الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾، قال أبو بكر: (نصب [[لفظ: (نصب) غير واضح في (أ).]] ﴿فَرِيقًا﴾، ﴿وَفَرِيقًا﴾ على الحال من الضمير الذي في ﴿تَعُودُونَ﴾، يريد: تعودون كما ابتدأ خلقكم مختلفين؛ بعضكم سعداء، وبعضكم أشقياء، فاتصل (فريق) وهو نكرة بالضمير الذي في ﴿تَعُودُونَ﴾، وهو معرفة فانقطع من لفظه، وعطف الثاني عليه، قال: ويجوز أن يكون الأول منصوبًا على الحال من الضمير، والثاني: منصوبًا بـ (حق عليهم الضلالة)؛ لأنه بمعنى: أضلهم كما يقول القائل: عبدًا لله أكرمته وزيدًا أحسنت إليه، فتنصب زيدًا بأحسنت إليه، بمعنى [[في (ب): (إذا كان بمعنى نفعته).]]: نفعته. وأنشد [[الشاهد لجرير في "ديوانه" ص 59، و"الكتاب" 1/ 101 - 102، و"مجاز القرآن" 2/ 175، و"الجمهرة" 1/ 290، و"الصحاح" 1/ 120 (خشب)، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 79 وبلا نسبة في "تأويل المشكل" ص 544، و"الدر المصون" 5/ 300، (وثعلبة ورياح) بنو يربوع بن حنظلة من تميم قوم جرير، (وعدلت): سويت، (وطهية، والخشاب)، بنو مالك بن حنظلة من تميم وطهية امرأة مالك، والخشاب أولاد مالك من غير طهية. انظر: "نهاية الأرب" ص 185 - 247، 296، والشاهد: ثعلبة الفوارس حيث نصب الاسم الواقع بعد همزة الاستفهام بفعل محذوف دل عليه (عدلت بهم) تقديره أهنت أو أظلمت.]]: أثَعْلَبَةَ الفَوَارِسِ أمْ [[في "الديوان" وأكثر المراجع: (أو) بدل: (أم). وانظر: "الخزانة" 11/ 69.]] رِياحًا ... عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشَابَا فنصب (ثعلبة) بعدلت بهم طهية، لأنه بمعنى: أهنتهم إذ [[في (أ): (إذا عدلت بهم).]] عدلت بهم من دونهم. وقال آخر: يا ليت ضيفَكُم الزبيرَ وجارَكم ... إيايَ لبَّس حبَله بحبالي [[لم أهتد إلى قائله، وهو في "الدر المصون" 5/ 300.]] فنصب (إياي) بقوله: لبَّس حبله بحبالي؛ إذ كان معناه خالطني وقصدني. قال: وفي قراءة أبي [[ذكرها أكثرهم. انظر: "معاني الفراء" 1/ 376، و"إعراب النحاس" 1/ 608، و"القطع والائتناف" للنحاس 1/ 250، و"المشكل" 1/ 288، و"تفسير ابن عطية" 5/ 480، و"البيان" 1/ 359، و"التبيان" ص 373، و"الفريد" 2/ 289، والقرطبي 7/ 188، و"البحر" 4/ 288، ونسب هذه القراءة الكرماني في "غرائبه" 1/ 401 إلى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.]] (تعودون فريقين فريقًا [هدى وفريقًا حق] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] عليهم الضلالة) [[ذكره السمين في "الدر" 5/ 300، وهو في "الإيضاح" 2/ 653 - 654، و"زاد المسير" 3/ 186 مختصرًا.]]. قال الفراء: (وقد يكون الفريق الأول منصوبًا بوقوع (هدى) عليه، ويكون الثاني منصوبًا بما وقع على عائد ذكره من الفعل كقوله: ﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾) [الإنسان: 31] [["معاني الفراء" 1/ 376، وقد ذكر هذه الأوجه كل المراجع السابقة وخلاصتها أن (فريقًا) الأول منصوب على أنه مفعول به مقدم لـ (هدى) أو حال من فاعل تعودون، و (فريقًا) الثاني منصوب بتقدير فعل دل عليه ما بعده أي: وأضل فريقا == أو حال من فاعل تعودون، وأكثرهم على أن الأول منصوب بهدى، والثاني بفعل مقدر. انظر: "الكتاب" 1/ 89، و"تفسير الطبري" 8/ 159، و"الدر المصون" 5/ 299 - 300.]]. فأما التفسير، فقال ابن عباس: (﴿فَرِيقًا﴾ أرشد إلى دينه وهم أولياؤه ﴿وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ يريد: أضلهم وهم أولياء الشيطان يخذلهم الله فصاروا أولياء لإبليس) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 173 - 174.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، يدل كلام ابن عباس (على أنهم إنما فعلوا ذلك بخذلان الله إياهم). وقوله تعالى: ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾. قال ابن عباس: (يريد: ما سن [[في النسخ: (ما بين)، ثم صحح في (أ) إلى (ما سن).]] لهم عمرو بن لحي) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 59، وقال: (هذا بعيد؛ بل هو محمول على عمومه). وهذا وأمثاله عن السلف -رضي الله عنهم- محمول على التمثيل وأنه داخل في المعنى.]]. قال أصحابنا: قوله: ﴿حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ (يعني: بالكلمة الأزلية والإرادة [[انظر: "تفسير الطبري" 8/ 159، و"معاني الزجاج" 2/ 331، و"زاد المسير" 3/ 186، وقال القرطبي في "تفسيره" 7/ 188: (في هذه الآية رد واضح على القدرية ومن تابعهم) اهـ. وقال ابن القيم كما في "بدائع التفسير" 2/ 205 - 206: (أخبر الله سبحانه وتعالى عن القدر الذي هو نظام التوحيد فقال: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ فتضمنت الآية الإيمان بالقدر، والشرع، والمبدأ، والمعاد، والأمر بالعدل، والإخلاص، ثم ختم الآية بذكر حال من لم يصدق هذا الخبر، ولم يطع هذا الأمر بأنه قد والى الشيطان دون ربه، وأنه على ضلال، وهو يحسب أنه على هدى. والله أعلم) اهـ.]] السابقة).
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب