الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم نقُول لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن معنى قَوْله: ﴿هَل من مزِيد﴾ أَي: قد امْتَلَأت، فَلَا مزِيد فِي، وَحَقِيقَته أَنَّك قد وفيت بِمَا وعدت، وملأتني فَلَا مَوضِع للزِّيَادَة. وَهَذَا مثل قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " وَهل ترك لنا عقيل من دَار " أَي: مَا ترك. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن معنى قَوْله: ﴿هَل من مزِيد﴾ أَي: طلب الزِّيَادَة بقوله تغيظا على الْكفَّار، وطلبا لزِيَادَة الانتقام. وَالْأول أحسن. وَقد ثَبت بِرِوَايَة أنس وَأبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " لَا تزَال جَهَنَّم تَقول هَل من مزِيد حَتَّى يضع الْجَبَّار فِيهَا قدمه فَتَقول قطّ قطّ " أَي: حسبي. وَهَذَا الْخَبَر يُؤَيّد القَوْل الثَّانِي، وَالْخَبَر من الْمُتَشَابه، وَقد بَينا وَجه الْكَلَام فِي الْمُتَشَابه. وَقَالَ بَعضهم: أَن القَوْل من جَهَنَّم هَاهُنَا على طَرِيق الْمجَاز مثل قَول الشَّاعِر: (امْتَلَأَ الْحَوْض وَقَالَ قطني ... مهلا ورويدا قد مَلَأت بَطْني) فَقَوله: قطني أَي: حسبي. وَوجه الْمجَاز فِيهِ أَنه لما امْتَلَأَ الْحَوْض وَلم يكن فِيهِ مزِيد وَكَأَنَّهُ قَالَ: قد امْتَلَأت فحسبي. كَذَلِك فِي جَهَنَّم، وَهُوَ على توسع الْكَلَام. وَالأَصَح أَن هَذَا النُّطْق من جَهَنَّم على طَرِيق الْحَقِيقَة، وَهَذَا اللَّائِق بِمذهب أهل السّنة فِي الْإِيمَان بتسبيح الجمادات، وَمَا نزل فِي ذَلِك من آي الْقُرْآن. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: لَو لم يعْص الله إِلَّا رجل وَاحِد لملأ الله مِنْهُ جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب