الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنّا فَضْلا﴾ وهو النُّبُوَّةُ والزَّبُورُ وتَسْخِيرُ الجِبالِ والطَّيْرِ، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا أنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ ﴿يا جِبالُ أوِّبِي مَعَهُ﴾ ورَوى الحَلَبِيُّ عَنْ عَبْدِ الوارِثِ: " أُوبِي " بِضَمِّ الهَمْزَةِ وتَخْفِيفِ الواوِ. قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: وقُلْنا: يا جِبالُ أوِّبِي مَعَهُ، أيْ: رَجِّعِي مَعَهُ. والمَعْنى: سَبِّحِي مَعَهُ ورَجِّعِي التَّسْبِيحَ. ومَن قَرَأ: " أُوبِي "، مَعْناهُ: عُودِي في التَّسْبِيحِ مَعَهُ كُلَّما عادَ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: " أوِّبِي " أيْ: سَبِّحِي، وأصْلُ التَّأْوِيبِ في السَّيْرِ، وهو أنْ يَسِيرَ النَّهارَ كُلَّهُ، ويَنْزِلَ لَيْلًا، فَكَأنَّهُ أرادَ: ادْأبِي النَّهارَ [كُلَّهُ] بِالتَّسْبِيحِ إلى اللَّيْلِ.
(p-٤٣٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والطَّيْرَ﴾ وقَرَأ أبُو رَزِينٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وأبُو العالِيَةِ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: " والطَّيْرُ " بِالرَّفْعِ. فَأمّا قِراءَةُ النَّصْبِ، فَقالَ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ: هو عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنّا فَضْلا﴾ ﴿والطَّيْرَ﴾ أيْ: وسَخَّرْنا لَهُ الطَّيْرَ. قالَ الزَّجّاجُ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونُ نَصْبًا عَلى النِّداءِ، كَأنَّهُ قالَ: دَعَوْنا الجِبالَ والطَّيْرَ، فالطَّيْرُ مَعْطُوفٌ عَلى مَوْضِعِ الجِبالِ، وكُلُّ مُنادًى عِنْدَ البَصْرِيِّينَ فَهو في مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ قالَ: وأمّا الرَّفْعُ، فَمِن جِهَتَيْنِ، إحْداهُما: أنْ يَكُونُ نَسَقًا عَلى ما في " أوِّبِي، فالمَعْنى: يا جِبالُ رَجِّعِي التَّسْبِيحَ مَعَهُ أنْتِ والطَّيْرُ؛ والثّانِيَةُ: عَلى النِّداءِ، المَعْنى: يا جِبالُ ويا أيُّها الطَّيْرُ أوِّبِي [مَعَهُ]
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَتِ الطَّيْرُ تُسَبِّحُ مَعَهُ إذا سَبَّحَ، وكانَ إذا قَرَأ لَمْ تَبْقَ دابَّةٌ إلّا اسْتَمَعَتْ لِقِراءَتِهِ وبَكَتْ لِبُكائِهِ. وقالَ وهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: كانَ يَقُولُ لِلْجِبالِ: سَبِّحِي، ولِلطَّيْرِ: أجِيبِي، ثُمَّ يَأْخُذُ هو في تِلاوَةِ الزَّبُورِ بَيْنَ ذَلِكَ بِصَوْتِهِ الحَسَنِ، فَلا يَرى النّاسُ مَنظَرًا أحْسَنَ مِن ذَلِكَ، ولا يَسْمَعُونَ شَيْئًا أطْيَبَ مِنهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَألَنّا لَهُ الحَدِيدَ﴾ أيْ: جَعَلْناهُ لَيِّنًا. قالَ قَتادَةُ: سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الحَدِيدَ بِغَيْرِ نارٍ، فَكانَ يُسَوِّيهِ بِيَدِهِ، لا يُدْخِلُهُ النّارَ، ولا يَضْرِبُهُ بِحَدِيدَةٍ، وكانَ أوَّلَ مَن صَنَعَ الدُّرُوعَ، وكانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ صَفائِحَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنِ اعْمَلْ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ: وقُلْنا لَهُ: اعْمَلْ، ويَكُونُ في مَعْنى " لِأنْ يَعْمَلَ " ﴿سابِغاتٍ﴾ أيْ: دُرُوعًا سابِغاتٍ، فَذَكَرَ الصِّفَةَ لِأنَّها تَدُلُّ عَلى المَوْصُوفِ.
قالَ المُفَسِّرُونَ: كانَ يَأْخُذُ الحَدِيدَ بِيَدِهِ فَيَصِيرُ كَأنَّهُ عَجِينٌ يَعْمَلُ بِهِ ما يَشاءُ، (p-٤٣٧)فَيَعْمَلُ الدِّرْعَ في بَعْضِ يَوْمٍ فَيَبِيعُهُ بِمالٍ كَثِيرٍ، فَيَأْكُلُ ويَتَصَدَّقُ. والسّابِغاتُ: الدُّرُوعُ الكَوامِلُ الَّتِي تُغَطِّي لابِسَها حَتّى تَفْضُلَ عَنْهُ فَيَجُرَّها عَلى الأرْضِ.
﴿وَقَدِّرْ في السَّرْدِ﴾ أيِ: اجْعَلْهُ عَلى قَدْرِ الحاجَةِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: السَّرْدُ: النَّسْجُ، ومِنهُ يُقالُ لِصانِعِ الدُّرُوعِ: سَرّادٌ وزَرّادٌ، تُبْدَلُ مِنَ السِّينِ الزّايُ، كَما يُقالُ: سِراطٌ وزِراطٌ. وقالَ الزَّجّاجُ: السَّرْدُ في اللُّغَةِ: تَقْدِمَةُ الشَّيْءِ إلى الشَّيْءِ تَأتِي بِهِ مُتَّسِقًا بَعْضُهُ في إثْرِ بَعْضٍ مُتَتابِعًا. ومِنهُ قَوْلُهُمْ: سَرَدَ فُلانٌ الحَدِيثَ.
وَفِي مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: عَدِّلِ المِسْمارَ في الحَلْقَةِ ولا تُصَغِّرْهُ فَيَقْلَقَ، ولا تُعَظِّمْهُ فَتَنْفَصِمَ الحَلْقَةُ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
والثّانِي: لا تَجْعَلْ حِلَقَهُ واسِعَةً فَلا تَقِي صاحِبَها، قالَهُ قَتادَةُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واعْمَلُوا صالِحًا﴾ خِطابٌ لِداوُدَ وآلِهِ.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلࣰاۖ یَـٰجِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُۥ وَٱلطَّیۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِیدَ","أَنِ ٱعۡمَلۡ سَـٰبِغَـٰتࣲ وَقَدِّرۡ فِی ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُوا۟ صَـٰلِحًاۖ إِنِّی بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"],"ayah":"۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلࣰاۖ یَـٰجِبَالُ أَوِّبِی مَعَهُۥ وَٱلطَّیۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِیدَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق