قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ يَعْنِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَأَصْحَابَهُ ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ يَعْنِي يَعْرِفُونَ مُحَمَّدًا ﷺ ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَانِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ فَكَيْفَ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا عُمَرُ لَقَدْ عَرَفْتُهُ حِينَ رَأَيْتُهُ كَمَا عَرَفْتُ ابْنِي وَمَعْرِفَتِي بِمُحَمَّدٍ ﷺ أَشَدُّ مِنْ مَعْرِفَتِي بِابْنِي، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ نَعَتَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِنَا وَلَا أَدْرِي مَا تَصْنَعُ النِّسَاءُ، فَقَالَ عُمَرُ وَفَّقَكَ اللَّهُ يَا ابْنَ سَلَامٍ فَقَدْ صَدَقْتَ [[أخرجه الثعلبي من حديث ابن عباس. وفيه الكلبي وهو كذاب الفتح السماوي ١ / ١٩٥. انظر: الوسيط للواحدي: ١ / ٢١٥، أسباب النزول له أيضا ص ٤٠.]] ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ يَعْنِي صِفَةَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَأَمْرَ الْكَعْبَةِ ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ ثُمَّ قَالَ
﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ أَيْ هَذَا الْحَقُّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ وَقِيلَ رُفِعَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ الشَّاكِّينَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ﴾ أَيْ لِأَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ قِبْلَةٌ وَالْوِجْهَةُ اسْمٌ لِلْمُتَوَجَّهِ إِلَيْهِ ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ أَيْ مُسْتَقْبِلُهَا وَمُقْبِلٌ إِلَيْهَا يُقَالُ: وَلَّيْتُهُ وَوَلَّيْتُ إِلَيْهِ: إِذَا أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ [[وفي "أ" عليه.]] ، وَوَلَّيْتُ عَنْهُ إِذَا أَدْبَرْتُ عَنْهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ مُوَلِّيهَا وَجْهَهُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ، هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَعْنِي اللَّهُ مُوَلِّي الْأُمَمِ إِلَى قِبْلَتِهِمْ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ: مُوَلَّاهَا، أَيِ: الْمُسْتَقْبِلُ مَصْرُوفٌ إِلَيْهَا ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ أَيْ إِلَى الْخَيِّرَاتِ، يُرِيدُ: بَادَرُوا بِالطَّاعَاتِ، وَالْمُرَادُ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْقَبُولِ ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا﴾ أَنْتُمْ وَأَهْلُ الْكِتَابِ ﴿يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾
قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِالْيَاءِ والباقون بالتاء ٢١/أ
{"ayahs_start":146,"ayahs":["ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا یَعۡرِفُونَ أَبۡنَاۤءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنۡهُمۡ لَیَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ","ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِینَ","وَلِكُلࣲّ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّیهَاۖ فَٱسۡتَبِقُوا۟ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِۚ أَیۡنَ مَا تَكُونُوا۟ یَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِیعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","وَمِنۡ حَیۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"وَلِكُلࣲّ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّیهَاۖ فَٱسۡتَبِقُوا۟ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِۚ أَیۡنَ مَا تَكُونُوا۟ یَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِیعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}