الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ: النَّبِيُّ أَوْلى أحقّ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أن يحكم فيهم بما شاء فيجوز حكمه عليهم.
قال ابن عبّاس وعطا: يعني إذا دعاهم النبيّ (عليه السلام) إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبيّ أولى بهم من طاعة أنفسهم، وقال مقاتل: يعني طاعة النبي (عليه السلام) أولى من طاعة بعضكم لبعض، وقال ابن زيد: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ كما أنت أولى بعبدك، فما قضى فيهم من أمر، جار، كما أنّ كلّ ما قضيت على عبدك جار. وقيل: إنّه (عليه السلام) أولى بهم في إمضاء الأحكام وإقامة الحدود عليهم لما فيه من مصلحة الخلق والبعد من الفساد. وقيل: إنّه أولى بهم في الحمل على الجهاد وبذل النفس دونه، وقالت الحكماء: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، لأنّ أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم، والنبيّ يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم، وقال أبو بكر الورّاق: لأنّ النبيّ يدعوهم إلى العقل، وأنفسهم تدعوهم إلى الهوى، وقال بسام بن عبد الله العراقي: لأنّ أنفسهم تحترس من نار الدّنيا، والنبيّ يحرسهم من نار العقبى.
وروى سفيان عن طلحة عن عطاء عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وهو أب لهم.
وروى سفيان عن عمرو عن بجالة أو غيره قال: مرّ عمر بن الخطّاب بغلام وهو يقرأ في المصحف النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وهو أب لهم. فقال: يا غلام حكّها. قال: هذا مصحف أبي، فذهب إليه فسأله، فقال: إنّه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق في الأسواق. وقال عكرمة: أخبرت أنّه كان في الحرف الأوّل: وهو أبوهم.
أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري قال: أخبرني أبو بكر بن مالك القطيعي، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبي قال: أخبرني أبو عامر وشريح قالا: قال [فليح] بن سليمان، عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عميرة، عن النبيّ صلّى الله عليه، قال: «ما من مؤمن إلّا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤا إن شئتم النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فأيّما مؤمن هلك [[في المصدر: مات.]] وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فإنّي أنا مولاه» [5] [[مسند أحمد: 2/ 334، وصحيح البخاري: 3/ 85 ط. اسلامبول 1401 هـ.]] .
وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ يعني كأمّهاتهم في الحرمة، نظيره قوله تعالى: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ [[سورة آل عمران: 133.]] أي كالسماوات، وإنّما أراد الله تعالى تعظيم حقّهن وحرمتهن، وإنّه لا يجوز نكاحهن لا في حياة النبيّ صلّى الله عليه إن طلّق ولا بعد وفاته، هنّ حرام على كلّ مؤمن كحرمة أمّه، ودليل هذا التأويل أنّه لا يحرم على الولد رؤية الأمّ، وقد حرّم الله رؤيتهنّ على الأجنبيين، ولا يرثنّهم ولا يرثونهنّ، فعلموا أنّهن أمّهات المؤمنين من جهة الحرمة، وتحريم نكاحهنّ عليهم.
روى سفيان، عن خراش، عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت امرأة لعائشة: يا أمّاه، فقالت: أنا لست بأمّ لك إنّما أنا أمّ رجالكم.
قوله: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ يعني في الميراث.
قال قتادة: كان المسلمون يتوارثون بالهجرة، وكان لا يرث الأعرابي المسلم من المهاجر شيئا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وخلط المؤمنين بعضهم ببعض فصارت المواريث بالملك والقرابات.
وقال الكلبي: آخى رسول الله ﷺ بين الناس، وكان يؤاخي بين الرجلين، فإذا مات أحدهما ورثه الباقي منهما دون عصبته وأهله، فمكثوا بذلك ما شاء الله حتّى نزلت هذه الآية:
وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الذين آخى رسول الله بينهم وَالْمُهاجِرِينَ فنسخت هذه الآية الموارثة بالمؤاخاة والهجرة، وصارت للأدنى فالأدنى من القرابات
، وقيل: أراد إثبات الميراث بالإيمان والهجرة.
ثمّ قال: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً يعني: إلّا أن توصوا لذوي قرابتكم من المشركين فتجوز الوصية لهم، وإن كانوا من غير أهل الإيمان والهجرة، وهذا قول محمد بن الحنفية وقتادة وعطاء وعكرمة. وقال ابن زيد ومقاتل: يعني: إلّا أن توصوا لأوليائكم من المهاجرين. وقال مجاهد: أراد بالمعروف النصرة وحفظ الحرمة لحقّ الإيمان والهجرة كانَ ذلِكَ الذي ذكرت من أنّ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، وأنّ المشرك لا يرث المسلم فِي الْكِتابِ في اللوح المحفوظ مَسْطُوراً مكتوبا. وقال القرظي: في التوراة.
قوله: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ على الوفاء بما حمّلوا، وأن يبشر بعضهم ببعض ويصدّق بعضهم بعضا. وَمِنْكَ يا محمّد وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وإنّما خصّ هؤلاء الخمسة بالذكر في هذه الآية لأنّهم أصحاب الشرائع والكتب وأولو العزم من الرسل وأئمّة الأمم.
وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً
أخبرنا الحسين بن محمد، عن عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقرئ، عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، عن هارون بن محمد بن بكار، عن أبيه عن سعيد يعني ابن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه قال:
«كنت أوّل النّبيّين في الخلق، وآخرهم في البعث» [6] [[الدر المنثور: 5/ 184.]] ، قال: وذلك قول الله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
فبدأ به صلّى الله عليه قبلهم. لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["ٱلنَّبِیُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَ ٰجُهُۥۤ أُمَّهَـٰتُهُمۡۗ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضࣲ فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُهَـٰجِرِینَ إِلَّاۤ أَن تَفۡعَلُوۤا۟ إِلَىٰۤ أَوۡلِیَاۤىِٕكُم مَّعۡرُوفࣰاۚ كَانَ ذَ ٰلِكَ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ مَسۡطُورࣰا","وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مِیثَـٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحࣲ وَإِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّیثَـٰقًا غَلِیظࣰا","لِّیَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِینَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَـٰفِرِینَ عَذَابًا أَلِیمࣰا"],"ayah":"لِّیَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِینَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَـٰفِرِینَ عَذَابًا أَلِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق