(يَوْمَ نَقُولُ) قرأ الجمهور بالنون، وقرىء بالياء، وقرىء أقول ويقال، والعامل في الظرف ما يبدل القول، أو محذوف، أي: اذكر يوم أو أنذرهم يوم نقول (لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)؟ قيل هذا الكلام على طريقة التمثيل والتخييل، ولا سؤال ولا جواب؛ وبه قال الزمخشري، والأولى أنه على طريقة التحقيق ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع، قال الكرخي: جعل الزمخشري هذا من باب المجاز مردود، لما ورد: تحاجت النار والجنة، واشتكت النار إلى ربها، ولا مانع من ذلك فقد سبح الحصى، وسلم الحجر على النبي صلى الله عليه وسلم، ولو فتح باب المجاز فيه لاتسع الخرق. قال النسفي: هذا على تحقيق القول من جهنم، وهو غير مستنكر، كإنطاق الجوارح والسؤال لتوبيخ الكفار، لعلمه تعالى أنها قد امتلأت أم لا، وقال الواحدي: قال المفسرون: أراها الله تصديق قوله: (لأملأن جهنم) فلما امتلأت قال لها: هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد؟ أي قد امتلأت ولم يبق فيّ موضع لم يمتلىء. وبهذا قال عطاء ومجاهد ومقاتل بن سليمان.
وقيل: إن هذا الإستفهام بمعنى الاستزادة، أي: أنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها، وقيل إن المعنى أنها طلبت أن يزاد في سعتها لتضايقها بأهلها. والمزيد؛ إما مصدر كالمجيد، أو إسم مفعول كالمبيع، فالأول بمعنى هل من زيادة والثاني: بمعنى هل من شيء تزيد فيه؟ قال ابن عباس: وهل في من مكان يزاد فيّ؟.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم عن أنس قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط، وعزتك وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً آخر فيسكنهم في فضول الجنة [[رواه البخاري ومسلم.]] هذا لفظ مسلم، وأخرجاه أيضاًً من حديث أبي هريرة نحوه، وفيه: فأما النار فلا تمتلىء حتى يضع الله عليها رجله يقول لها قط قط، قيل معنى القدم هنا القوم المتقدم إلى النار، ومعنى الرجل العدد الكثير من الناس وغيرهم، وفي الباب أحاديث، ومذهب جمهور السلف فيها الإيمان بها من غير تأويل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل، وإمرارها على ظاهرها، وهذا هو الحق الذي لا محيد عنه، قال القرطبي في تذكرته: باب ما جاء أن جهنم في الأرض وأن البحر طبقها.
روي عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يركب البحر رجل إلا غاز أو حاج معتمر، فإن تحت البحر ناراً " ذكره أبو عمرو وضعفه، قال ابن عمر: لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم وضعفه أبو عمرو أيضاًً.
ثم لما فرغ الله سبحانه من بيان حال الكافرين شرع في بيان حال المؤمنين فقال:
{"ayah":"یَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِیدࣲ"}