الباحث القرآني
﴿وإذا سَألَكَ عِبادِي﴾ في تَلْوِينِ الخِطابِ، مَعَ تَوْجِيهِهِ لِسَيِّدٍ ذَوِي الألْبابِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - ما لا يَخْفى مِنَ التَّشْرِيفِ ورَفْعِ المَحَلِّ ﴿عَنِّي﴾ أيْ: عَنْ قُرْبِي وبُعْدِي؛ إذْ لَيْسَ السُّؤالُ عَنْ ذاتِهِ – تَعالى - ﴿فَإنِّي قَرِيبٌ﴾ أيْ: فَقُلْ لَهم ذَلِكَ بِأنْ تُخْبِرَ عَنِ القُرْبِ بِأيِّ طَرِيقٍ كانَ، ولا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ؛ إذْ بِدُونِهِ لا يَتَرَتَّبُ عَلى الشَّرْطِ، ولَمْ يُصَرَّحْ بِالمُقَدَّرِ كَما في أمْثالِهِ لِلْإشارَةِ إلى أنَّهُ - تَعالى - تَكَفَّلَ جَوابَهم ولَمْ يَكِلْهم إلى رَسُولِهِ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - تَنْبِيهًا عَلى كَمالِ لُطْفِهِ، والقُرْبُ حَقِيقَةً في القُرْبِ المَكانِيِّ المُنَزَّهِ عَنْهُ - تَعالى -، فَهو اسْتِعارَةٌ لِعِلْمِهِ - تَعالى - بِأفْعالِ العِبادِ وأقْوالِهِمْ واطِّلاعِهِ عَلى سائِرِ أحْوالِهِمْ، وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ عَنْ أُبَيٍّ، قالَ: «قالَ المُسْلِمُونَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أقَرِيبٌ رَبُّنا فَنُناجِيهِ أمْ بِعِيدٌ فَنُنادِيهِ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعانِ﴾» دَلِيلٌ لِلْقُرْبِ وتَقْرِيرٌ لَهُ، فالقَطْعُ لِكَمالِ الِاتِّصالِ، وفِيهِ وعْدُ الدّاعِي بِالإجابَةِ في الجُمْلَةِ عَلى ما تُشِيرُ إلَيْهِ كَلِمَةُ ( إذا ) لا كُلِّيًّا، فَلا حاجَةَ إلى التَّقْيِيدِ بِالمَشِيئَةِ المُؤْذَنُ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى في آيَةٍ أُخْرى: ﴿فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إلَيْهِ إنْ شاءَ﴾ ولا إلى أنَّ القَوْلَ بِأنَّ إجابَةَ الدَّعْوَةِ غَيْرُ قَضاءِ الحاجَةِ؛ لِأنَّها قَوْلُهُ سُبْحانَهُ وتَعالى: لَبَّيْكَ يا عَبْدِي، وهو مَوْعُودٌ مَوْجُودٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ يَدْعُو، ولا (p-64)إلى تَخْصِيصِ الدَّعْوَةِ بِما لَيْسَ فِيها إثْمٌ ولا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، أوِ الدّاعِي بِالمُطِيعِ المُخْبِتِ، نَعَمْ كَوْنُهُ كَذَلِكَ أرْجى لِلْإجابَةِ لا سِيَّما في الأزْمِنَةِ المَخْصُوصَةِ، والأمْكِنَةِ المَعْلُومَةِ، والكَيْفِيَّةِ المَشْهُورَةِ، ومَعَ هَذا قَدْ تَتَخَلَّفُ الإجابَةُ مُطْلَقًا، وقَدْ تَتَخَلَّفُ إلى بَدَلٍ، فَفي الصَّحِيحِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: «ما مِن مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيها إثْمٌ ولا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إلّا أعْطاهُ اللَّهُ - تَبارَكَ وتَعالى - إحْدى ثَلاثٍ؛ إمّا أنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وإمّا أنْ يَدَّخِرَ لَهُ، وإمّا أنْ يَكُفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها» وسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى.
﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ أيْ: فَلْيَطْلُبُوا إجابَتِي لَهم إذا دَعَوْنِي، أوْ فَلْيُجِيبُوا لِي إذا دَعَوْتُهم لِلْإيمانِ والطّاعَةِ كَما أنِّي أُجِيبُهم إذا دَعَوْنِي لِحَوائِجِهِمْ، واسْتَجابَ وأجابَ واحِدٌ، ومَعْناهُ قَطْعُ مَسْألَتِهِ بِتَبْلِيغِهِ مُرادَهُ مِنَ الجَوْبِ بِمَعْنى القَطْعِ، وهَذا ما عَلَيْهِ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ، ولا يُغْنِي عَنْهُ ﴿ولْيُؤْمِنُوا بِي﴾؛ لِأنَّهُ أمْرٌ بِالثَّباتِ والمُداوَمَةِ عَلى الإيمانِ ﴿لَعَلَّهم يَرْشُدُونَ 186﴾ أيْ: يَهْتَدُونَ لِمَصالِحِ دِينِهِمْ ودُنْياهُمْ، وأصْلُ البابِ إصابَةُ الخَيْرِ، وقُرِئَ بِفَتْحِ الشِّينِ وكَسْرِها، ولَمّا أمَرَهم - سُبْحانَهُ وتَعالى - بِصَوْمِ الشَّهْرِ ومُراعاةِ العِدَّةِ، وحَثَّهم عَلى القِيامِ بِوَظائِفِ التَّكْبِيرِ والشُّكْرِ، عَقَّبَهُ بِهَذِهِ الآيَةِ الدّالَّةِ عَلى أنَّهُ - تَعالى - خَبِيرٌ بِأفْعالِهِمْ، سَمِيعٌ لِأقْوالِهِمْ، مُجازِيهِمْ عَلى أعْمالِهِمْ، تَأْكِيدًا لَهُ وحَثًّا عَلَيْهِ، أوْ أنَّهُ لَمّا نَسَخَ الأحْكامَ في الصَّوْمِ ذَكَرَ هَذِهِ الآيَةَ الدّالَّةَ عَلى كَمالِ عِلْمِهِ بِحالِ العِبادِ، وكَمالِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمْ، ونِهايَةِ لُطْفِهِ بِهِمْ في أثْناءِ نَسْخِ الأحْكامِ تَمْكِينًا لَهم في الإيمانِ، وتَقْرِيرًا لَهم عَلى الِاسْتِجابَةِ؛ لِأنَّ مَقامَ النَّسْخِ مِن مَظانِّ الوَسْوَسَةِ والتَّزَلْزُلِ، فالجُمْلَةُ عَلى التَّقْدِيرَيْنِ اعْتِراضِيَّةٌ بَيْنَ كَلامَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ مَعْنًى؛ أحَدُهُما ما تَقَدَّمَ.
{"ayah":"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌۖ أُجِیبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡیَسۡتَجِیبُوا۟ لِی وَلۡیُؤۡمِنُوا۟ بِی لَعَلَّهُمۡ یَرۡشُدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق