الباحث القرآني
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ ... الآية.
قال ابن عَبَّاس وغيره: المراد أحبار اليهود الذين كتموا أمْر محمّد ﷺ، والْكِتابِ: التوراة والإِنجيل [[أخرجه الطبري (2/ 94) برقم (2502- 2503- 2504) عن قتادة، والربيع، والسدي. وذكره ابن عطية في التفسير (1/ 241) .]] .
ع [[«المحرر الوجيز» (1/ 241) .]] : وهذه الآية وإِن كانَتْ نزلَتْ في الأحبار، فإِنها تتناوَلُ من علماء المسلمين مَنْ كتم الحقَّ مختاراً لذلك بسبب دُنْيَا يصيبُهَا، وفي ذكر البَطْنِ تنبيهٌ على مذمَّتهم بأنهم باعوا آخرتهم بحظِّهم من المطعم الذي لا خَطَرَ له، وعلى هُجْنَتِهمْ [[الهجنة من الكلام: ما يعيبك، وتقول: لا تفعل كذا فيكون عليك هجنة. ينظر: «لسان العرب» (4625- 4626) .]] بطاعة بُطُونهم، قال الرَّبِيع وغيره: سمى مأكولهم ناراً لأنه يؤول بهم إِلى النار [[ينظر: «المحرر» (1/ 241) .]] ، وقيل: يأكلون النار في جَهَنَّمَ حقيقةً.
ت: وينبغي لأهل العلْمِ التنزُّه عن أخْذ شيء من المتعلِّمين على تعليم العلْم، بل يلتمسُونَ الأجر من اللَّه عزَّ وجلَّ [[«تفسير الطبري» (3/ 330) .]] ، وقد قال تعالى لنبيِّه- عليه السلام-: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ... [الأنعام: 90] الآية، وفي سنن أبي دَاوُدَ، عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ [[هو: عبادة بن الصامت بن قيس بن صرم بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، أبو الوليد الأنصاري، الخزرجي.
من مناقبه: نزل فيه قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ [سورة المائدة:
الآية 51] لما تبرأ من حلفه مع بني قينقاع لما خانوا المسلمين في غزوة الخندق.
توفي سنة 34 بالرملة. وقيل: ببيت المقدس. وقيل: عاش إلى سنة «45» .
ينظر ترجمته في: «الثقات» (3/ 302) ، «أسد الغابة» (3/ 160) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 394) ، «أصحاب بدر» (184) ، «الإصابة» (4/ 27) ، «الطبقات» (99، 302) ، «المصباح المضيء» (1/ 85) ، «الجرح والتعديل» (6/ 95) ، «تقريب التهذيب» (1/ 395) ، «الاستيعاب» (2/ 807) ، «تهذيب التهذيب» (5/ 111) ، «التاريخ الصغير» (1/ 41، 42، 65، 66) ، «التاريخ الكبير» (6/ 92) ، «الوافي بالوفيات» (16/ 618) ، «الطبقات الكبرى» (9/ 107) ، «تهذيب الكمال» (2/ 655) ، «طبقات الحفاظ» (45) ، «الأعلام» (3/ 258) ، «الرياض المستطاب» (207) .]] ، قال: «عَلَّمْتُ نَاساً مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الكِتَابَ، وَالقُرْآنَ، وأهدى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْساً، فَقُلْتُ:
لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَأَرْمِي عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لآتِيَنَّ رَسُولَ الله ﷺ، فَلأسْأَلَنَّهُ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ أهدى إِلَيَّ قَوْساً مِمَّنْ كُنْتُ أُعَلِّمُهُ الكِتَابَ وَالقُرْآنَ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ، وَأَرْمِي عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقاً مِنْ نَارٍ، فاقبلها» ، وَفِي روايةٍ: «فَقُلْتُ مَا ترى فِيهَا، يَا رَسُولَ اللَّهُ؟ قَالَ: جَمْرَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْكَ تَقَلَّدْتَهَا أَوْ تَعَلَّقْتَهَا» [[أخرجه أبو داود (2/ 285) كتاب «الإجارة» ، باب في كسب المعلم، حديث (3416) ، وابن ماجة (2/ 729- 730) كتاب «التجارات» ، باب الأجر على تعليم القرآن، حديث (2157) ، وأحمد (5/ 315) ، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (183) من طريق المغيرة بن زياد الموصلي عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت به.]] .
انتهى.
وقوله تعالى: وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ: قيل: هي عبارةٌ عن الغضب عليهم، وإِزالة الرضَا عنهم إِذ في غير موضعٍ من القُرآن ما ظاهره أن اللَّه تعالى يكلِّم الكافرين، وقال الطبريُّ وغيره: المعنى: لا يكلِّمهم بما يحبُّونَهُ.
وَلا يُزَكِّيهِمْ، أي: لا يطهِّرهم من موجباتِ العذابِ، وقيل: المعنى: لا يسمِّيهم أزكياء.
وقوله تعالى: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ: قال جمهور المفسِّرين: «ما» تعجُّب، وهو في حيِّز المخاطبين، أي: هم أهلٌ أن تَعْجَبُوا منْهم، وممَّا يطول مُكْثُهم في النَّار، وفي التنزيل: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ [عبس: 17] وأَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ [مريم: 38] .
وقال قتادة، والحَسَنُ، وابْنُ جُبَيْر، والربيع: أظهر التعجُّب من صبرهم على النار لَمَّا عملوا عملَ مَنْ وَطَّن نفْسه علَيْها [[أخرجه الطبري (2/ 96) برقم (2508- 2509- 2510- 2511- 2512) ، عن قتادة، والحسن، وسعيد بن جبير، والربيع. وذكره ابن عطية (1/ 242) ، وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (1/ 66) عن قتادة بلفظ: «ما أجرأهم عليها» ، وذكره السيوطي في «الدر» (1/ 309) عن قتادة، وعزاه لابن جرير.]] ، وتقديره ما أجرأَهم علَى النَّارِ إِذ يعملون عملاً يؤدِّي إِليها، وذهب مَعْمَرُ بْنُ المثنى إِلى أن «ما» استفهامٌ، معناه: أيُّ شَيْءٍ صبرهم عَلَى النار [[وبه قال السدي وجماعة، كما في تفسير الطبري (3/ 332) ، عن السدي، وأبي كريب، وابن زيد، وفي «البحر» (1/ 669) عن ابن عباس والسدي، والمبرد ومعمر بن المثنى، وفي «الدر» (1/ 169) عن السدي، وفي «فتح القدير» (1/ 172) عنه أيضا. وينظر: «مجاز القرآن» لأبي عبيدة (1/ 64) .]] ، والأول أظهر.
وقوله سبحانه: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ ... الآية: المعنى: ذلك الأمر بأنَّ اللَّه نزَّل الكتابَ بالحَقِّ، فكفروا/ به، والإشارة إلى وجوب النّار لهم.
والْكِتابَ: القرآن، وبِالْحَقِّ، أي: بالإخبار الحقّ، أي: الصادقة.
والَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ هم اليهودُ والنصارى، في قول السُّدِّيِّ [[أخرجه الطبري (2/ 98) برقم (2520) وذكره ابن عطية (1/ 242) ، والسيوطي في «الدر» (1/ 309) ، وعزاه لابن جرير.]] ، وقيل:
هم كفَّار العرب لقول بعضهم: هو سِحْرٌ، وبعضهم: أساطير، وبَعْضهم: مفترًى، إلى غير ذلك.
وبَعِيدٍ، هنا: معناه من الحقّ، والاستقامة.
{"ayahs_start":174,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡتُمُونَ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنࣰا قَلِیلًا أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَا یَأۡكُلُونَ فِی بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا یُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَلَا یُزَكِّیهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ٱشۡتَرَوُا۟ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَاۤ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ ٱخۡتَلَفُوا۟ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ لَفِی شِقَاقِۭ بَعِیدࣲ"],"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ٱشۡتَرَوُا۟ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَاۤ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق