الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا سَألَكَ عِبادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ﴾ اخْتَلَفَ أهْلُ التَّأْوِيلِ في سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ، عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في سائِلٍ سَألَ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ أقَرِيبٌ رَبُّنا فَنُناجِيهِ، أمْ بَعِيدٌ فَنُنادِيهِ؟ فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ. والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في قَوْمٍ سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ أيِّ ساعَةٍ يَدْعُونَ اللَّهَ فِيها، وهَذا قَوْلُ عَطاءٍ والسُّدِّيِّ. والثّالِثُ: أنَّها نَزَلَتْ جَوابًا لِقَوْمٍ قالُوا: كَيْفَ نَدْعُو؟ وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ. والرّابِعُ: أنَّها نَزَلَتْ في قَوْمٍ حِينَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ قالُوا: إلى أيْنَ نَدْعُوهُ؟ وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ. (p-٢٤٣) وَفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَرِيبٌ﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: قَرِيبُ الإجابَةِ. والثّانِي: قَرِيبٌ مِن سَماعِ الدُّعاءِ. وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعانِ﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ أسْمَعُ دَعْوَةَ الدّاعِي إذا دَعانِي، فَعَبَّرَ عَنِ السَّماعِ بِالإجابَةِ، لِأنَّ السَّماعَ مُقَدِّمَةُ الإجابَةِ. والثّانِي: أنَّهُ أرادَ إجابَةَ الدّاعِي إلى ما سَألَ، ولا يَخْلُو سُؤالُ الدّاعِي أنْ يَكُونَ مُوافِقًا لِلْمَصْلَحَةِ أوْ مُخالِفًا لَها، فَإنْ كانَ مُخالِفًا لِلْمَصْلَحَةِ لَمْ تَجُزِ الإجابَةُ إلَيْهِ، وإنْ كانَ مُوافِقًا لِلْمَصْلَحَةِ، فَلا يَخْلُو حالُ الدّاعِي مِن أحَدِ أمْرَيْنِ: إمّا أنْ يَكُونَ مُسْتَكْمِلًا شُرُوطَ الطَّلَبِ أوْ مَقْصُورًا فِيها: فَإنِ اسْتَكْمَلَها جازَتْ إجابَتُهُ، وفي وُجُوبِها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها واجِبَةٌ لِأنَّها تَجْرِي مَجْرى ثَوابِ الأعْمالِ، لِأنَّ الدُّعاءَ عِبادَةٌ ثَوابُها الإجابَةُ. والثّانِي: أنَّها غَيْرُ واجِبَةٍ لِأنَّها رَغْبَةٌ وطَلَبٌ، فَصارَتِ الإجابَةُ إلَيْها تَفَضُّلًا. وَإنْ كانَ مَقْصُورًا في شُرُوطِ الطَّلَبِ لَمْ تُجَبْ إجابَتُهُ، وفي جَوازِها قَوْلانِ: أحَدُهُما: لا تَجُوزُ، وهو قَوْلُ مَن أوْجَبَها مَعَ اسْتِكْمالِ شُرُوطِها. والثّانِي: تَجُوزُ، وهو قَوْلُ مَن لَمْ يُوجِبْها مَعَ اسْتِكْمالِ شُرُوطِها. وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ الِاسْتِجابَةَ بِمَعْنى الإجابَةِ، يُقالُ: اسْتَجَبْتُ لَهُ بِمَعْنى أجَبْتُهُ، وهَذا قَوْلُ أبِي عُبَيْدَةَ، وأنْشَدَ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ الغَنَوِيِّ: ؎ وداعٍ دَعا: يا مَن يُجِيبُ إلَيَّ النِّدا فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَلِكَ مُجِيبُ أيْ فَلَمْ يُجِبْهُ. والثّانِي: أنَّ الِاسْتِجابَةَ طَلَبُ المُوافَقَةِ لِلْإجابَةِ، وهَذا قَوْلُ ثَعْلَبٍ. (p-٢٤٤) والثّالِثُ: أنَّ مَعْناهُ فَلْيَسْتَجِيبُوا إلَيَّ بِالطّاعَةِ. والرّابِعُ: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي، يَعْنِي فَلْيَدْعُونِي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب