الباحث القرآني

وقوله عزَّ وجل: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها قسم، والواو تقتضيه، ويفسّره قوله ﷺ: «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَوْلاَدٍ، لَمْ تَمَسَّهُ النّار إلّا تحلّة القسم» [[أخرجه البخاري (3/ 142) كتاب الجنائز: باب فضل من مات له ولد فاحتسبه، حديث (1251) ، ومسلم (4/ 2028) كتاب البر والصلة: باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه، حديث (150/ 2632) ، والترمذي (3/ 365) كتاب الجنائز: باب ما جاء في ثواب من قدم ولدا، حديث (1060) ، والنسائي (4/ 25) كتاب الجنائز: باب من يتوفى له ثلاثة، حديث (1875) ، وابن ماجه (1/ 512) كتاب الجنائز: باب ما جاء في ثواب من أصيب بولده، حديث (1603) ، وأحمد (2/ 239- 240) ، والحميدي (2/-[.....]- 444) رقم (1020) ، ومالك (1/ 235) كتاب الجنائز: باب الحسبة في المصيبة، حديث (38) ، وأبو يعلى (10/ 285) رقم (5882) ، والبيهقي (4/ 67) كتاب الجنائز: باب ما يرجى في المصيبة بالأولاد إذا احتسبهم، والبغوي في «شرح السنة» (3/ 295- بتحقيقنا) كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.]] . وقرأ ابن عباس [[وقرأ بها عكرمة. ينظر: «الكشاف» (3/ 34) ، «والمحرر الوجيز» (4/ 27) ، «والبحر المحيط» (6/ 197) ، «والدر المصون» (4/ 519) .]] ، وجماعَةٌ: «وإنْ مِنْهُمْ» بالهَاءِ على إرَادة الكُفَّار. قال ع [[ينظر «المحرر الوجيز» (4/ 27) .]] : ولا شغب في هذه القراءة، وقالت فِرْقَةٌ من الجمهور القارئين «منكم» ، المعنى: قُلْ لهم يا محمَّدُ، فالخِطَاب ب مِنْكُمْ للكفرةِ، وتأويل هؤلاءِ أَيضاً سَهْلُ التناوُلِ. وقال الأكثرُ: المخاطَبُ العَالَمُ كلّه، ولا بُدّ من ورود الجميع، ثم اختلفوا في كَيْفِيَّةِ ورود المُؤْمِنِينَ، فقال ابنُ عباسٍ، وابنُ مسعودٍ، وخالدُ بن مَعْدَانَ، وابنُ جُرَيْجٍ [[أخرجه الطبريّ (8/ 364) برقم (23833) عن ابن عباس، وبرقم (23834) عن ابن جريج، وبرقم (23836) عن خالد بن معدان، وذكره البغوي (3/ 204) عن ابن عباس، وخالد بن معدان، وعن ابن مسعود بلفظ: «القيامة والكناية راجعة إليها» ، وابن عطية (4/ 27) ، والسيوطي (4/ 505) ، وعزاه لعبد، الرزاق، وسعيد بن منصور، وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث» عن مجاهد قال: خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال ابن عباس.]] ، وغيرُهم: هو ورودُ دخولٍ، لكنَّها لا تعدو عليهم، ثم يخرجهم الله عز وجل منها بعدَ مَعْرِفتهم حَقِيقَةَ ما نَجَوْا منه. وروى [[في ج: قال.]] جابرُ بنُ عبدِ اللهِ، عن النبيِّ ﷺ أَنه قال: «الوُرُودُ فِي هَذِهِ الآيَةِ هُوَ الدُّخُولُ» [[أخرجه أحمد (3/ 329) ، والحاكم (4/ 587) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1/ 336) رقم (370) من حديث جابر مرفوعا. وذكره الهيثمي في «المجمع» (7/ 58) وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات. والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 505) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، والحكيم الترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث» .]] ، وقد أَشْفَقَ كَثِيرٌ من العلماء من تحقُّقِ [[في ج: تحقيق.]] الورودِ مع الجَهْلِ بالصَّدَرِ- جعلنا الله تعالى من الناجين بفضله ورحمته-، وقالت فِرْقَة: بَلْ هُو ورودُ إشْرَافٍ، واطِّلاعٍ، وقُرْبٍ، كما تقول: وردتُ الماءَ إذا جِئْتَه، وليس يلزم أن تدخل فيه، قالوا: وحسب المؤمن بهذا هؤلاء ومنه قولُه تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ [القصص: الآية 23] . وروت فرقة أثراً: أنّ الله تعالى يجعلُ النَّار يوم القيامة جامدةَ الأعلى كأنها إهالةٌ فيأتي الخلقُ كلُّهم برُّهم وفاجرُهم، فيقفون عليها، ثم تسوخُ بأهلِها، ويخرجُ المؤمنون الفائزون، لم ينلهم ضرٌّ، قالوا: فهذا هو الورودُ. قال المهدوي [[أخرجه الطبريّ (8/ 365) .]] : وعن قتادةَ قال: يرد النَّاسُ جهنَّمَ وهي سَوْدَاءُ مظلِمةٌ، فأَما المؤْمنُونَ فأَضَاءَتْ لهم حَسَناتُهم، فَنَجَوْا منها، وأما الكفارُ فأوبقتهم سَيِّئَاتُهم، واحتبسوا بذنوبهم. [انتهى] » . وروت حَفْصَةُ- رضي الله عنها- أنّ النبيّ ﷺ قال: «لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَالحُدَيْبِيَةِ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، وأَيْنَ قَوْلُ اللهِ تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها فقال ﷺ: «فَمَهْ [[في ج: مه.]] ، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا» [[أخرجه أحمد (6/ 285) ، وابن ماجه (2/ 1431) كتاب «الزهد» : باب ذكر البعث، حديث (4281) ، وهناد في «الزهد» (1/ 165) رقم (230) كلهم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر عن حفصة به. قال البوصيري في «الزوائد» (3/ 315) : هذا إسناد صحيح إن كان أبو سفيان سمع من جابر بن عبد الله اهـ. وأخرجه أيضا من طريق الأعمش- أبو يعلى (12/ 473) رقم (7044) . والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 282) ، وزاد نسبته إلى ابن سعد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري، والطبراني، وابن مردويه.]] ورجح الزجاجُ [[ينظر: «معاني القرآن» (3/ 340، 341) .]] هذا القَوْلَ بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ [الأنبياء: 101] . ت: وحديثُ حفصةَ هذا أَخرجهُ مُسْلِم، وفيه: «أَفلم تَسْمَعِيهِ يقولُ: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا [[أخرجه مسلم (4/ 1942) كتاب فضائل الصحابة: باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان، حديث (163/ 2496) ، وأحمد (6/ 420) كلاهما من طريق حجاج بن محمد: أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي ﷺ يقول عند حفصة ... فذكر الحديث.]] . وروى ابنُ المبارك في «رُقائقه» : أنه لما نزلت هذه الآية: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها ذهب ابن رواحة إلى بيته فبكى [فَجَاءَتِ امرأته، فبكت] ، [[سقط في ج.]] وجاءت الخادم فبكت، وجاء أهل البيت فَجَعَلُوا يَبْكُونَ، فَلَمَّا انْقَضَتْ عَبْرَتُهُ، قَالَ: يَا أَهْلاَهُ، مَا يُبْكِيكُمْ، قَالُوا: لاَ نَدْرِي، وَلَكِنْ رَأَيْنَاكَ بَكَيْتَ فَبَكَيْنَا، فَقَالَ: آيَةٌ نَزَلَتْ على رسول الله ﷺ يُنْبِئُنِي فِيهَا رَبِّي أَنِي وَارِدُ النَّارَ، وَلَمْ يُنْبِئْنِي أَنِّي صَادِرٌ عَنْهَا، فَذَلِكَ الَّذِي أبْكَانِي [[ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 282) ، وعزاه إلى أحمد، وابن المبارك، كلاهما في «الزهد» ، وابن عساكر.]] . انتهى. وَقال ابنُ مَسْعُودٍ: ورودُهُمْ/: هو جَوَازُهُمْ على الصراط [[ذكره ابن عطية (4/ 27) ، وابن كثير (3/ 132) .]] ، وذلك أنّ الحديث 6 أالصحيح تضمن أَنَّ الصراط مَضْرُوبٌ على مَتْنِ جهنم. والحتم: الأمر المنفد المجزوم، والَّذِينَ اتَّقَوْا: معناه اتَّقَوْا الكُفْر وَنَذَرُ دالةٌ على أَنهم كَانُوا فيها. قال أَبُو عُمَر بنُ عَبْدِ البَرِّ في «التمهيد» بعد أَن ذكر روَاية جابِر، وابنِ مَسْعُودٍ في الوُرُودِ: وروي عن كَعْبٍ أَنه تَلاَ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها فقال: أَتَدْرُونَ مَا وُرُودُهَا؟ إنه يُجَاءُ بجهنَّم فتُمْسكُ للناس كأَنها متْن إهَالَة: يعني: الوَدَك الذي يجمد على القِدْر من المرقَةِ، حَتَّى إذا استقرت عليها أَقدَام الخَلائِق: بَرّهم وفاجرهم، نَادَى مُنَادٍ: أَنْ خُذِي أَصْحَابِك، وذَرِي أَصْحَابِي، فيُخْسَفُ بكلِّ وليٍّ لها، فَلَهِيَ أَعلَمُ بهم مِنَ الوَالِدَة بولَدِهَا، وينجو المُؤْمِنُونَ نَدِيَّة ثيابهم [[أخرجه الطبريّ (8/ 365) رقم (23838) ، وذكره ابن كثير (3/ 133) .]] . وروي هذا المعنى عن أَبي نَضْرَةَ، وزاد: وهو معنى قولِه تَعَالَى: فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ [يس: 66] . انتهى. وقوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً ... الآية، هذا افتخارٌ من كفار قريش وأَنه إِنما أَنعم الله عليهم لأَجْلِ أَنهم على الحقِّ بزعمهم. والنَّدِيّ، والنَّادِي: المجْلِسُ، ثم رد الله تعالى حُجَّتَهم وحقَّر أَمْرهم فقال تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً أيْ: فلم يُغْن ذلك عنهم شَيْئاً [[سقط في ج، وفي ب شيئا.]] ، والأَثَاث: المال العين، والعَرْض [[في ج: العروض.]] والحيوان. وقرأَ نافِعٌ [[ينظر: «السبعة» (411، 412) ، و «الحجة» (5/ 209) ، و «إعراب القراءات» (2/ 23) ، و «معاني القراءات» (2/ 138) ، و «العنوان» (127) ، و «حجة القراءات» (446) ، و «شرح شعلة» (487) ، و «إتحاف» (2/ 239) .]] وغيرُه: «ورءيا» بهمزةٍ بعدها ياء من رؤية العين. قال البخاري [[ينظر: «صحيح البخاري» (8/ 280) كتاب التفسير: باب كهيعص.]] : ورءياً: منظراً. وقرأ نافعٌ أيضاً، وأَهل المدينة: «وَرِيّاً» بياء مشددة، فقيل: هي بمعنى القِرَاءةِ الأُولى، وقيل: هي بمعنى الرِّيِّ في السُّقْيَا إذْ أَكْثر النعمة مِنَ الريِّ والمطر. وقرأ ابنُ جُبَيْر، وابنُ عباسٍ، ويزيدُ البريري: «وزيّا» بالزاي المعجمة بمعنى: الملبس. [وأما] [[سقط في ج.]] :
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب