الباحث القرآني
قوله: ﴿يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ﴾ - إلى قوله - ﴿وَلاَ خِلاَلٌ﴾.
ومعناه: يثبت الله الذين آمنوا به وبرسله وكتبه بقوله لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله: أي: يثبتهم (بذلك في الحياة الدنيا: أي: في قبورهم قبل قيام الساعة.
﴿وَفِي ٱلآخِرَةِ﴾: قال البراء بن عازب: يثبت الله الذين آمنوا بالشهادة في القبر، إذ أتاهم الملكان، فقالا: من ربك؟ فيقول ربي (الله فيقولان) ما دينك؟ فيقول: دينـ(ـي) الإسلام، فيقولان من نبيك؟ فيقول: محمد ﷺ: فذلك القول الثابت في الحياة الدنيا.
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دفن، وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك بيده مِطْرَاقٌ، فأقعده فقال (له): ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمناً: قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فيقول له: صدقت
فيفتح له باب إلى النار، فيقال (له): هذا منزلك لو كفرت بربك. فأما إذ آمنت، فإن الله أبدلك به هذا، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيريد أن ينهض فيقال له: اسكن، ثم يفسح له في قبره. وأما الكافر ، والمنافق، فيقال له: ماذا تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دَرَيْت، ولا تدريت ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له: هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذ كفرت، فإن الله عز وجل أبدلك به هذا. ثم يفتح له باب إلى النار، ثم يقمَعُهُ الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم، إلا الثقلين. فقال (له) بعض أصحابه: يا رسول الله ما منا أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلا يفشل عند ذلك فقال له النبي ﷺ: ﴿يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ﴾ الآية.
ولهذا الحديث طرق كثيرة وألفاظ زائدة على ما ذكرنا، وناقصة (عن) ما ذكرنا، والمعنى فيها قريب من الآخر.
وقيل: معنى الآية: يثبتهم الله في الحياة على الإيمان، حتى يموتوا عليه ﴿وَفِي ٱلآخِرَةِ﴾ المساءلة في القبر، قاله طاووس، وقتادة وهو اختيار جماعة من العلماء.
* * *
ومعنى ﴿وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ﴾: أي: لا يوفقهم في الحياة الدنيا إلى الإيمان، ولا في الآخرة عند المساءلة في القبر.
* * *
وقوله: ﴿وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ﴾: أي: بيده الهداية والضلالة يضل من يشاء فلا يوفقه، ويهدي من يشاء فيوفقه.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً﴾: أي: غيّروا نعمة الله، وهي كون محمد ﷺ من قريش وإرساله إليهم، فجعلوا النعمة كفراً.
قيل: نزلت في قتلى بدر من المشركين. وقيل: في كفار قريش كلهم.
* * *
قوله: ﴿وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ﴾: أي: أنزلوا قومهم من مشركي قريش دار الهلاك. يقال: بار الشيء: إذا هلك، ثم بينها فقال: ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ﴾: أي: بئس المستقر لمن صلاها.
ووقيل: نزلت في المشركين يوم بدر قاله ابن عباس.
﴿وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ﴾: يعني: الذين اتبعوهم.
وقيل: نزلت في أهل مكة عامة: أسكنهم الله عز وجل حرمه، وآتاهم نعمه، وجعلهم قوام بيته. فبدلوا ذلك كفراً.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ﴾: أي: جعل هؤلاء الذين بدلوا نعمة الله كفراً (لله) أنداداً: أي: شركاء. (﴿لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ﴾) لكي يضلوا الناس عن سبيل الله.
أي: عن الإيمان بالله، وعن إخلاص العبادة لله.
ومن فتح الياء من "ليَضلوا" فالمعنى: أنه لما آل أمرهم إلى الضلال كانوا بمنزلة من فعل ذلك ليضل عن سبيل الله.
قال ابن مسعود: كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون نُصُباً، يعني: تمثالاً، تعبدها قريش من دون الله: فهي الأنداد.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ تَمَتَّعُواْ﴾: أي: قل لهم يا محمد! تمتعوا في هذه الحياة الدنيا، وهذا على طريق التهدد، والوعيد.
﴿فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ﴾: أي عاقبتكم إلى النار تكون.
وقيل: معناه: إن الكافر لو كان في الدنيا مريضاً سقيماً، طول عمره لا يجد ما يأكل ولا (ما) يشرب لكان ذلك نعيماً عندما يصير إليه من عذاب الآخرة. ولو كان المؤمن في الدنيا لا يعرض له سقم، ولا مرض طول عمره، يتنعم بأنعم ما يكون من مأكول (في) الدنيا، ويلبس أحسن ما يكون من اللباس لكان ذلك بؤساً عندما يصير إليه من نعيم الآخرة.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ﴾:
ومعناه: قل يا محمد! لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلوات الخمس بحدودها.
﴿وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾: أي: مما خولناهم: يعني: الزكاة. سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه، أي: لا يباع ما وجب عليه من العقاب بفدية (ولا عوض).
قال أبو عبيدة: البيع هنا: الفدية.
* * *
وقوله: ﴿وَلاَ خِلاَلٌ﴾: أي: ولا مخالة خليل، فيصفح عمن استوجب العقوبة لمخاللته. والخلال مصدر خاللته، قاله الأخفش. (و) الخلال جمع خلة، وهو بمعنى: الصداقة.
وقال ابن عباس: ﴿يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ﴾ يعني: الصلوات الخمس، ﴿وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾: يعني: زكاة أموالهم.
{"ayahs_start":27,"ayahs":["یُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَیُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِینَۚ وَیَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُ","۞ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ بَدَّلُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ كُفۡرࣰا وَأَحَلُّوا۟ قَوۡمَهُمۡ دَارَ ٱلۡبَوَارِ","جَهَنَّمَ یَصۡلَوۡنَهَاۖ وَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ","وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ أَندَادࣰا لِّیُضِلُّوا۟ عَن سَبِیلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُوا۟ فَإِنَّ مَصِیرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ","قُل لِّعِبَادِیَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خِلَـٰلٌ"],"ayah":"قُل لِّعِبَادِیَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ یَوۡمࣱ لَّا بَیۡعࣱ فِیهِ وَلَا خِلَـٰلٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق