الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ قال أبو إسحاق: إذا [[ساقط من (ح).]] في موضع نصب على: وليربط إذ يوحي، قال: ويجوز أن يكون على: اذكروا [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 404.]]. ومعنى (يوحي ربك) أي: يلقي إليهم من وجه يخفى، هذا حقيقة معنى الإيحاء [[انظر: "الصحاح" (وحي) 6/ 2520.]]. وقوله تعالى: ﴿إِلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ يعني الذين أمد الله بهم المسلمين، وقوله تعالى: ﴿أَنِّي مَعَكُمْ﴾ أي بالعون والنصرة، كما يقال: فلان مع فلان أي معونته معه [[هذه بعض معان المعية الخاصة، وليسر ذلك من التأويل المذموم بل هو مقتضى لغة العرب، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (مع) في كلامهم لصحبته اللائقة، وهي تختلف باختلاف متعلقاتها ومصحوبها، فكون نفس الإنسان معه لون وكون علمه وقدرته وقوته معه لون، وكون زوجته معه لون، وكون أميره ورئيسه معه لون، وكون ماله معه لون، فالمعية ثابتة في هذا كله مع تنوعها واختلافها. "مختصر الصواعق المرسلة" ص 394.]]. وقوله تعالى: ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، قال عطاء عن ابن عباس: يريد ادعوا لهم، ولا يمدن أحد منهم سيفه ليضرب به إلا بادرتموه بسيوفكم [[لم أعثر على مصدره، وفي معناه نظر، إذ لو ثبت هذا لما قتل أحد من المسلمين لكن الواقع أنه استشهد في معركة بدر أربعة عشر رجلا. انظر: "سيرة ابن هشام" 2/ 354 - 355.]]، وقال مقاتل: يعني بشروهم بالنصر، وكان الملك يسير أمام الصف في صورة الرجل ويقول: أبشروا فإن الله ناصركم ويرى [[في (ح): (فيرى).]] الناس أنه منهم [[في (س): (منكم).]] [["تفسير مقاتل" ل 119 أ.]]. وقال عبد العزيز بن يحيى: شجعوهم وقووا عزمهم في الجهاد [[لم أعثر عليه، وقد ذكره الثعلبي 6/ 43 أبلا نسبة.]]، وهذا معني قول الزجاج: جائز أن يكونوا يثبتونهم بأشياء يلقونها في قلوبهم تقوى بها [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 404، ونص عبارة الزجاج: جائز أن يكون أنهم يثبتوهم ... إلخ.]]، قال أبو روق: هو أن الملك كان يتشبه بالرجل الذي يعرفونه فيأتي الرجل منهم ويقول: إني سمعت المشركين يقولون: والله لئن حملوا علينا لننكشفن، فيتحدث بذلك المسلمون ويزدادون جرأة [[رواه الثعلبي في "تفسيره" 6/ 43 ب، والأثر مرسل لأن أبا روق من صغار التابعين ولم يسنده إلى صحابي.]]، وهذا اختيار الفراء [[انظر: "معاني القرآن" له 1/ 405.]] وابن الأنباري، وقال الزجاج: وجائز أن يكونوا يرونهم مددًا فإذا عاينوا نصر الملائكة ثبتوا [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 404.]]. وذكر أبو بكر [[هو: ابن الأنباري.]] وجهًا آخر فقال: معناه اقتلوا المشركين وأفسدوا صفوفهم فإنكم إذا فعلتم ذلك ثبّتم المؤمنين، وهذا معنى قول المبرد: (وازروهم) [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 6/ 43/ب، وهو قول ابن إسحاق، انظر "السيرة == النبوية" 2/ 273 - 274، ومعنى (وازروهم): أعينوهم. انظر: "القاموس المحيط" فصل: الواو، باب: الراء ص 492.]]، وهو قول الحسن قال: (فثبتوا الذين آمنوا) بقتالكم المشركين [["زاد المسير" 3/ 329، و"الوسيط" 2/ 448، وانظر: "تفسير الحسن البصري" 1/ 399 جمع وتوثيق د/ محمد عبد الرحيم.]]. وقوله تعالى: ﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾، قال عطاء: يريد الخوف من أوليائي [[رواه البغوي في "تفسيره" 3/ 334، وانظر: "الوسيط" 2/ 448.]]. وقوله تعالى: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾، قالوا: جائز أن يكون هذا أمرًا للملائكة وهو الظاهر، وجائز أن يكون أمرًا للمؤمنين [[رجح هذا القول ابن جرير 13/ 430، والسمرقندي 2/ 10، والرازي 15 - 140، وانظر القولين في "تفسير الثعلبي" 6/ 43 ب، والبغوي 3/ 334، وابن الجوزي 3/ 329، والرازي 15/ 140، وقتال الملائكة يوم بدر ثابت في "صحيح مسلم"، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة رقم (1763) 3/ 1383.]]، ومعناه: فاضربوا الرؤوس؛ لأنها فوق الأعناق. قال عطاء عن ابن عباس: يريد كل هَامَة وجمجمة [[انظر: "تفسير القرطبي" 7/ 378، وبمعناه عند الثعلبي 6/ 43 ب، والهامة: أعلى الرأس، وقيل: الرأس، وقيل غير ذلك. انظر: "لسان العرب" (هوم) 12/ 624.]]، وقال عكرمة: معناه: فاضربوا الرؤوس فوق الأعناق [[رواه الثعلبي 6/ 43 ب، ورواه ابن جرير 13/ 430، وابن أبي حاتم 3/ 231 ب مختصرًا بلفظ: الرؤوس.]]، [وقال الفراء: "علمهم مواضع الضرب فقال: اضربوا الرؤوس [["معاني القرآن" 1/ 405، ونصر عبارة الفراء: اضربوا الرؤوس والأيدي والأرجل.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (س).]] "، وقال أبو بكر [[يعني: ابن الأنباري، وانظر قوله هذا في: "زاد المسير" 3/ 329، وفي "تفسير البغوي" 3/ 335.]]: أراد به الرؤوس، وذلك أن الملائكة حين أمرت بالقتال لم تعلم أين تقصد بالضرب من الناس فعلمهم الله تعالى أن يضربوا الرؤوس. قال قطرب [[هو: محمد بن المستنير أبو علي المعروف بقطرب النحوي اللغوي المعتزلي أحد أئمة اللغة والنحو، تتلمذ على سيبويه وغيره من علماء البصرة، توفي سنة 206 هـ. انظر: "نزهة الألباء" ص 76، و"إنباه الرواة" 3/ 219، و"مراتب النحويين" ص 109.]]: يعني ما فوق الأعناق [[لم أجد من ذكر هذا القول عنه، ولعله في كتابه "معاني القرآن" وهو من الكتب التي لم أعثر عليها، وانظر نحو هذا القول في: "النكت والعيون" 2/ 302.]]. ونصب (فوق) يكون بالظرف. وقوله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ يعني الأطراف من اليدين والرجلين، عن ابن عباس [[انظر: "تفسير ابن جرير" 9/ 199، وابن أبي حاتم 5/ 1668، والثعلبي 6/ 43 ب.]]، وابن جريج [[انظر: "تفسير ابن جرير" 9/ 199، والثعلبي 6/ 43 ب.]]، والسدي [[انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 5/ 1668، وابن كثير 2/ 324.]]. وفي رواية: (كل بنان) من الأصابع إلى الذراع [[لم أجد هذه الرواية في كتب التفسير.]]، قال الليث [[هو: الليث بن نصر بن سيار الخرساني اللغوي النحوي، وقيل: الليث بن المظفر، وقيل: الليث بن رافع، كان من أكتب الناس في زمانه، بارعًا في الأدب، بصيرًا بالشعر والغريب والنحو، من تلامذة الخليل بن أحمد وراوي كتاب "العين" عنه، بل قيل إنه هو مؤلفه، وجزم الأزهري بذلك وتبعه المؤلف. انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 28، و"إنباه الرواة" 3/ 42، و"لسان الميزان" 4/ 494، و"بغية الوعاة" 2/ 270، وانظر: الرد علي الأزهري في نسبة كتاب العين لليث، وصحة نسبته في مقدمة كتاب "العين" 1/ 19.]]: البنان: أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، والبنان في كتاب الله هي (الشوى) وهي الأيدي والأرجل [["تهذيب اللغة" (بنن) 15/ 468، والنص في كتاب "العين" (بن) 8/ 372، وتفسير (الشوى) بالأيدي والأرجل قول لأهل اللغة، وقيل: ظاهر الجلد كله. انظر: "تهذيب اللغة" (شوى) 11/ 442، و"لسان العرب" (شوى) 14/ 447.]]. وبنحو هذا قال الفراء، قال: يعني الأيدي والأرجل [["معاني القرآن" للفراء 1/ 405 بتصرف.]]، قال أبو بكر [[هو: ابن الأنباري، وقد ذكر بعض قوله هذا ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 330، كما ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 448.]]: البنان أطراف الأصابع، اكتفى الله به من جملة اليد والرجل، والعرب تكتفي ببعض الشيء من كله، وأنشد لعنترة: عهدي به [[في (س): (بها).]] مدّ النهار كأنما ... خُضب البنان ورأسه بالعظلم [["ديوانه" ص 27 بمثل رواية المصنف، وانظر: "شرح ديوانه" للشنتمري ص 213، و"سر صناعة الإعراب" 2/ 609، و"اللسان" (شدد) 4/ 2214، و"الدر المصون" 5/ 580، وفيها جميعًا: شد النهار، وهو بمعنى رواية الديوان، أي: ارتفاعه، انظر: "اللسان" (مدد) 7/ 4158. والعِظْلم: بكسر العين: قال الجوهري في "الصحاح" (عظلم) 5/ 1988: نبت يصبغ به، وفي "اللسان" (عظلم) 5/ 3004: صبغ أحمر.]] يعني قتيلاً مضرجًا في دمه، وأراد بالبنان [جملة أطرافه. وقال عطية والضحاك: كل كان: مفصل [[رواه عنهما ابن جرير 9/ 199، وابن أبي حاتم 5/ 1668.]]، وهو اختيار أحمد بن يحيى، قال: البنان] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]] كل طرف ومفصل [["فصيح ثعلب" ص 46 بنحوه.]]. قال أبو الهيثم [[هو: خالد بن يزيد الرازي أبو الهيثم، اشتهر بكنيته، من أئمة اللغة بارعًا حافظًا عالماً ورعًا كثير الصلاة، صاحب سنة، توفي عام 276 هـ انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 45 - 46، و"إنباه الرواة" 4/ 188، و"بغية الوعاة" 2/ 329.]]: وكل مفصل [[ساقط من (ح).]] بنانة [["تهذيب اللغة" (بن) 1/ 391.]]، وقال الزجاج في هذه الآية: أباحهم الله عز وجل قتلهم بكل نوع يكون في الحرب [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 2/ 405.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب