الباحث القرآني

(فإن كنت) يا محمد (في شك) هو في أصل اللغة ضم الشيء بعضه إلى بعض، ومنه شك الجوهر في العقد والشاك كأنه يضم إلى ما يتوهمه شيئاً آخر خلافه فيتردد ويتحير، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد غيره كما ورد في القرآن في غير موضع. وعن ابن عباس قال: لم يشك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسأل ونحوه عن سعيد بن جبير والحسن البصري وعن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أشك ولا أسأل وهو مرسل. (مما) أي في شك ناشئ مما (أنزلنا اليك) بأن تشك فيه، ومن للابتداء أو أنها بمعنى في من أول الأمر، قال القاضي عياض في الشفاء: احذر ثبت الله قلبك أن يخطر ببالك ما ذكره بعض المفسرين من إثبات شك النبي (- صلى الله عليه وسلم -) فيما أوحى إليه فمثل هذا لا يجوز عليه اهـ. وقال ثعلب والمبرد: أي قل يا محمد للكافر فإن كنت في شك (فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك) يعني مسلمي أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأمثاله وقد كان عبدة الأوثان يعترفون لليهود بالعلم ويقرون بأنهم اعلم منهم، فأمر الله سبحانه نبيه أن يرشد الشاكين فيما أنزله الله إليه من القرآن أن يسألوا أهل الكتاب الذين قد أسلموا فإنهم سيخبرونهم بأنه كتاب الله حقا، وأن هذا رسوله وأن التوراة شاهدة بذلك ناطقة به فإن ذلك محقق عندهم ثابت في كتبهم، والمراد إظهار نبوته عليه السلام بشهادة الأخبار، وفي هذا الوجه مع حسنه مخالفة للظاهر. قال الزجاج: إن الله خاطب الرسول وهو شامل للخلق، وهذا وجه حسن أيضاً لكن فيه بعد لأن الرسول متى كان داخلاً في هذا الخطاب كان الإيراد موجوداً، والاعتراض وارداً. ْوقيل أن في قوله (فإن) للنفى أي ما أنت في شك حتى تسأل وهذا أبعد. وقال القتيبي: المراد بهذه الآية من كان من الكفار غير قاطع بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ولا بتصديقه بل كان في شك، وقيل المراد بالخطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا غيره والمعنى لو كنت ممن يلحقه الشك فيما أخبرناك به فسألت أهل الكتاب لأزالوا عنك الشك، وقيل الشك هو ضيق الصدر أي إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر واسأل يخبرونك بصبر من قبلك من الأنبياء على أذى قومهم. وقيل معنى الآية الفرض والتقدير كأنه قال له فإن وقع لك شك مثلاً وخيل لك الشيطان خيالاً منه تقديراً، فاسأل فإنهم سخبرونك عن نبوءتك وما نزل عليك، ويعترفون بذلك لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم، وقد زال فيمن أسلم منهم ما كان مقتضياً للكتم عندهم. (لقد) أي اقسم لقد (جاءك الحق من ربك) وفي هذا بيان ما يقلع الشك من أصله ويذهب به بجملته، وهو شهادة الله سبحانه بأن هذا الذي وقع الشك فيه على اختلاف التفاسير في الشاك هو الحق الذي لا يخالطه باطل ولا تشوبه شبهة. ثم عقبه بالنهي للنبي صلى الله عليه وسلم عن الامتراء فقال (فلا تكونن من الممترين) فيما أنزل الله عليه بل تستمر على ما أنت عليه من اليقين وانتفاء الشك، ويمكن أن يكون هذا النهي له تعريضاً لغيره كما في مواطن من الكتاب العزيز، وهكذا القول في نهيه صلى الله عليه وسلم عن التكذيب في قوله تعالى
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب