الباحث القرآني
وقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ﴾ يعنى قبلة ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾: مستقبِلها، الفعل لِكلٍّ، يريد: مولٍّ وجهَه إليها.
والتولية فى هذا الموضع إقبال، وفى ﴿يولُّوكُم الأدبار﴾، ﴿ثُمَّ وَلَّيتم مُدْبِرين﴾ انصراف. وهو كقولك فى الكلام: انصرِف إلىّ، أى أقبِل إلىّ، وانصرف إلى أهلك أى اذهب إلى أهلك. وقد قرأ ابن عباس وغيره "هو مُوَلاَّها"، وكذلك قرأ أبو جعفر محمد بن علىّ، فجعَل الفعل واقعا عليه. والمعنى واحد. والله أعلم.
وقوله: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُواْ...(148 )﴾ إذا رأيت حروف الاستفهام قد وُصِلت بـ (ما)، مثل قوله: أينما، ومتى ما، وأىٌّ ما، وحيث ما، وكيف ما، و ﴿أيّاًمَََّا تدعوا﴾ كانت جزاء ولم تكن استفهاما. فإذا لم توصَل بـ (ما) كان الأغلبَ عليها الاستفهامُ، وجاز فيها الجزاء.
فإذا كانت جزاء جزمْتَ الفعلين: الفعلَ الذى مع أينما وأخواتها، وجوابَه؛ كقوله ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ﴾ فإن أدخلت الفاء فى الجواب رفعت الجواب؛ فقلت فى مثله من الكلام: أينما تكن فآتيك. كذلك قول الله - تبارك وتعالى - ﴿ومن كفر فَأُمتِّعه﴾.
فإذا كانت استفهاما رفعْتَ الفعل الذى يلى أين وكيف، ثم تجزم الفعل الثانى؛ ليكون جوابا للاستفهام، بمعنى الجزاء؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿هل أَدُلُّكُمْ على تجارةٍ تُنْجِيِكم مِن عَذابٍ أليم﴾ ثم أجاب الاستفهام بالجزم؛ فقال - تبارك وتعالى - ﴿يغفرْ لَكُمْ ذنوبَكم﴾.
فإذا أدخلت فى جواب الاستفهام فاءً نصبت كما قال الله - تبارك وتعالى - ﴿لولا أًخَّرْتنِى إلى أَجلٍ قرِيبٍ فأًصَّدّقَ﴾ فنصب.
فإذا جئت إلى العُطُوف التى تكون فى الجزاء وقد أجبته بالفاء كان لك فى العطف ثلاثة أوجه؛ إن شئت رفعت العطف؛ مثل قولك: إن تأتنى فإنى أهل ذاك، وتُؤْجَرُ وتحمدُ، وهو وجه الكلام. وإن شئت جزمت، وتجعله كالمردود على موضع الفاء. والرفعُ على ما بعد الفاء. وقد قرأت القرّاء "من يضلِلِ الله فلا هادِى له ويَذَرْهُم". رَفْع وجَزْم . وكذلك ﴿إِنْ تُبْدُوا الصّدقاتِ فَنِعِمَّا هِى وإنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوها الفقراءَ فَهْوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ويُكَفِّرُْ﴾ جَزْم ورفع. ولو نصبْتَ على ما تنصب عليه عُطُوف الجزاء إذا استغنى لأصبت؛ كما قال الشاعر: فإن يَهْلِكِ النعمانُ تُعْرَ مِطَّيةٌ * وتُخْبَأَ فى جوفِ العِيابِ قُطُوعُها وإن جزمت عطفا بعد ما نصبت تردّه على الأوّل، كان صوابا؛ كما قال بعد هذا البيت: وتَنْحِطْ حَصَانٌ آخِرَ اللّيلِ نَحْطةً * تَقَصَّمُ مِنها - أَو تَكادُ - ضُلوعها وهو كثير فى الشعر والكلام. وأكثر ما يكون النصب فى العُطُوف إذا لم تكن فى جواب الجزاء الفاءُ، فإذا كانت الفاءُ فهو الرفع والجزم.
وإذا أجبت الاستفهام بالفاء فنصبت فانصِبِ العطوف، وإن جزمتها فصواب. من ذلك قوله فى المنافقين ﴿لَوْلاَ أَخَّرْتَنِى إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّق وأََكُنْ" رددت "وأَكُنْ" على موضع الفاء؛ لانها فى محلّ جزمٍ؛ إذ كان الفعل إذا وقع موقعها بغير الفاء جُزم. والنصب على أن تردّه على ما بعدها، فتقول: "وأكونَ" وهى فى قراءة عبدالله بن مسعود "وأكون" بالواو، وقد قرأ بها بعض القُرّاء. قال: وأرى ذلك صوابا؛ لأن الواو ربما حذفت من الكتَاب وهى تراد؛ لكثرة ما تُنْقَص وتُزاد فى الكلام؛ ألا ترى أنهم يكتبون "الرحمن" وسُلَيمن بطرح الألف والقراءةُ بإثباتها؛ فلهذا جازت. وقد أُسقطت الواو من قوله {سَنَدْعُ الزَّبانِية﴾ ومن قوله ﴿وَيَدْعُ الإِنْسانُ بالشّرِّ﴾ الآية، والقراءة على نيَّة إثبات الواو. وأسقطوا من الأَيكةِ ألِفين فكتبوها فى موضع ليكة، وهى فى موضع آخر الأَيْكة، والقُرَّاء علىالتمام، فهذا شاهد على جواز "وأكون من الصَّالِحينَ".
وقال بعض الشعراء: فأَبلُونِى بَلِيَّتَكُم لَعَلِّى * أُصلُكُمْ وأَسْتَدْرِجْ نَوَيّا فجزم (وأستدرجْ). فإن شئت رددته إلى موضع الفاء المضمرة فى لعلّى، وإن شئت جعلته فى موضع رفع فسكّنْت الجيم لكثرة توالى الحركات. وقد قرأ بعض القراء "لا يَحْزُنْهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَر" بالجزم وهم ينوون الرفع، وقرءوا "أَنُلْزِمْكُموها وأَنْتُمْ لها كارِهون" والرفع أحبُّ إلىَّ من الجزم.
وقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ...148)﴾ العرب تقول: هذا أمر ليس له وِجهة، وليس له جِهة، وليس له وَجْه؛ وسمعتهم يقولون: وجِّه الحَجَر، جِهَةٌ مّاله، ووِجْهةُ مّاله، ووَجْهٌ مّاله. ويقولون: ضَعْه غير هذه الوضْعة، والضِّعة، والضَعَة. ومعناه: وجّه الحَجَر فله جهة؛ وهو مَثَل، أصله فى البناء يقولون: إذا رأيت الحجر فى البناء لم يقع موقعه فأدِرْه فإنك ستقع على جهته. ولو نصبوا على قوله: وجِّهه جِهتَه لكان صوابا.
{"ayah":"وَلِكُلࣲّ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّیهَاۖ فَٱسۡتَبِقُوا۟ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِۚ أَیۡنَ مَا تَكُونُوا۟ یَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِیعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق