(إذا رأتهم) قيل: معناها إذا ظهرت لهم فكانت بمرأى الناظر في البعد، وقيل: المعنى إذا رأتهم خزنتها وقيل: إن الرؤية هنا حقيقية وكذلك التغيظ والزفير، ولا مانع من أن يجعلها الله سبحانه مدركة هذا الإدراك، وهو الأرجح ومعنى (من مكان بعيد) أنها رأتهم وهي بعيدة عنهم، قيل: بينها وبينهم مسيرة خمسمائة عام، وقيل: عام.
وعن ابن عباس قال: من مسيرة مائة عام، وذلك إذا أتى بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، يشد بكل زمام سبعون ألف ملك لو تركت لأتت على كل بر وفاجر، فترى تزفر زفرة لا تبقى قطرة من دمع إلا بدت، ثم تزفر الثانية فتقطع القلوب من أماكنها، وتبلغ القلوب الحناجر.
وعن رجل من الصحابة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " من يقل عليّ ما لم أقل، أو ادعى إلى غير والديه أو انتمى إلى غير مواليه فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً "، قيل: يا رسول الله وهل لها من عينين؟ قال: " نعم أما سمعتم الله يقول: (إذا رأتهم من مكان بعيد)؟ " أخرجه عبد بن حميد وابن جرير من طريق خالد بن دريك ونحوه عند رزين في كتابه وصححه ابن العربي في قبسه، وله لفظ بمعناه.
وأخرج الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصران، وأذنان تسمعان ولسان ينطق، يقول: إني وكلت بثلاث بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر. وبالمصورين " [[الترمذي كتاب جهنم باب 1 - الإمام أحمد 2/ 336 - 3/ 40.]] وفي الباب عن أبي سعيد قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب صحيح.
(سمعوا لها تغيظاً) أي: غلياناً كالغضبان إذا غلى صدره من الغضب، يعني: إن لها صوتاً يدل على التغيظ على الكفار أو لغليانها صوتاً يشبه صوت المغتاط. (وزفيراً) الصوت، أي سمعوا لها صوتاً يشبه صوت المتغيظ وقال قطرب: أراد علموا لها تغيظاً، وسمعوا لها زمراً، وقيل المعنى فيها تغيظاً، وزفيراً للمعذبين، كما قال لهم فيها زفير وشهيق، وفي واللام، متقاربان بأن تقول هذا الله وفي الله
{"ayah":"إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ سَمِعُوا۟ لَهَا تَغَیُّظࣰا وَزَفِیرࣰا"}