معنى أوبي سيري معه من التأويب الذي هو سير النهار، أجمع قراء العامة أوبي على صيغة الأمر من التأويب وهو الترجيع والتسبيح أو السير أو النوح، وقرىء أوبي بضم الهمزة أمراً من آب يؤوب إذا رجع أي ارجعي معه. (والطير) بالنصب عطفاً على (فضلاً) على معنى وسخرنا له الطير، لأن إيتاءه إياها تسخيرها له أو نادينا الجبال والطير، وقال سيبويه وأبو عمرو ابن العلاء: انتصابه بفعل مضمر على معنى وسخرنا له الطير وقال الزجاج والنحاس: يجوز أن يكون مفعولاً معه، كما تقول: استوى الماء والخشية، وقال الكسائي أي آتيناه فضلا وتسبيح الطير، وفي هذا النظم من الفخامة ما لا يخفى. (وألنا له الحديد) أي جعلناه ليناً له ليعمل به ما شاء. قال ابن عباس: كالعجين وقال الحسن: كالشمع يعمله من غير نار، وقال السدي: كان الحديد في يده كالطين المبلول والعجين والشمع يصرفه كيف يشاء من غير نار ولا ضرب بمطرقة، وكذا قال مقاتل، وكان يفرغ من عمل الدرع في بعض يوم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب