﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ وقال ابن عباس [[ورد قوله في "معاني القرآن" للفرء: 3/ 276، و"الكشف والبيان" 13/ 117/ ب من غير ذكر طريق الكلبي، و"بحر العلوم" 3/ 491، و"معالم التنزيل" 4/ 504، وعزاه إلى ابن عباس، والكلبي، و"المحرر الوجيز" 5/ 499، و"زاد المسير" 8/ 274 ولم يذكر طريق الكلبي، و"التفسير الكبير" 32/ 8 من غير ذكر الكلبي، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 110 ونسبه إلى ابن عباس والكلبي، و"لباب التأويل" 4/ 390 من غير ذكر الكلبي.]] (في رواية الكلبي) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]: يعني تينكم وزيتونكم، وهو قول الحسن [[ورد بنحو من قوله في "جامع البيان" 30/ 238، و"الكشف والبيان" 13/ 117 ب، و"النكت والعيون" 6/ 300، و"معالم التنزيل" 4/ 504، و"المحرر الوجيز" 5/ 499، و"زاد المسير" 8/ 274، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 110، و"الدر المنثور" 8/ 557 وعزاه إلى عبد بن حميد، و"التحرير والتنوير" 30، 420، و"تفسير الحسن البصري" 2/ 429.]]، ومجاهد [[المراجع السابقة عدا "جامع البيان"، و"النكت والعيون"، و"تفسير الحسن البصري"، وانظر أيضًا "تفسير الإمام مجاهد" ص 737.]]، (وعكرمة [[ورد معنى قوله في "جامع البيان" 30/ 238، و"الكشف والبيان" 13/ 117 ب، و"النكت والعيون" 6/ 300، و"زاد المسير" 8/ 274، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 110، و"التحرير والتنوير" 30/ 420.]]، وإبراهيم [[المراجع السابقة، وانظر: "المحرر الوجيز" 5/ 499.]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 244 أ، و"الكشف والبيان" 13/ 117 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 504 "المحرر الوجيز" 5/ 499، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 110.]]، قالوا: هو تينكم الذي تأكلون، وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت.
وعلى هذا إنما ذكر الله تعالى هذا القسم بالتين؛ لأنه فاكهة مخلصة من [شوائب] [[(شايب) هكذا وردت في النسختين، وأثبت ما جاء في "الوسيط" 4/ 523 لسلامة السياق به.]] التنغيص [[(التنغيص): أي كَدَّره. "مختار الصحاح" ص 670 (نغص).]]، وفيه أعظم العبرة لدلالته على [[في (ع): (عن).]] من هيأها على تلك الصفة، وخلصها لتكامل اللذة على مقدار اللقمة، فالله عز وجل المنعم به على عباده، والمنة على مَا فيه ليعتبروا ويشكروا.
وقد روى أبو ذر رضي الله عنه أن النبي -ﷺ- قال في التين: "لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة، قلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم [[العَجَمُ: النَّوى، نوى التمر والنبق، و"لسان العرب" 12/ 391 (عجم).]]، فكلوها، فإنها تقطع البواسير [["البواسير" مفرده الباسور، وهي عِلَّة تحدث في المقعدة، وفي داخل الأنف أيضًا. "الصحاح" 2/ 589 (بسر)، وانظر: "لسان العرب" 4/ 59 (بسر).]]، وتنفع من النقرس [[النقرس: مرض مزمن يؤدي إلى أورام شديدة في المفاصل، ويأتي نتيجة فشل == الجسم في أداء مهمته الطبيعية لتحليل أنواع معينة من البروتين مما ينتج عنه زيادة كبيرة في حمض اليوريك تتجمع في الدم، وداء المفاصل، ويعتبر الاستعداد للإصابة بالنقرس وراثيًا، وليس للنقرس علاج حتى الآن، إلا أن السيطرة عليه ممكنة باتباع التعليمات بشكل دائم مستمر، و"الموسوعة العربية العالمية" 25/ 356.
ووردت الرواية في "الكشف والبيان" 13/ 118 أ، و"المحرر الوجيز" 5/ 499، و"الكثساف" 4/ 222، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 110، قال ابن حجر في "الكافي" 4/ 186، الحديث أخرجه أبو نعيم في الطب، والثعلبي من حديث أبي ذر، وفي إسناده من لا يعرف.]] ".
وأما الزيتون فإنه يعتصر منه الزيت الذي يدور في أكثر الأطعمة مع [الاصطباغ] [[في: (أ)، (ع) (الاصطباح)، هكذا وردت في النسختين، ولم أتوصل لمعرفة معناه، فأثبت ما جاء في النسخة المطبوعة "للوسيط" 4/ 523.]] به، والأدهان، واتخاذ الصابون، ثم ما في شجره من أنه مال يبقى على مرور الزمَان، ثم ما فيه من الطيب، وإصلاح الغذاء؛ إذا تُنوِلَ على الحالة الأولى قبل العصر.
وقال قتادة: التين الجبل الذي عليه دمشق [[دمشق: عاصمة الجمهورية العربية السورية، وأكبر مدينة في البلاد السورية على الإطلاق، وهي أكثر المدن السورية سكانًا بسبب الهجرة الكثيفة إليها من المناطق المجاورة، والمدن الأخرى، يخترقها نهر بردى، وتحيط بها بساتين الغوطة، وتشتهر دمشق القديمة بأسواقها المسقوفة، وأهمها سوق الحميدية، وسوق مدحت باشا، وسوق الحرير، أشهر مساجدها الجامع الأموي، ومسجد السنانية، ومن المساجد الحديثة: الجامع الأكرمي في حي المزة، وتعتبر الغوطة برمها منتزهاً لأهالي دمشق بالإضافة إلى حدائق وادي بردى. وقد قيل لقد سميت دمشق لأنهم دَمشَقوا في بنائها أي أسرعوا. انظر: "للموسوعة العربية العالمية" 10/ 368 - 372، وانظر: "معجم البلدان" 2/ 463.]]، والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس [[بيت المقدس: هي مدينة مرتفعة على جبال يُصعد إليها من كل مكان يقصدها المقاصد من فلسطين، وبها المسجد الأقصى، وليس في بيت المقدس ماء جار سوى عيون لا ينتفع المزروع بها، وهي من أخصب بلاد فلسطين على مر الأوقات، وفي سورها موضع يعرف بمحراب داود النبي عليه السلام، وهو بنية مرتفعة ارتفاعها نحو خمسين ذراعاً من الحجارة، وبأعلى بناء كالحجرة، وهو المحراب. انظر: "المسالك والممالك" للأصطخري ص 56، و"صورة الأرض" لابن حوقل ص 158.]] [["تفسير عبد الرزاق" 2/ 382، و"جامع البيان" 30/ 239، و"بحر العلوم" 3/ 491، و"الكشف والبيان" 13/ 118 أ، و"معالم التنزيل" 4/ 504، و "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 111، و"البحر المحيط" 8/ 489، و"الدر المنثور" 8/ 545 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن عساكر، و"فتح القدير" 5/ 464.]].
ونحو هذا قال ابن زيد؛ إلا أنه خص المسجدين فقال: التين مسجد دمشق، والزيتون (مسجد) [[ساقط من (أ).]] بيت المقدس [["جامع البيان" 30/ 239، و"النكت والعيون" 6/ 300، و"معالم التنزيل" 4/ 504، و"المحرر الوجيز" 5/ 499، و"زاد المسير" 8/ 275، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 111، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 563، و"فتح القدير" 5/ 564.]].
وروى (أبو مكين [[أبو مكين: نوح بن ربيعة الأنصاري؛ مولاهم، روى عن عكرمة مولى ابن عباس، وعنه الحكم بن أبان. صدوق.
انظر: "التاريخ الكبير" 8/ 111: ت 2383، و"تهذيب الكمال" 3/ 50 ت 6492، و"تقريب التهذيب" 2/ 308: ت 166.]]) [[ساقط من (أ).]] عن عكرمة قال: هما جبلان [["جامع البيان" 30/ 239 من طريق أبي بكر عن عكرمة، و"الكشف والبيان" 13/ 118/ أ، و"زاد المسير" 8/ 275.]].
وحكى الفراء قال: سمعت رجلاً [[رجل من أهل الشام هكذا جاء في المعاني.]] كان صَاحب تفسير قال: "التين" جبال ما بين [حلوان [[حُلوان: لعله يراد به حلوان العراق، وهي بلدة تاريخية، تقع في شمال الجزيرة، قيل: كانت كبرى مدن العراق بعد بغداد، والكوفة، والبصرة، وواسط، وسامراء، استولى عليها جرير بن عبد الله عام 19 هـ، فهرب منها يزدجرد إلى أصبهان، أكثر ثمارها التين، وهي بقرب الجبل، وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها. "القاموس الإسلامي" أحمد عطية: 2/ 114. وانظر: "معجم البلدان" 2/ 290.]]] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في: (ع)، وفي (أ): (حوالي)، والمثبت من مصدر القول من معاني الفراء.]] إلى همذان [[هَمَذَان: من مدن فارس، وتعد أكبر المدن الجبلية فيها، عذب ماؤها، طيب هواؤها، فتحها المغيرة بن شعبة (في سنة 24 هـ. انظر: "معجم البلدان" 5/ 410 وما بعدها، و"مراصد الاطلاع" للبغدادي 3/ 1464.]]،
و"الزيتون" جبال الشام [["معاني القرآن" 3/ 276 بيسير من التصرف.]] [[الشام: بفتح أوله، وسكون همزته أو فتحها، ولغة ثالثة بغير همز، وفي تسميتها بالشام أوجه منها: أنها مأخوذة من اليد الشؤمى، وهي اليسرى؛ لأنها عن يسار الكعبة، وقيل: الشام جمع شامة؛ سميت بذلك لكثرة قراها، وتداني بعضها من بعض، فشبهت بالشامات، وقيل غير ذلك، وبها من أمهات المدن: منبج، وحلب، وحماة، وحمص، ودمشق، وبيت المقدس.
ومن سواحلها: عكا، وصور، وعسقلان، وغير ذلك، وكانت تتكون فيما سبق من سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، ولكن منذ العرب العالمية الأولى انقسم هذا الإقليم إلى وحدات سياسية هي: سوريا، ولبنان، وفلسطين، وشرق الأردن.
انظر: "معجم البلدان" 3/ 311، و"مراصد الاطلاع" 3/ 775، و"صورة الأرض" لابن حوقل 153، و"مسالك الممالك" للأصطخري 55، و"القاموس الإسلامي" 4/ 22.]].
وعلى هذا سميت هذه الأمكنة بالزيتون والتين، لأنها تنبتهما، وهي منابت لها [[انظر ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ص 532.]].
فيجوز أن يكونْ على حذف المضاف، بتقدير: ومنابت التين والزيتون [[قال القرطبي: وأصح هذه الأقوال: الأول، ويعني به من قال: تينكم وزيتونكم، ثم قال: لأنها الحقيقة، ولا يُعْدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل، ثم بين أن من قال بخلاف ظاهر القرآن أنه قول لا دليل عليه. "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 111، وإلى هذا ذهب أيضًا الشوكاني في "فتح القدير" 5/ 465.]].
ويجوز أن يكون قد أطلق عليها اسم ما تنبته.
{"ayah":"وَٱلتِّینِ وَٱلزَّیۡتُونِ"}