الباحث القرآني
(أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) القائم الحفيظ والمتولي للأمور، وأراد سبحانه نفسه فإنه المتولي لأمور خلقه المدبر لأحوالهم بالآجال والأرزاق وإحصاء الأعمال على كل نفس من الأنفس كائنة ما كانت، والجواب محذوف، أي أفمن هو بهذه الصفة كمن ليس بهذه الصفة من معبوداتكم التي لا تنفع ولا تضر.
قال الفراء: كأنه في المعنى أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت كشركائهم الذين اتخذوهم من دون الله، والمراد من الآية إنكار المماثلة بينهما، وقيل المراد بالقائم الملائكة الموكلون ببني آدم والأول أولى، وبه قال ابن عباس، وقال عطاء: الله قائم بالقسط والعدل على كل نفس.
(و) قد (جعلوا لله شركاء) استئناف وهو الظاهر جيء به للدلالة على الخبر المحذوف كما تقدم، وقيل الواو للحال وأقيم الظاهر مقام المضمر تقريراً للإلهية وتصريحاً بها، وقيل عطف على استهزئ أي ولقد استهزؤوا وجعلوا، وقال أبو البقاء: معطوف على كسبت أي وجعلهم لله شركاء والأول أولى.
(قل سموهم) أي عينوا حقيقتهم من أي جنس ومن أي نوع أي وما أسماؤهم، وفي هذا تبكيت لهم وتوبيخ، لأنه إنما يقال هكذا في الشيء المستحقر الذي لا يستحق أن يلتفت إليه فيقال سمه إن شئت، يعني أنه أحقر من أن يسمى وقيل أن المعنى صفوهم وبينوا أوصافهم بما يستحقون ويستأهلون به، ثم انظروا هل هي أهل لأن تعبد، وقيل المعنى سموهم بالآلهة كما تزعمون فيكون ذلك تهديداً لهم.
(أم تنبئونه) أي بل أتنبئون الله (بما لا يعلم في الأرض) من الشركاء الذين تعبدونهم مع كونه العالم بما في السماوات والأرض، وإنما خص الأرض بنفي الشريك عنها وإن لم يكن له شريك في غير الأرض أيضاً لأنهم ادعوا له شريكاً فيها (أم) أي بل أتسمونهم شركاء (بظاهر من القول) من غير أن يكون له حقيقة كتسمية الزنجي كافوراً.
وقيل المعنى قل لهم أتنبئون الله بباطن لا يعلمه أم بظاهر يعلمه، فإن قالوا بباطن لا يعلمه فقد جاءوا بدعوى باطلة، وإن قالوا بظاهر يعلمه فقل لهم سموهم فإذا سموا اللات والعزى ونحوهما فقل لهم إن الله لا يعلم لنفسه شريكاً، وقيل المعنى أم بزائل من القول باطل، قاله مجاهد، وقيل بكذب من القول، وقيل بظن باطل لا حقيقية له في الباطن، وقيل المعنى بحجة من القول ظاهرة على زعمهم قال الطيبي في هذه الآية احتجاج بليغ مبني على فنون من علم البيان.
أولها: أفمن هو قائم الخ احتجاج عليهم وتوبيخ لهم على القياس الفاسد لفقد الجهة الجامعة لها.
ثانيها: وجعلوا لله شركاء وفيه وضع المظهر موضع المضمر للتنبيه على أنهم جعلوا شركاء لمن هو فرد واحد لا يشاركه أحد في اسمه.
ثالثها: قل سموهم أي عينوا اسماءهم فقولوا فلان وفلان فهو إنكار لوجودها على وجه برهاني، كما تقول إن كان الذي تدعيه موجوداً فسمه، لأن المراد بالاسم العلم.
رابعها: أم تنبئونه بما لا يعلم، احتجاج من باب نفي الشيء، أعني المعلوم بنفي لازمه وهو العلم وهو كناية.
خامسها: أم بظاهر من القول احتجاج من باب الاستدراج والهمزة للتقرير لبعثهم على التفكير، المعنى أتقولون بأفواهكم من غير روية وأنتم ألبَّاء فتفكروا فيه لتقفوا على بطلانه.
سادسها: التدريج في كل من الإضرابات على ألطف وجه، وحيث كانت الآية مشتملة على هذه الأسأليب البديعة مع اختصارها كان الاحتجاج المذكور منادياً على نفسه بالإعجاز وإنه ليس من كلام البشر. أهـ.
(بل) إضراب عن محاجتهم بالكلية، فكأنه قيل دع ذا فإنه لا فائدة فيه لأنه (زين للذين كفروا) قرأ ابن عباس زين على البناء للفاعل على أن الذي زين لهم ذلك هو (مكرُهم) وقرأ غيره على البناء للمفعول، والمزين هو الله سبحانه أو الشيطان بإلقاء الوسوسة، ويجوز أن يسمى المكر كفراً لأن مكرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم كان كفراً، وأما معناه الحقيقي فهو الكيد أو التمويه بالأباطيل، أي كيدهم للإسلام بشركهم.
(وصدوا عن السبيل) أي صدهم الله أو صدهم الشيطان، وقرئ بالبناء للفاعل، أي صدوا غيرهم عن الإيمان، قراءتان سبعيتان، وقد يستعمل صد لازماً بمعنى أعرض.
(ومن يضلل الله) أي يجعله ضالاً ويقتضي مشيئته إضلاله (فما له من هاد) يهديه إلى الخير، وقرأ الجمهور هاد من دون إثبات الياء على اللغة الكثيرة الفصيحة وقرئ بإثباتها على اللغة القليلة وهما سبعيتان.
لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36)
ثم بين سبحانه ما يستحقونه فقال
{"ayah":"أَفَمَنۡ هُوَ قَاۤىِٕمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَاۤءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا یَعۡلَمُ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَـٰهِرࣲ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُیِّنَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّوا۟ عَنِ ٱلسَّبِیلِۗ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق