الباحث القرآني

﴿لِيَسْألَ الصّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمُضْمَرٍ مُسْتَأْنَفٍ مَسُوقٍ لِبَيانِ ما هو داعٍ إلى ما ذُكِرَ مِن أخْذِ المِيثاقِ، وغايَةٌ لَهُ لا بِأخْذِنا، فَإنَّ المَقْصُودَ تَذْكِيرُ نَفْسِ المِيثاقِ، ثُمَّ بَيانُ الغَرَضِ مِنهُ بَيانًا قَصْدِيًّا، كَما يُنْبِئُ عَنْهُ تَغْيِيرُ الأُسْلُوبِ بِالِالتِفاتِ إلى الغَيْبَةِ، أيْ: فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِيَسْألَ يَوْمَ القِيامَةِ الأنْبِياءَ، ووَضَعَ الصّادِقِينَ مَوْضِعَ ضَمِيرِهِمْ لِلْإيذانِ مِن أوَّلِ الأمْرِ بِأنَّهم صادِقُونَ فِيما سُئِلُوا عَنْهُ، وإنَّما السُّؤالُ لِحِكْمَةٍ تَقْتَضِيهِ، أيْ: لِيَسْألَ الأنْبِياءَ الَّذِينَ صَدَقُوا عَهْدَهم عَمّا قالُوهُ لِقَوْمِهِمْ، أوْ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ إيّاهم تَبْكِيتًا لَهُمْ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ﴾، أوِ المُصَدِّقِينَ لَهم عَنْ تَصْدِيقِهِمْ فَإنَّ مُصَدِّقَ الصّادِقِ صادِقٌ، وتَصْدِيقُهُ صِدْقٌ. وأمّا ما قِيلَ مِن أنَّ المَعْنى: لِيَسْألَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ صَدَقُوا عَهْدَهم حِينَ أشْهَدَهم عَلى أنْفُسِهِمْ عَنْ صِدْقِهِمْ عَهْدَهُمْ، فَيَأْباهُ مَقامُ تَذْكِيرِ مِيثاقِ النَّبِيِّينَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذابًا ألِيمًا﴾ عُطِفَ ما ذُكِرَ مِنَ المُضْمَرِ لا عَلى أخَذْنا، كَما قِيلَ. والتَّوْجِيهُ بِأنَّ بِعْثَةَ الرُّسُلِ، وأخْذَ المِيثاقِ مِنهم لِإثابَةِ المُؤْمِنِينَ، أوْ بِأنَّ المَعْنى أنَّ اللَّهَ تَعالى أكَّدَ عَلى الأنْبِياءِ الدَّعْوَةَ إلى دِينِهِ؛ لِأجْلِ إثابَةِ المُؤْمِنِينَ. تَعَسُّفٌ ظاهِرٌ أنَّهُ مُفْضٍ إلى كَوْنِ بَيانِ إعْدادِ العَذابِ الألِيمِ لِلْكافِرِينَ غَيْرَ مَقْصُودٍ بِالذّاتِ، نَعَمْ يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلى ما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيَسْألَ الصّادِقِينَ﴾ كَأنَّهُ قِيلَ: فَأثابَ المُؤْمِنِينَ، ﴿وَأعَدَّ لِلْكافِرِينَ﴾ ... الآيَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب