الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ الآية، معنى الشك في موضوع [[في (ح) و (ز): (موضع).]] اللغة: ضم بعض الشيء إلى بعض، يقال: شك الجواهر في العقد: إذا ضم بعضها إلى بعض، وشككت الصيد: إذا رميته فنظمت يده إلى يده أو رجله إلى رجله، لا يكون الشك إلا كذلك والشكائك من الهوادج [[الهودج: مركب للنساء يصنع من العصي ثم يجعل فوقه الخشب فيقبب. انظر: "لسان العرب" (هدج) 8/ 4630 - 4631.]]: ما شك بعضها في بعض، والشكاك: البيوت المصطفة، والشكائك الأدعياء؛ لأنهم يشكون أنفسهم إلى قوم ليسوا منهم، أي: يضمون، وشك الرجل في السلاح إذا دخل فيه وضمه إلى نفسه [وألزمه إياها [[أي ألزم نفسه السلاح.]]، فإذا قالوا شك فلان في الأمر أرادوا أنه وقف نفسه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).]] [[في (ح) و (ز): (من).]] بين شيئين فيجوّز هذا [[ساقط من (ى).]] ويجوّز ذاك، فهو يضم إلى ما يتوهمه شيئًا آخر خلافه [[انظر: "تهذيب اللغة" (شك) 2/ 1914 - 1915، "اللسان" (شك) 4/ 2309 - 2310.]].
واختلفوا في هذا الخطاب لمن هو؟ فقال أكثر أهل العلم: هذا الخطاب للرسول -عليه السلام- والمراد غيره من الشكاك [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 3/ 32، "تفسير ابن جرير" 11/ 168 - 169، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 204 - 205، "تأويل مشكل القرآن" له ص 270، "معاني القرآن" للنحاس 3/ 316، "المحرر الوجيز" 7/ 217.]]؛ لأن القرآن نزل عليه بمذاهب العرب كلها، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء يريدون غيره، وكذلك يقول متمثلهم: إياك أعني واسمعي يا جارة [[المثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويقصد به شيئًا آخر، انظر: "مجمع الأمثال" 1/ 83، "جمهرة الأمثال البغدادية" 1/ 556.]]، ومثل هذا قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾ [الأحزاب: 1] الآية، الخطاب للنبي ﷺ والمراد بالوصية والعظة المؤمنون، يدل علي ذلك قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: 2] ولم يقل بما تعمل.
وقال أبو إسحاق: إن الله -عز وجل- يخاطب النبي ﷺ وذلك الخطاب شامل للخلق، والمعنى فإن كنتم في شك فاسألوا [[في (ح) و (ز): (قالوا)، وهو خطأ.]]، والدليل علي ذلك قوله في آخر السورة: ﴿إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ﴾ [يونس: 104] الآية، فَأعْلَم الله أن نبيه ليس في شك، وأمره أن يتلو عليهم ذلك، وهذا أحسن الأقوال. انتهى كلامه [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 32 بتصرف واختصار.]]، وهذا [[في (ح) و (ز): (وهو)، وهو خطأ.]] الذي ذكرنا مذهب ابن عباس [[سيأتي تخريج قوله.]]، والحسن [[رواه ابن الأنباري في "المصاحف" كما في "الدر المنثور" 3/ 571.]]، وأكثر أهل التأويل [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 3/ 32، "تفسير ابن جرير" 11/ 168 - 169، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 204 - 205، "تأويل مشكل القرآن" له ص270، "معاني القرآن" للنحاس 3/ 316، "المحرر الوجيز" 7/ 218.]].
قال ابن عباس في هذه الآية: لم يرد النبي ﷺ؛ لأنه لم يشك في الله، ولا فيما أوحى إليه، ولكن يريد من آمن به وصدقه، أمرهم أن يسألوا لئلا ينافقوا كما شك المنافقون.
وقال ابن قتيبة: الناس كانوا في عصر النبي ﷺ أصنافًا؛ منهم كافر به مكذب لا يرى إلا أن ما جاء به الباطل، وآخر: مؤمن به مصدق يعلم أن ما جاء به الحق، وشاك في الأمر لا يدري كيف هو، فهو يقدم رجلاً ويؤخر رجلاً، فخاطب الله هذا الصنف من الناس فقال: فإن كنت أيها الإنسان [[في (ى): (الناس)، وهو خطأ.]] في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد ﷺ فأسأل، قال: ووحد وهو يريد الجمع، كما قال: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ [الانفطار: 6]، و ﴿أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ﴾ [الانشقاق: 6]، ﴿فَإِذَا [[في (م): (وإذا)، وهو صواب موافق للآية 8 من سورة الزمر.]] مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ﴾ [الزمر: 49]، ولم يرد في جميع هذا [[في (ى): (هذا الجميع).]] إنسانًا بعينه إنما هو لجماعة الناس، قال: وهذا وإن كان جائزًا حسنًا، فإن المذهب الأول [["الوسيط" 2/ 559، ومعناه في "تنوير المقباس" ص 219.]] أعجب إليّ؛ لأن الكلام اتصل حتى قال: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99]، وهذا لا يجوز أن يكون إلا لرسول الله ﷺ [[يعني أن الخطاب للرسول ﷺ والمراد غيره.]]، فجعل ابن قتيبة [["تأويل مشكل القرآن" ص 269 - 274 باخصار.]] هذا الذي ذكره جوابًا آخر، ثم [[ساقط من (ح) و (ز).]] اعترض عليه بما ذكر، والأولى أن يقال: الخطاب للنبي ﷺ والمراد به هذا الصنف الشاك الذي ذكره ابن قتيبة، فيكون هذا تأكيدًا وبيانًا للقول الأول، ويسقط ذلك الاعتراض الذي ذكر. وذكروا في هذه الآية أقوالًا متكلفة بعيدة فلم أحكها [[ذكر النحاس في "معاني القرآن" 3/ 316 أربعة أقوال، وذكر الثعلبي 7/ 27، 28 ثمانية أقوال، وكذلك الرازي 17/ 160 - 161، ولأبي حيان توجيه بديع للآية حيث قال: والذي أقوله: إِنّ (إنْ) الشرطية تقتضي تعليق شيء على شيء، ولا تستلزم تحتم وقوعه ولا إمكانه، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلاً كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: 81]، ومستحيل أن يكون له ولد، فكذلك هذا مستحيل أن يكون في شك، ولما خفي هذا الوجه على أكثر الناس اختلفوا في تخريج هذه الآية. "البحر المحيط" 5/ 191.]].
وقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾، قال ابن عباس [[رواه ابن جرير 11/ 168، والبغوي 4/ 150، وأبو الشيخ عن الحسن كما في "الدر" 3/ 571.]]، والضحاك [[رواه ابن جرير 11/ 168، وابن أبي حاتم 6/ 1986، والبغوي 4/ 150.]]، ومجاهد [[رواه ابن جرير والبغوي، في الموضع السابق نفسه.]]، وابن زيد [[رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، في الموضع السابق نفسه.]]: يعني من آمن من أهل، الكتاب، كعبد الله بن سلام وأصحابه فسيشهدون [[في (ى): (فيشهدون).]] على صدق محمد ﷺ ويخبرونك بنبوته، وما قدمه الله في الكتب من ذكره، وباقي الآية والتي تليها [[يعني قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.]] حكمه على ما ذكرنا من أنه خطاب للنبي ﷺ والمراد به غيره من الشاكين.
{"ayah":"فَإِن كُنتَ فِی شَكࣲّ مِّمَّاۤ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ فَسۡـَٔلِ ٱلَّذِینَ یَقۡرَءُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكَۚ لَقَدۡ جَاۤءَكَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق