الباحث القرآني

(قل لعبادي) بثبوت الياء مفتوحة وبحذفها لفظاً لا خطاً، والقراءتان سبعيتان ويجريان في خمس مواضع من القرآن، هذا وقوله في سورة الأنبياء (إن الأرض يرثها عبادي الصالحون) وقوله في العنكبوت (يا عبادي الذين آمنوا) وقوله في سبأ (وقليل من عبادي الشكور) وفي سورة الزمر (قل يا عبادي الذين أسرفوا). (الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم) لما أمره بأن يقول للمبدلين نعمة الله كفراً الجاعلين له أنداداً ما قاله لهم، أمره سبحانه أن يقول للطائفة المقابلة لهم وهي طائفة المؤمنين هذا القول، والمقول محذوف دل عليه المذكور، أي قل لهم أقيموا الصلاة الواجبة، وإقامتها إتمام أركانها، وأنفقوا أي أخرجوا الزكاة المفروضة، وقيل أراد به جميع الإنفاق في جميع وجوه الخير والبر، والحمل على العموم أولى ويدخل فيه الزكاة دخولاً أولياً. (سراً وعلانية) قال الفراء: أي مسرين ومعلنين أو إنفاق سر وعلانية أو وقت سر وعلانية فالانتصاب على الحال أو المصدر أو الظرف. قال الجمهور السر ما خفي والعلانية ما ظهر، وقيل السر التطوع والعلانية الفرض، وقد تقدم بيان هذا عند تفسير قوله (إن تبدو الصدقات فنعما هي). (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال) قال أبو عبيدة: البيع هاهنا الفداء والخلال المخالة وهو مصدر. قال الواحدي: هذا قول جميع أهل اللغة. وقال أبو علي الفارسي: جمع خلة مثل قلة وقلال وبرمة وبرام وعلبة وعلاب، والمعنى أن يوم القيامة لا بيع فيه حتى يفتدي المقصر في العمل نفسه من عذاب الله بدفع عوض عن ذلك، وليس هناك مخالة حتى يشفع الخليل لخليله وينقذه من العذاب. فأمرهم سبحانه بالإنفاق في وجوه الخير مما رزقهم الله سبحانه ما داموا في الحياة الدنيا، قادرين على إنفاق أموالهم من قبل أن يأتي يوم القيامة فإنهم لا يقدرون على ذلك، بل لا مال لهم إذ ذاك، فالجملة لتأكيد مضمون الأمر بالإنفاق مما رزقهم الله، وممكن أن يكون فيها أيضاً تأكيد لمضمون الأمر بإقامة الصلاة، وذلك لأن تركها كثيراً ما يكون بسبب الاشتغال بالبيع ورعاية حقوق الأخلاء. قيل هذه الآية الدالة على نفي الخلة محمولة على نفيها بسبب ميل الطبيعة وشهوة النفس، والآية الدالة على حصول الخلة وثبوتها كقوله سبحانه في الزخرف (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) محمولة على الخلة الحاصلة بسبب محبة الله، ألا تراه أثبتها للمتقين فقط ونفاها عن غيرهم. وقيل أن ليوم القيامة أحوالاً مختلفة؛ ففي بعضها يشتغل كل خليل عن خليله وفي بعضها يتعاطف الأخلاء بعضهم على بعض إذا كانت تلك المخالة لله تعالى في محبته، وقد تقدم تفسير البيع والخلال.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب