الباحث القرآني
﴿قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ خَصَّهم بِالإضافَةِ إلَيْهِ تَنْوِيهًا لَهُمْ، وتَنْبِيهًا عَلى أنَّهُمُ المُقِيمُونَ لِوَظائِفِ العُبُودِيَّةِ المُوفُونَ بِحُقُوقِها. وتَرْكُ العاطِفِ بَيْنَ الأمْرَيْنِ لِلْإيذانِ بِتَبايُنِ حالِهِما بِاعْتِبارِ المَقُولِ تَهْدِيدًا، وتَشْرِيفًا. والمَقُولُ هَهُنا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الجَوابُ، أيْ: قُلْ لَهم أقِيمُوا، وأنْفِقُوا ﴿يُقِيمُوا الصَّلاةَ ويُنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ﴾ أيْ: يُداوِمُوا عَلى ذَلِكَ، وفِيهِ إيذانٌ بِكَمالِ مُطاوَعَتِهِمُ الرَّسُولَ ﷺ، وغايَةُ مُسارَعَتِهِمْ إلى الِامْتِثالِ بِأوامِرِهِ، وقَدْ جَوَّزُوا أنْ يَكُونَ المَقُولُ يُقِيمُوا، ويُنْفِقُوا بِحَذْفِ لامِ الأمْرِ عَنْهُما. وإنَّما حَسُنَ ذَلِكَ دُونَ الحَذْفِ في قَوْلِهِ:
؎ مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ إذا ما خِفْتَ مِن أمْرٍ تَبالا
. لِدَلالَةِ (قُلْ) عَلَيْهِ. وقِيلَ: هُما جَوابا أقِيمُوا، وأنْفِقُوا قَدْ أُقِيما مَقامَهُما، ولَيْسَ بِذاكَ ﴿سِرًّا وعَلانِيَةً﴾ مُنْتَصِبانِ عَلى المَصْدَرِيَّةِ مِنَ الأمْرِ المُقَدَّرِ، لا مِن جَوابِ الأمْرِ المَذْكُورِ، أيْ: أنْفِقُوا إنْفاقَ سِرٍّ وعَلانِيَةٍ. والأحَبُّ في الإنْفاقِ إخْفاءُ المُتَطَوَّعِ بِهِ، وإعْلانُ الواجِبِ. والمُرادُ: حَثُّ المُؤْمِنِينَ عَلى الشُّكْرِ لِنِعَمِ اللَّهِ سُبْحانَهُ بِالعِبادَةِ البَدَنِيَّةِ، والمالِيَّةِ، وتَرْكِ التَّمَتُّعِ بِمَتاعِ الدُّنْيا، والرُّكُونِ إلَيْها، كَما هو صَنِيعُ الكُفْرِ.
﴿مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ﴾ فَيَبْتاعُ المُقَصِّرُ ما يَتَلافى بِهِ تَقْصِيرَهُ، أوْ يَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهُ؛ والمَقْصُودُ: نَفِيُ عَقْدِ المُعاوَضَةِ بِالمَرَّةِ، وتَخْصِيصُ البَيْعِ بِالذِّكْرِ، لِلْإيجازِ مَعَ المُبالَغَةِ في نَفْيِ العَقْدِ إذِ انْتِفاءُ البَيْعِ المُسْتَلْزِمِ انْتِفاءَ الشِّراءِ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ، وانْتِفاؤُهُ بِما يُتَصَوَّرُ مَعَ تَحَقُّقِ الإيجابِ مِن قِبَلِ البائِعِ، ﴿وَلا خِلالٌ﴾ ولا مُخالَّةٌ فَيَشْفَعَ لَهُ خَلِيلٌ، أوْ يُسامِحَهُ بِمالٍ يَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهُ، أوْ مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا أثَرَ فِيهِ لِما لَهَجَوا بِتَعاطِيهِ مِنَ البَيْعِ (p-47)والمُخالَّةِ، ولا انْتِفاعَ بِذَلِكَ. وإنَّما الِانْتِفاعُ، والِارْتِفاقُ فِيهِ بِالإنْفاقِ لِوَجْهِ اللَّهِ سُبْحانَهُ. والظّاهِرُ أنَّ "مِن" مُتَعَلِّقَةٌ بِـ "أنْفِقُوا"، وتَذْكِيرُ إتْيانِ ذَلِكَ اليَوْمِ لِتَأْكِيدِ مَضْمُونِهِ كَما في سُورَةِ البَقَرَةِ. مِن حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِن فُقْدانِ الشَّفاعَةِ، وما يُتَدارَكُ بِهِ التَّقْصِيرُ مُعاوَضَةً، وتَبَرُّعًا، وانْقِطاعُ آثارِ البَيْعِ، والخِلالِ الواقِعَيْنِ في الدُّنْيا، وعَدَمُ الِانْتِفاعِ بِهِما: مِن أقْوى الدَّواعِي إلى الإتْيانِ بِما تَبْقى عَوائِدُهُ، وتَدُومُ فَوائِدُهُ مِنَ الإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، أوْ مِن حَيْثُ إنَّ ادِّخارَ المالِ وتَرْكَ إنْفاقِهِ، إنَّما يَقَعُ غالِبًا لِلتِّجاراتِ، والمُهاداةِ، فَحَيْثُ لا يُمْكِنُ ذَلِكَ في الآخِرَةِ، فَلا وجْهَ لِادِّخارِهِ إلى وقْتِ المَوْتِ، وتَخْصِيصُ التَّأْكِيدِ بِذَلِكَ لِمَيْلِ الطِّباعِ إلى المالِ، وكَوْنِها مَجْبُولَةً عَلى حُبِّهِ، والضِّنَّةِ بِهِ، ولا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا لِمَضْمُونِ الأمْرِ بِإقامَةِ الصَّلاةِ أيْضًا مِن حَيْثُ إنَّ تَرْكَها كَثِيرًا ما يَكُونُ بِالِاشْتِغالِ بِالبِياعاتِ، والمُخالّاتِ. كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإذا رَأوْا تِجارَةً أوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْها﴾ وقُرِئَ: بِالفَتْحِ فِيهِما عَلى إرادَةِ النَّفْيِ العامِّ، ودَلالَةِ الرَّفْعِ عَلى ذَلِكَ بِاعْتِبارٍ خِطابِيٍّ هو وُقُوعُهُ في جَوابِ هَلْ فِيهِ بَيْعٌ، أوْ خِلالٌ؟
{"ayah":"قُل لِّعِبَادِیَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خِلَـٰلٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق