الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ ﴿فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ فَيُخْبِرُونَكَ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ. قِيلَ: هَذَا خِطَابٌ لِلرَّسُولِ ﷺ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُمْ يُخَاطِبُونَ الرَّجُلَ وَيُرِيدُونَ بِهِ غَيْرَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتق الله ﴾ ١٧٢/أ [الأحزاب: ١] ، خَاطَبَ النَّبِيَّ ﷺ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " وَلَمْ يَقُلْ: "بِمَا تَعْمَلُ" وَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ " [الطلاق: ١] . وَقِيلَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ بَيْنَ مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبٍ وَشَاكٍّ، فَهَذَا الْخِطَابُ مَعَ أَهْلِ الشَّكِّ، مَعْنَاهُ: إِنْ كُنْتَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْهُدَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ، فاسأل الذين يقرؤون الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: يَعْنِي مَنْ آمَنُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ، فَيَشْهَدُونَ عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَيُخْبِرُونَكَ بِنُبُوَّتِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ رَسُولَهُ غَيْرُ شَاكٍّ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ، يَقُولُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لِعَبْدِهِ: إِنْ كُنْتَ عَبْدِي فَأَطِعْنِي، وَيَقُولُ لِوَلَدِهِ: افْعَلْ كَذَا وَكَذَا إِنْ كُنْتَ ابْنِي، وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ. ﴿لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ مِنَ الشَّاكِّينَ. ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ وَهَذَا كُلُّهُ خِطَابٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَالْمُرَادُ مِنْهُ غَيْرُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب