الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذا رَأتْهُمْ﴾ إلَخِ صِفَةٌ لِلسَّعِيرِ، أيْ: إذا كانَتْ مِنهم بِمَرْأى النّاظِرِ في البُعْدِ كَقَوْلِهِ ﷺ: ﴿لا تَتَراءى نارُهُما﴾ أيْ: لا تَتَقارَبانِ بِحَيْثُ تَكُونُ إحْداهُما بِمَرْأى مِنَ الأُخْرى عَلى المَجازِ كَأنَّ بَعْضَها يَرى البَعْضَ، ونِسْبَةُ الرُّؤْيَةِ إلَيْها لا إلَيْهِمْ لِلْإيذانِ بِأنَّ التَّغَيُّظَ والزَّفِيرَ مِنها لِهَجَيانِ غَضَبِها عَلَيْهِمْ عِنْدَ رُؤْيَتِها إيّاهم حَقِيقَةً أوْ تَمْثِيلًا. و"مِن" في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن مَكانٍ بَعِيدٍ﴾ إشْعارٌ بِأنَّ بُعْدَ ما بَيْنَها وبَيْنَهم مِنَ المَسافَةِ حِينَ رَأتْهم خارِجٌ عَنْ حُدُودِ البُعْدِ المُعْتادِ في المَسافاتِ المَعْهُودَةِ، وفِيهِ مَزِيدُ تَهْوِيلٍ لِأمْرِها. قالَ الكَلْبِيُّ، والسُّدِّيُّ: مِن مَسِيرَةِ عامٍ، وقِيلَ: مِن مَسِيرَةِ مِائَةِ سَنَةٍ. ﴿سَمِعُوا لَها تَغَيُّظًا وزَفِيرًا﴾ أيْ: صَوْتُ تَغَيُّظٍ عَلى تَشْبِيهِ صَوْتِ غَلَيانِها بِصَوْتِ المُغْتاظِ وزَفِيرِهِ وهو صَوْتٌ يُسْمَعُ مِن جَوْفِهِ. هَذا وإنَّ الحَياةَ لَمّا لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً عِنْدَنا بِالبِنْيَةِ أمْكَنَ أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعالى فِيها حَياةً فَتُرى وتَتَغَيَّظُ وتَزْفِرُ، وقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لِزَبانِيَتِها فَنُسِبَ إلَيْها عَلى حَذْفِ المُضافِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب