الباحث القرآني

سورة التين هي ثمان آيات وهي مكية في قول الجمهور وروى القرطبي عن ابن عباس أنها مدنية ويخالف هذه الرواية ما أخرجه ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال أنزلت سورة التين بمكة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن البراء بن عازب قال " كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في سفر فصلى العشاء فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون فما سمعت أحداً أحسن صوتاً ولا قراءة منه ". وعنه قال: " صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المغرب فقرأ بالتين " أخرجه الخطيب وعن عبد الله بن يزيد نحوه عند الطبراني وابن شيبة. وعن زرعة بن خليفة قال: " أتيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من اليمامة فعرض علينا الإسلام فأسلمنا فلما صلينا الغداة قرأ بالتين والزيتون وإنا أنزلناه في ليلة القدر " وأخرجه ابن قانع وابن الساكن والشيرازي في الألقاب. بسم الله الرحمن الرحيم وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8) (والتين) قال أكثر المفسرين هو التين الذي يأكله الناس، وإنما أقسم بالتين لأنه فاكهة مخلصة من شوائب التنغيص، وفيها أعظم عبرة لدلالتها على من هيأها لذلك وجعلها على مقدار اللقمة. قال كثير من أهل الطب: إن التين أنفع الفواكه للبدن وأكثرها غذاء، وذكروا له فوائد كما في كتب المفردات والمركبات وهو غذاء ودواء. أما كونه غذاء فالأطباء زعموا أنه طعام لطيف سريع الهضم لا يمكث في المعدة يلين الطبع ويخرج بطريق الرشح، ويقلل البلغم ويطهر الكليتين ويزيل ما في المثانة من الرمل، ويسمن البدن، ويفتح مسام الكبد وسدده والطحال ويقطع البواسير، ويزيل نكهة الفم، ويطول الشعر، وهو أمان من الفالج. وأما كونه دواء فلأنه سبب في إخراج فضلات البدن وهو مأكول الظاهر والباطن دون غيره كالجوز والتمر. والتين في النوم رجل غير جبار، ومن نالها في المنام نال مالاً ومن أكلها مناماً رزقه الله أولاداً، وتستر آدم بورق التين حين فارق الجنة، ويشبه فواكه الجنة لأنه بلا عجم وفاكهة طيبة لا فضل له ينفع من النقرس. وقال الضحاك: التين المسجد الحرام، وقيل: مسجد أصحاب الكهف، وقال ابن زيد: مسجد دمشق، وقال قتادة التين الجبل الذي عليه دمشق، وقال عكرمة وكعب الأحبار: التين دمشق، وعن ابن عباس: قال التين بلاد الشام، وفي سنده مجهول وعنه قال مسجد نوح الذي بني على الجودي، وعنه قال الفاكهة التي يأكلها الناس. (والزيتون) وهو الذي يعصرون منه الزيت الذي هو إدام غالب البلدان ودهنهم ويدخل في كثير من الأدوية، وقال الضحاك المسجد الأقصى، وقال ابن زيد مسجد بيت المقدس، وقال قتادة الجبل الذي عليه بيت المقدس، وقال عكرمة وكعب الأحبار بيت المقدس، وعن ابن عباس قال بلاد فلسطين وفي سنده مجهول، وقال أيضاًً بيت المقدس. وليت شعري ما الحامل لهؤلاء الأئمة على العدول عن المعنى الحقيقي في اللغة العربية والعدول إلى هذه التفسيرات البعيدة عن المعنى، المبنية على خيالات لا ترجع إلى عقل ونقل، وأعجب من هذا اختيار ابن جرير للآخر منها مع طول باعه في علم الرواية والدراية، قال الفراء؛ سمعت رجلاً يقول التين جبال حلوان إلى همدان، والزيتون جبال الشام. قلت هب إنك سمعت هذا الرجل فكان ماذا، فليس بمثل هذا تثبت اللغة، ولا هو نقل عن الشارع، وقال محمد بن كعب الزيتون مسجد إيليا، وقيل إنه على حذف مضاف أي ومنابت التين والزيتون، قال النحاس لا دليل على هذا من ظاهر التنزيل ولا من قول من لا يجوز خلافه. قال الرازي أما الزيتون فهو فاكهة من وجه ودواء من وجه، ويستصبح به، ومن رأى ورق الزيتون في المنام استمسك بالعروة الوثقى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب