الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ﴾ الآياتِ.
أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ قالَ: بَدْءُ آدَمَ خُلِقَ مِن طِينٍ: ﴿ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً﴾ قالَ: ذُرِّيَّةَ آدَمَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ قالَ: هو الطِّينُ النَّدِيُّ إذا قَبَضْتَ عَلَيْهِ خَرَجَ ماؤُهُ مِن بَيْنِ أصابِعِكَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ﴾ . قالَ: اسْتُلَّ اسْتِلالًا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مِن سُلالَةٍ﴾ قالَ: السُّلالَةُ صَفْوُ الماءِ الرَّقِيقِ الَّذِي يَكُونُ مِنهُ الوَلَدُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿مِن سُلالَةٍ﴾ (p-٥٧٢)قالَ: مِن مَنِيِّ آدَمَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ قالَ: الإنْسانُ خُلِقَ مِن طِينٍ، وإنَّما تَلِينُ القُلُوبُ في الشِّتاءِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: اسْتُلَّ آدَمُ مِن طِينٍ وخُلِقَتْ ذُرِّيَّتُهُ مِن ماءٍ مَهِينٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إنَّ النُّطْفَةَ إذا وقَعَتْ في الرَّحِمِ طارَتْ في كُلِّ شَعَرٍ وظُفْرٍ، فَتَمْكُثُ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَنْحَدِرُ في الرَّحِمِ فَتَكُونُ عَلَقَةً.
وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ بِسَنَدٍ واهٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَرْفُوعًا: «النُّطْفَةُ الَّتِي يُخْلَقُ مِنها الوَلَدُ تُرْعَدُ لَها الأعْضاءُ والعُرُوقُ كُلُّها إذا خَرَجَتْ وقَعَتْ في الرَّحِمِ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: سَألْنا ابْنَ عَبّاسٍ عَنِ العَزْلِ فَقالَ: اذْهَبُوا فاسْألُوا النّاسَ ثُمَّ ائْتُونِي وأخْبِرُونِي. فَسَألُوا ثُمَّ أخْبَرُوهُ أنَّهم قالُوا: إنَّها المَوْءُودَةُ الصُّغْرى. وتَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ﴾ حَتّى فَرَغَ مِنها، ثُمَّ قالَ: كَيْفَ تَكُونُ مِنَ المَوْءُودَةِ حَتّى تَمُرَّ عَلى هَذا الخَلْقِ ؟
(p-٥٧٣)وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ عَزْلِ النِّساءِ، فَقالَ: ذَلِكَ الوَأْدُ الخَفِيُّ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ في العَزْلِ: هي المَوْءُودَةُ الخَفِيَّةُ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفاعَةَ قالَ: أفاضُوا في ذِكْرِ العَزْلِ، وفي القَوْمِ عُمَرُ وعَلِيٌّ ورِفاعَةُ بْنُ رافِعٍ، فَقالُوا: لا بَأْسَ. فَقالَ بَعْضُهم: إنَّها المَوْءُودَةُ الصُّغْرى. فَقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ: إنَّها لا تَكُونُ مَوْءُودَةً حَتّى تَمُرَّ بِسَبْعِ تاراتٍ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ ﴿ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً﴾ ) إلى قَوْلِهِ: ( ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ ) فَتَفَرَّقُوا عَلى قَوْلِ عَلِيٍّ أنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ﴿فَخَلَقْنا المُضْغَةَ عِظامًا﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ( فَخَلَقْنا المُضْغَةَ عَظْمًا فَكَسَوْنا العِظامَ لَحْمًا ) .
(p-٥٧٤)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عاصِمٍ أنَّهُ قَرَأ: ( فَخَلَقْنا المُضْغَةَ عَظْمًا ) بِغَيْرِ ألِفٍ: ( فَكَسَوْنا العَظْمَ ) عَلى واحِدَةٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ قالَ: الشَّعْرُ والأسْنانُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ: ( ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ ) يَقُولُ: أنْبَتَ فِيهِ الشَّعْرَ. قالَ: وقالَ الحَسَنُ: ذَكَرًا وأُنْثى.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ( ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ ) قالَ: نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ قالَ: جَعَلَ فِيهِ الرُّوحَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ وعِكْرِمَةَ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ قالَ: حِينَ اسْتَوى بِهِ الشَّبابُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحّاكِ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ قالَ: (p-٥٧٥)الأسْنانُ والشَّعَرُ. قِيلَ: ألَيْسَ قَدْ يُولَدُ وعَلى رَأْسِهِ الشَّعَرُ؟ قالَ: فَأيْنَ العانَةُ والإبْطُ؟
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ صالِحٍ أبِي الخَلِيلِ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ قالَ عُمَرُ: فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ ! فَقالَ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّها خُتِمَتْ بِالَّذِي تَكَلَّمْتَ يا عُمَرُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: قالَ عُزَيْرٌ: يا رَبِّ أمَرْتَ الماءَ فَجَمَدَ في وسَطِ الهَواءِ، فَجَعَلْتَ مِنهُ سَبْعًا وسَمَّيْتَها السَّماواتِ، ثُمَّ أمَرْتَ الماءَ يَنْفَتِقُ عَلى التُّرابِ، وأمَرْتَ التُّرابَ أنْ يَتَمَيَّزَ مِنَ الماءِ فَكانَ كَذَلِكَ، فَسَمَّيْتَ جَمِيعَ ذَلِكَ الأرَضِينَ، وجَمِيعَ الماءِ البِحارَ، ثُمَّ خَلَقْتَ مِنَ الماءِ أعْمى عَيْنٍ بَصَّرْتَهُ، ومِنها أصَمَّ أُذُنٍ أسْمَعْتَهُ، ومِنها مَيِّتَ أنْفُسٍ أحْيَيْتَهُ، خَلَقْتَ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ؛ مِنها ما عَيْشُهُ الماءُ، ومِنها ما لا صَبْرَ لَهُ عَلى الماءِ، خَلْقًا مُخْتَلِفًا في الأجْسامِ والألْوانِ، جَنَّسْتَهُ أجْناسًا، وزَوَّجْتَهُ أزْواجًا، وخَلَقْتَهُ أصْنافًا وألْهَمْتَهُ الَّذِي خَلَقْتَهُ، ثُمَّ خَلَقْتَ مِنَ التُّرابِ والماءِ دَوابَّ الأرْضِ (p-٥٧٦)وماشِيَتَها وسِباعَها؛ فَمِنهم مَن يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ، ومِنهم مَن يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ، ومِنهم مَن يَمْشِي عَلى أرْبَعٍ، ومِنهُمُ العَظِيمُ والصَّغِيرُ ثُمَّ وعَظْتَهُ بِكِتابِكَ وحِكْمَتِكَ، ثُمَّ قَضَيْتَ عَلَيْهِ المَوْتَ لا مَحالَةَ، ثُمَّ أنْتِ تُعِيدُهُ كَما بَدَأْتَهُ. وقالَ عُزَيْرٌ: اللَّهُمَّ بِكَلِمَتِكَ خَلَقْتَ جَمِيعَ خَلْقِكَ، فَأتى عَلى مَشِيئَتِكَ، ثُمَّ زَرَعْتَ في أرْضِكَ كُلَّ نَباتٍ فِيها بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ وتُرابٍ واحِدٍ، تُسْقى بِماءٍ واحِدٍ، فَجاءَ عَلى مَشِيئَتِكَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ ولَوْنُهُ ورِيحُهُ وطَعْمُهُ، مِنهُ الحُلْوُ، ومِنهُ الحامِضُ والمُرُّ، والطَّيِّبُ رِيحُهُ والمُنْتِنُ، والقَبِيحُ والحَسَنُ. وقالَ عُزَيْرٌ: يا رَبِّ إنَّما نَحْنُ خَلْقُكَ وعَمَلُ يَدِكَ، خَلَقْتَ أجْسادَنا في أرْحامِ أُمَّهاتِنا، وصَوَّرْتَنا كَيْفَ تَشاءُ بِقُدْرَتِكَ، جَعَلْتَ لَنا أرْكانًا، وجَعَلْتَ فِيها عِظامًا، وشَقَقْتَ لَنا أسْماعًا وأبْصارًا، ثُمَّ جَعَلْتَ لَنا في تِلْكَ الظُّلْمَةِ نُورًا، وفي ذَلِكَ الضِّيقِ سِعَةً، وفي ذَلِكَ الغَمِّ رَوْحًا، ثُمَّ هَيَّأْتَ لَنا مِن فَضْلِكَ رِزْقًا تَقُوتُهُ عَلى مَشِيئَتِكَ، لَمْ تَأْنَ في ذَلِكَ مُؤْنَةً، ولَمْ تَنْصَبْ مِنهُ نَصَبًا، كانَ عَرْشُكَ عَلى الماءِ، والظُّلْمَةُ عَلى الهَواءِ، والمَلائِكَةُ يَحْمِلُونَ عَرْشَكَ، ويُسَبِّحُونَ بِحَمْدِكَ، والخَلْقُ مُطِيعٌ لَكَ خاشِعٌ مِن خَوْفِكَ، لا يُرى فِيهِ نُورٌ إلّا نُورُكَ، ولا يُسْمَعُ فِيهِ صَوْتٌ إلّا (p-٥٧٧)صَوْتُكَ، ثُمَّ فَتَحْتَ خِزانَةَ النُّورِ وطَرِيقَ الظُّلْمَةِ، فَكانا لَيْلًا ونَهارًا يَخْتَلِفانِ بِأمْرِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في ”العَظَمَةِ“ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ كَما شاءَ، وبِما شاءَ، فَكانَ كَذَلِكَ: ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ خُلِقَ مِنَ التُّرابِ والماءِ، فَمِنهُ شَعْرُهُ ولَحْمُهُ ودَمُهُ وعِظامُهُ وجَسَدُهُ، فَهَذا بَدْءُ الخَلْقِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ مِنهُ ابْنَ آدَمَ، ثُمَّ جُعِلَتْ فِيهِ النَّفْسُ فَبِها يَقُومُ ويَقْعُدُ ويَسْمَعُ ويُبْصِرُ ويَعْلَمُ ما تَعْلَمُ الدَّوابُّ، ويَتَّقِي ما تَتَّقِي، ثُمَّ جُعِلَ فِيهِ الرُّوحُ، فَبِهِ عَرَفَ الحَقَّ مِنَ الباطِلِ، والرُّشْدَ مِنَ الغَيِّ، وبِهِ حَذِرَ وتَقَدَّمَ واسْتَتَرَ، وتَعَلَّمَ ودَبَّرَ الأُمُورَ كُلَّها، فَمِنَ التُّرابِ يُبُوسَتُهُ ومِنَ الماءِ رُطُوبَتُهُ، فَهَذا بَدْءُ الخَلْقِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ مِنهُ ابْنَ آدَمَ كَما أحَبَّ أنْ يَكُونَ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ مِن هَذِهِ الفِطَرِ الأرْبَعِ، فالأنْواعُ مِنَ الخَلْقِ أرْبَعَةٌ في جَسَدِ ابْنِ آدَمَ، فَهي قِوامُ جَسَدِهِ ومِلاكُهُ، بِإذْنِ اللَّهِ، وهي: المِرَّةُ السَّوْداءُ، والمِرَّةُ الصَّفْراءُ، والدَّمُ والبَلْغَمُ، فَيُبُوسَتُهُ وحَرارَتُهُ مِنَ النَّفْسِ، ومَسْكَنُها في الدَّمِ، وبُرُودَتُهُ مِن قِبَلِ الرُّوحِ، ومَسْكَنُهُ في (p-٥٧٨)البَلْغَمِ، فَإذا اعْتَدَلَتْ هَذِهِ الفِطَرُ في الجَسَدِ فَكانَ مِن كُلِّ واحِدٍ رُبُعٌ، كانَ جَسَدًا كامِلًا وجِسْمًا صَحِيحًا، وإنْ كَثُرَ واحِدٌ مِنها عَلى صاحِبِهِ عَلاها وقَهَرَها، وأدْخَلَ عَلَيْها السَّقَمَ مِن ناحِيَتِهِ، وإنْ قَلَّ عَنْها واحِدٌ مِنها غَلَبَتْ عَلَيْهِ وقَهَرَتْهُ ومالَتْ بِهِ، فَضَعُفَ عَنْ قُوتِها وعَجَزَ عَنْ طاقَتِها، وأدْخَلَ عَلَيْها السَّقَمَ مِن ناحِيَتِهِ، فالطَّبِيبُ العالِمُ بِالدّاءِ والدَّواءِ يَعْلَمُ مِنَ الجَسَدِ حَيْثُ أتى سَقَمُهُ؛ أمِن نُقْصانٍ أمْ مِن زِيادَةٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: إذا نَمَتِ النُّطْفَةُ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ بُعِثَ إلَيْها مَلَكٌ فَنَفَخَ فِيها الرُّوحَ في الظُّلُماتِ الثَّلاثِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ يَعْنِي نَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ يَقُولُ: خَرَجَ مِن بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَما خُلِقَ فَكانَ مِن بَدْءِ خَلْقِهِ الآخَرِ أنِ اسْتَهَلَّ، ثُمَّ كانَ مِن خَلْقِهِ أنْ دُلَّ عَلى ثَدْيِ أُمِّهِ، ثُمَّ كانَ مِن خَلْقِهِ أنْ عَلِمَ كَيْفَ يَبْسُطُ رِجْلَيْهِ، إلى أنْ قَعَدَ، إلى أنْ حَبا، إلى أنْ قامَ عَلى رِجْلَيْهِ، إلى أنْ مَشى، إلى أنْ فُطِمَ، فَعَلِمَ كَيْفَ يَشْرَبُ ويَأْكُلُ مِنَ الطَّعامِ، إلى أنْ بَلَغَ الحُلُمَ، إلى أنْ بَلَغَ أنْ (p-٥٧٩)يَتَقَلَّبَ في البِلادِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ قالَ: يَقُولُ بَعْضُهم: هو نَباتُ الشَّعَرِ. وبَعْضُهم يَقُولُ: هو نَفْخُ الرُّوحِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ قالَ: يَصْنَعُونَ ويَصْنَعُ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ الصّانِعِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ قالَ: عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ يَخْلُقُ.
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ أنَسٍ قالَ: «قالَ عُمَرُ: وافَقْتُ رَبِّي في أرْبَعٍ، قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ صَلَّيْنا خَلْفَ المَقامِ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] [ البَقَرَةِ: ١٢٥] وقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ عَلى نِسائِكَ حِجابًا؛ فَإنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ والفاجِرُ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا فاسْألُوهُنَّ مِن وراءِ حِجابٍ﴾ [الأحزاب: ٥٣] [ الأحْزابِ: ٥٣] وقُلْتُ: لِأزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ: لَتَنْتَهُنَّ أوْ لَيُبْدِلَنَّهُ اللَّهُ أزْواجًا خَيْرًا مِنكُنَّ، فَنَزَلَتْ: ﴿عَسى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ﴾ [التحريم: ٥] [ التَّحْرِيمِ: ٥ ] الآيَةَ، ونَزَلَتْ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ الآيَةَ، إلى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ فَقُلْتُ أنا: فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ فَنَزَلَتْ: ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ [المؤمنون»: ١٤] .
(p-٥٨٠)وأخْرَجَ ابْنُ راهُوَيْهِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ قالَ: «أمْلى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿خَلْقًا آخَرَ﴾ فَقالَ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ: فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ! فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ لَهُ مُعاذٌ: مِمّا ضَحِكْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: بِها خُتِمَتْ: ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ [المؤمنون»: ١٤] .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وأبُو نُعَيْمٍ في ( فَضائِلِ الصَّحابَةِ ) وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، قالَ عُمَرُ: فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ! فَنَزَلَتْ: ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ .
{"ayahs_start":12,"ayahs":["وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةࣲ مِّن طِینࣲ","ثُمَّ جَعَلۡنَـٰهُ نُطۡفَةࣰ فِی قَرَارࣲ مَّكِینࣲ","ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةࣰ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةࣰ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَـٰمࣰا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَـٰمَ لَحۡمࣰا ثُمَّ أَنشَأۡنَـٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَـٰلِقِینَ"],"ayah":"ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةࣰ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةࣰ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَـٰمࣰا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَـٰمَ لَحۡمࣰا ثُمَّ أَنشَأۡنَـٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَـٰلِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق