الباحث القرآني

(p-٨٥)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجاءَتْ سَيّارَةٌ فَأرْسَلُوا وارِدَهم فَأدْلى دَلْوَهُ قالَ يابُشْرى هَذا غُلامٌ وأسَرُّوهُ بِضاعَةً واللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ﴾ ﴿وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ . اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى بَيَّنَ كَيْفَ سَهَّلَ السَّبِيلَ في خَلاصِ يُوسُفَ مِن تِلْكَ المِحْنَةِ، فَقالَ: ﴿وجاءَتْ سَيّارَةٌ﴾ يَعْنِي رُفْقَةً تَسِيرُ لِلسَّفَرِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: جاءَتْ سَيّارَةٌ أيْ قَوْمٌ يَسِيرُونَ مِن مَدْيَنَ إلى مِصْرَ فَأخْطَأُوا الطَّرِيقَ فانْطَلَقُوا يَهِيمُونَ عَلى غَيْرِ طَرِيقٍ، فَهَبَطُوا عَلى أرْضٍ فِيها جُبُّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وكانَ الجُبُّ في قَفْرَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ العُمْرانِ لَمْ يَكُنْ إلّا لِلرُّعاةِ، وقِيلَ: كانَ ماؤُهُ مِلْحًا فَعَذُبَ حِينَ أُلْقِيَ فِيهِ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأرْسَلُوا رَجُلًا يُقالُ لَهُ: مالِكُ بْنُ ذُعْرٍ الخُزاعِيُّ لِيَطْلُبَ لَهُمُ الماءَ، والوارِدُ الَّذِي يَرِدُ الماءَ لِيَسْتَقِيَ القَوْمُ ﴿فَأدْلى دَلْوَهُ﴾ ونَقَلَ الواحِدِيُّ عَنْ عامَّةِ أهْلِ اللُّغَةِ أنَّهُ يُقالُ: أدْلى دَلْوَهُ إذا أرْسَلَها في البِئْرِ ودَلّاها إذا نَزَعَها مِنَ البِئْرِ، يُقالُ: أدْلى يُدْلِي إدْلاءً إذا أرْسَلَ ودَلا يَدْلُو دَلْوًا إذا جَذَبَ وأخْرَجَ، والدَّلْوُ مَعْرُوفٌ، والجَمْعُ دِلاءٌ ﴿قالَ يابُشْرى هَذا غُلامٌ﴾ وهَهُنا مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: فَظَهَرَ يُوسُفُ. قالَ المُفَسِّرُونَ: لَمّا أدْلى الوارِدُ دَلْوَهُ وكانَ يُوسُفُ في ناحِيَةٍ مِن قَعْرِ البِئْرِ تَعَلَّقَ بِالحَبْلِ فَنَظَرَ الوارِدُ إلَيْهِ ورَأى حُسْنَهُ فَنادى، فَقالَ: يا بُشْرى. وفِيهِ مَسْألَتانِ: المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ عاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ ”بُشْرِي“ بِغَيْرِ الألِفِ وبِسُكُونِ الياءِ، والباقُونَ يا بُشْرايَ بِالألِفِ وفَتْحِ الياءِ عَلى الإضافَةِ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: في قَوْلِهِ: ﴿يابُشْرى﴾ قَوْلانِ: القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّها كَلِمَةٌ تُذْكَرُ عِنْدَ البِشارَةِ ونَظِيرُهُ قَوْلُهم: يا عَجَبًا مِن كَذا، وقَوْلُهُ: ﴿ياأسَفى عَلى يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٤] وعَلى هَذا القَوْلِ فَفي تَفْسِيرِ النِّداءِ وجْهانِ: الأوَّلُ: قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى النِّداءِ في هَذِهِ الأشْياءِ الَّتِي لا تُجِيبُ تَنْبِيهُ المُخاطَبِينَ وتَوْكِيدُ القِصَّةِ، فَإذا قُلْتَ: يا عَجَباهُ فَكَأنَّكَ قُلْتَ اعْجَبُوا. الثّانِي: قالَ أبُو عَلِيٍّ: كَأنَّهُ يَقُولُ: يا أيَّتُها البُشْرى هَذا الوَقْتُ وقْتُكِ، ولَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يُخاطَبُ لَخُوطِبْتَ الآنَ ولَأُمِرْتَ بِالحُضُورِ. واعْلَمْ أنَّ سَبَبَ البِشارَةِ هو أنَّهم وجَدُوا غُلامًا في غايَةِ الحُسْنِ وقالُوا: نَبِيعُهُ بِثَمَنٍ عَظِيمٍ ويَصِيرُ ذَلِكَ سَبَبًا لِحُصُولِ الغِنى. والقَوْلُ الثّانِي: وهو الَّذِي ذَكَرَهُ السُّدِّيُّ أنَّ الَّذِي نادى صاحِبَهُ وكانَ اسْمَهُ، فَقالَ يا بُشْرى كَما تَقُولُ يا زَيْدُ. وعَنِ الأعْمَشِ أنَّهُ قالَ: دَعا امْرَأةً اسْمُها بُشْرى ”يا بُشْرى“ قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: إنْ جَعَلْنا البُشْرى اسْمًا لِلْبِشارَةِ، وهو الوَجْهُ، جازَ أنْ يَكُونَ في مَحَلِّ الرَّفْعِ كَما قِيلَ: يا رَجُلُ لِاخْتِصاصِهِ بِالنِّداءِ، وجازَ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ النَّصْبِ عَلى تَقْدِيرِ: أنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ النِّداءَ شائِعًا في جِنْسِ البُشْرى، ولَمْ يَخُصَّ كَما تَقُولُ: يا رَجُلًا و﴿ياحَسْرَةً عَلى العِبادِ﴾ . * * * وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأسَرُّوهُ بِضاعَةً﴾ فَفِيهِ مَسْألَتانِ: المَسْألَةُ الأُولى: الضَّمِيرُ في ”وأسَرُّوهُ“ إلى مَن يَعُودُ ؟ فِيهِ قَوْلانِ: الأوَّلُ: أنَّهُ عائِدٌ إلى الوارِدِ، وأصْحابُهُ أخْفَوْا مِنَ الرُّفْقَةِ أنَّهم وجَدُوهُ في الجُبِّ، وذَلِكَ لِأنَّهم قالُوا: إنْ قُلْنا لِلسَّيّارَةِ التَقَطْناهُ شارَكُونا فِيهِ، وإنْ قُلْنا اشْتَرَيْناهُ: سَألُونا الشَّرِكَةَ، فالأصْوَبُ أنْ نَقُولَ: إنَّ أهْلَ الماءِ جَعَلُوهُ بِضاعَةً عِنْدَنا عَلى أنْ نَبِيعَهُ لَهم بِمِصْرَ. والثّانِي: نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ﴿وأسَرُّوهُ﴾ يَعْنِي: إخْوَةُ يُوسُفَ أسَرُّوا شَأْنَهُ، والمَعْنى: أنَّهم أخْفَوْا كَوْنَهُ (p-٨٦)أخًا لَهم، بَلْ قالُوا: إنَّهُ عَبْدٌ لَنا أبَقَ مِنّا، وتابَعَهم عَلى ذَلِكَ يُوسُفُ لِأنَّهم تَوَعَّدُوهُ بِالقَتْلِ بِلِسانِ العِبْرانِيَّةِ، والأوَّلُ أوْلى لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿وأسَرُّوهُ بِضاعَةً﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ المُرادَ أسَرُّوهُ حالَ ما حَكَمُوا بِأنَّهُ بِضاعَةٌ، وذَلِكَ إنَّما يَلِيقُ بِالوارِدِ لا بِإخْوَةِ يُوسُفَ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: البِضاعَةُ القِطْعَةُ مِنَ المالِ تُجْعَلُ لِلتِّجارَةِ مِن بَضَعْتُ اللَّحْمَ إذا قَطَعْتُهُ. قالَ الزَّجّاجُ: وبِضاعَةٌ مَنصُوبَةٌ عَلى الحالِ كَأنَّهُ قالَ: وأسَرُّوهُ حالَ ما جَعَلُوهُ بِضاعَةً. * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿واللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ﴾ والمُرادُ مِنهُ أنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا رَأى الكَواكِبَ والشَّمْسَ والقَمَرَ في النَّوْمِ سَجَدَتْ لَهُ وذَكَرَ ذَلِكَ حَسَدَهُ إخْوَتُهُ عَلَيْهِ واحْتالُوا في إبْطالِ ذَلِكَ الأمْرِ عَلَيْهِ فَأوْقَعُوهُ في البَلاءِ الشَّدِيدِ حَتّى لا يَتَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ المَقْصُودُ، وأنَّهُ تَعالى جَعَلَ وُقُوعَهُ في ذَلِكَ البَلاءِ سَبَبًا إلى وُصُولِهِ إلى مِصْرَ، ثُمَّ تَمادَتْ وقائِعُهُ وتَتابَعَ الأمْرُ إلى أنْ صارَ مَلِكَ مِصْرَ وحَصَلَ ذَلِكَ الَّذِي رَآهُ في النَّوْمِ، فَكانَ العَمَلُ الَّذِي عَمِلَهُ الأعْداءُ في دَفْعِهِ عَنْ ذَلِكَ المَطْلُوبِ صَيَّرَهُ اللَّهُ تَعالى سَبَبًا لِحُصُولِ ذَلِكَ المَطْلُوبِ، فَلِهَذا المَعْنى قالَ: ﴿واللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ﴾ . * * * ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ أمّا قَوْلُهُ: ﴿وشَرَوْهُ﴾ فَفِيهِ قَوْلانِ: القَوْلُ الأوَّلُ: المُرادُ مِنَ الشِّراءِ هو البَيْعُ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ فَفي ذَلِكَ البائِعِ قَوْلانِ: القَوْلُ الأوَّلُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ما إنْ إخْوَةُ يُوسُفَ لَمّا طَرَحُوا يُوسُفَ في الجُبِّ ورَجَعُوا عادُوا بَعْدَ ثَلاثٍ يَتَعَرَّفُونَ خَبَرَهُ، فَلَمّا لَمْ يَرَوْهُ في الجُبِّ ورَأوْا آثارَ السَّيّارَةِ طَلَبُوهم فَلَمّا رَأوْا يُوسُفَ قالُوا: هَذا عَبْدُنا أبَقَ مِنّا، فَقالُوا لَهم: فَبِيعُوهُ مِنّا فَباعُوهُ مِنهم، والمُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿وشَرَوْهُ﴾ أيْ باعُوهُ، يُقالُ: شَرَيْتُ الشَّيْءَ إذا بِعْتَهُ، وإنَّما وجَبَ حَمْلُ هَذا الشِّراءِ عَلى البَيْعِ، لِأنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: ﴿وشَرَوْهُ﴾ وفي قَوْلِهِ: ﴿وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ عائِدٌ إلى شَيْءٍ واحِدٍ، لَكِنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ: ﴿وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ عائِدٌ إلى الإخْوَةِ، فَكَذا في قَوْلِهِ: ﴿وشَرَوْهُ﴾ يَجِبُ أنْ يَكُونَ عائِدًا إلى الإخْوَةِ، وإذا كانَ كَذَلِكَ فَهم باعُوهُ فَوَجَبَ حَمْلُ هَذا الشِّراءِ عَلى البَيْعِ. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ بائِعَ يُوسُفَ هُمُ الَّذِينَ اسْتَخْرَجُوهُ مِنَ البِئْرِ، وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ: رَبُّكَ أعْلَمُ أإخْوَتُهُ باعُوهُ أمِ السَّيّارَةُ، وهَهُنا قَوْلٌ آخَرُ وهو أنَّهُ يُحْتَمَلُ أنْ يُقالَ: المُرادُ مِنَ الشِّراءِ نَفْسُ الشِّراءِ، والمَعْنى أنَّ القَوْمَ اشْتَرَوْهُ وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ، لِأنَّهم عَلِمُوا بِقَرائِنِ الحالِ أنَّ إخْوَةَ يُوسُفَ كَذّابُونَ في قَوْلِهِمْ إنَّهُ عَبْدُنا، ورُبَّما عَرَفُوا أيْضًا أنَّهُ ولَدُ يَعْقُوبَ فَكَرِهُوا شِراءَهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعالى ومِن ظُهُورِ تِلْكَ الواقِعَةِ، إلّا أنَّهم مَعَ ذَلِكَ اشْتَرَوْهُ بِالآخِرَةِ؛ لِأنَّهُمُ اشْتَرَوْهُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ مَعَ أنَّهم أظْهَرُوا مِن أنْفُسِهِمْ كَوْنَهم فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ، وغَرَضُهم أنْ يَتَوَصَّلُوا بِذَلِكَ إلى تَقْلِيلِ الثَّمَنِ، ويُحْتَمَلُ أيْضًا أنْ يُقالَ إنَّ الإخْوَةَ لَمّا قالُوا: إنَّهُ عَبْدُنا أبَقَ صارَ المُشْتَرِي عَدِيمَ الرَّغْبَةِ فِيهِ. قالَ مُجاهِدٌ: وكانُوا يَقُولُونَ اسْتَوْثِقُوا مِنهُ لِئَلّا يَأْبَقَ. ثُمَّ اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى وصَفَ ذَلِكَ الثَّمَنَ بِصِفاتٍ ثَلاثٍ: الصِّفَةُ الأُولى: كَوْنُهُ بَخْسًا. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ حَرامًا لِأنَّ ثَمَنَ الحُرِّ حَرامٌ، وقالَ: كُلُّ بَخْسٍ في كِتابِ اللَّهِ نُقْصانٌ إلّا هَذا فَإنَّهُ حَرامٌ، قالَ الواحِدِيُّ: سَمَّوُا الحَرامَ بَخْسًا لِأنَّهُ ناقِصُ البَرَكَةِ، وقالَ قَتادَةُ: بَخْسٌ (p-٨٧)ظُلْمٌ والظُّلْمُ نُقْصانٌ، يُقالُ ظَلَمَهُ أيْ نَقَصَهُ، وقالَ عِكْرِمَةُ والشَّعْبِيُّ: قَلِيلٌ، وقِيلَ: ناقِصٌ عَنِ القِيمَةِ نُقْصانًا ظاهِرًا، وقِيلَ: كانَتِ الدَّراهِمُ زُيُوفًا ناقِصَةَ العِيارِ. قالَ الواحِدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى -: وعَلى الأقْوالِ كُلِّها، فالبَخْسُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، والمَعْنى بِثَمَنٍ مَبْخُوسٍ. الصِّفَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ قِيلَ: تُعَدُّ عَدًّا ولا تُوزَنُ، لِأنَّهم كانُوا لا يَزِنُونَ إلّا إذا بَلَغَ أُوقِيَّةً، وهي الأرْبَعُونَ، ويَعُدُّونَ ما دُونَها، فَقِيلَ لِلْقَلِيلِ مَعْدُودٌ، لِأنَّ الكَثِيرَةَ يَمْتَنِعُ مِن عَدِّها لِكَثْرَتِها، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ كانَتْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وعَنِ السُّدِّيِّ اثْنَيْنِ وعِشْرِينَ دِرْهَمًا. قالُوا: والإخْوَةُ كانُوا أحَدَ عَشَرَ فَكُلُّ واحِدٍ مِنهم أخَذَ دِرْهَمَيْنِ إلّا يَهُوذا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا. الصِّفَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ ومَعْنى الزُّهْدِ قِلَّةُ الرَّغْبَةِ، يُقالُ زَهِدَ فُلانٌ في كَذا إذا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ وأصْلُهُ القِلَّةُ، يُقالُ: رَجُلٌ زَهِيدٌ إذا كانَ قَلِيلَ الطَّمَعِ، وفِيهِ وُجُوهٌ: أحَدُها: أنَّ إخْوَةَ يُوسُفَ باعُوهُ؛ لِأنَّهم كانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ. والثّانِي: أنَّ السَّيّارَةَ الَّذِينَ باعُوهُ كانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ، لِأنَّهُمُ التَقَطُوهُ، والمُلْتَقِطُ لِلشَّيْءِ مُتَهاوِنٌ بِهِ لا يُبالِي بِأيِّ شَيْءٍ يَبِيعُهُ، أوْ لِأنَّهم خافُوا أنْ يَظْهَرَ المُسْتَحِقُّ فَيَنْزِعُهُ مَن يَدِهِمْ، فَلا جَرَمَ باعُوهُ بِأوْكَسِ الأثْمانِ. والثّالِثُ: أنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْهُ كانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ، وقَدْ سَبَقَ تَوْجِيهُ هَذِهِ الأقْوالِ فِيما تَقَدَّمَ، والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ عائِدًا إلى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ عائِدًا إلى الثَّمَنِ البَخْسِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب