الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾ الآية. قال أصحاب العربية: (المراد بقوله: ﴿إِذْ وُقِفُوا﴾ الاستقبال، وإن كان بلفظ المضي؛ لأن هذه القصة كائنة، ولما تكن بعد، وجاز لفظ المضي؛ لأن كل ما هو كائن يومًا مما لم يكن بعد، فكأنه عند الله عز وجل قد كان، لسبق علمه ونفوذ قضائه وقدره به؛ إذ علمه موجب لكونه لا محالة) [[انظر: "الكتاب" لسيبويه 4/ 232، و "تفسير الطبري" 7/ 174، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 118، و"تهذيب اللغة" 4/ 3937، و"المغني" لابن هشام 1/ 81، 95، وقال ابن فارس في الصاحبي ص 196: (أذ تكون للماضي ... فأما قوله جل ثنائه: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾ فـ (ترى) مستقبل وإذ للماضي، وإنما كان كذا لأن الشيء كائن وإن لم يكن بعد، وذلك عند الله جل ثناؤه قد كان؛ لأن علمه به سابق وقضاءه به نافذ، فهو كائن لا محالة، والعرب تقول مثل ذا وإن لم تعرف العواقب) ا. هـ. ملخصًا.]]. وأنشدوا في مثل هذا النظم [[لم أعرف قائله، وهو في: "الصاحبي" ص 196، و"المجمل" 1/ 170، == و"مقاييس اللغة" 1/ 411، والرعيل: القطعة المتقدمة من الخيل، والأرعن: الجيش العظيم، والجرار: الثقيل السير لكثرته، والصواهل: شدة الصوت والصيال.]]: ستندم إِذْ يَأتِي عَلَيْكَ رَعِيلُنَا ... بأرْعَنَ جَرَّارٍ كثير صوَاهِلُه
فوضع إذ في موضع إذا. وقد [[انظر: "الأضداد" لقطرب ص 150، و"المدخل" للحدادي ص 575.]] يوضح إذا في موضع إذ كقول الشاعر [[البيت: لبرج بن مسهر الطائي في "مجاز القرآن" 1/ 21، والطبري في "تفسيره" 1/ 58، و"اللسان" 7/ 4386، (ندم)، و"شرح شواهد المغني" للسيوطي 1/ 280، وبلا نسبة في "الأضداد" لقطرب ص 152، ولابن الأنباري ص 199، و"الصاحبي" ص 197، و"المدخل" للحدادي ص 576، و"المغني" لابن هشام 1/ 95.]]:
وَندْمَانٍ يَزِيدُ الكَأْسَ طيِبًا ... سَقَيْتُ إِذا تَعَرَّضَتِ [[جاء في (أ): علامة ضرب على (تعرضت)، ولعلها تحريف عن تغورت كما في جميع المراجع السابقة، ويروى (سقيت وقد تَغَوَّرَت). وندمان: أي نديم: وتغورت أي غارت، وتعرضت: أي أبدت عرضها للمغيب.]] النُّجُوم
وقد سبق لهذا [[في (ش): (سبق لها نظائر).]] نظائر [[لم أقف عليه.]].
وقوله تعالى: ﴿وُقِفُوا﴾. يقال: وقفته [[انظر: "العين" 5/ 223، و"الجمهرة" 2/ 967، و"تهذيب اللغة" 4/ 3937، و"الصحاح" 4/ 1440، و"المجمل" 3/ 934، و"المفردات" ص 881، و"اللسان" 8/ 4898 (وقف).]] وقفًا فوقف وقوفًا، كما يقال: رجعته رجعًا فرجع رجوعًا [[الفعل (وقف) متعدٍّ ولازم، وفرق بينهما بالمصدر اللازم وقوف على فعول ومصدر المتعدي وقف على فعل، وسمع في المتعدي أوقف، يقال: أوقفت عن الأمر == إذا أقلعت عنه. انظر: "إعراب النحاس" 2/ 61، و"التبيان" ص 328، و"الفريد" 2/ 136، و"الدر المصون" 4/ 584.]].
قال أبو إسحاق: (ومعنى ﴿وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه: جائز أن يكون عاينوها، وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم. قال: والأجود أن يكون معنى: ﴿وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾ أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها. كما تقول في الكلام: قد وقفت على ما عند فلان، تريد: قد فهمته وتبينته) [["معاني الزجاج" 2/ 239.]]، هذا كلامه.
وشرح هذا أن قوله: (جائز أن يكون عاينوها) معناه: (أنهم وقفوا عندها وهم يعاينونها، فهم موقوفون على أن يدخلوا النار، وقوله: (وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم) معناه: أنهم وقفوا فوق النار على الصراط، وهو جسر بين ظهري جهنم، والوجه الثالث معناه: أنهم عرفوا حقيقتها تعريفًا من قولك: وقفت فلانا على كلام فلان، أي: علمته معناه وعرفته. وجماعة يقولون ﴿عَلَى﴾ هاهنا بمنزلة [[قال ابن هشام في "المغني" 1/ 144، والسيوطي في "الاتقاق" 1/ 214: (على) تكون ظرفية كـ (في) نحو قوله تعالى: ﴿عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ [البقرة: 102]، وقوله: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ﴾ [القصص: 15] أي في حين) ا. هـ.]] (في)، والمعنى: وقفوا في النار، كقوله تعالى: ﴿عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ [البقرة: 102]-أي في ملك [[هذا قول الطبري 7/ 174، البغوي 3/ 137، ضعفه السمين في "الدر" 4/ 584، والظاهر أن ﴿عَلَى﴾ على بابها، أي: حبسوا عليها. والنار طبقات فيصح معنى الاستعلاء، وهذا هو قول الجمهور. انظر: "معاني النحاس" 2/ 412، و"تفسير السمرقندي" 1/ 479، و"تفسير الماوردي" 2/ 105، و"الكشاف" 2/ 12 ، وابن عطية 5/ 168 وابن الجوزي 3/ 22، والرازي 12/ 191، والقرطبي 6/ 408، و"البحر" 4/ 101، و"الدر المصون" 4/ 584.]].
قال أبو إسحاق: (والإمالة [[الأمالة لغة فصيحة صحيحة، وهي تقريب الفتحة نحو الكسرة والألف نحو الياء، وهي مذهب لبعض القراء كما في "السبعة" ص 149، و"المبسوط" ص 103، و"النشر" 2/ 30، وانظر: "التكملة" للفارسي ص 527، و"سر صناعة الإعراب" 1/ 52، ص 63، و"المشكل" 1/ 168.]] في ﴿النَّارِ﴾ حسنة جيدة؛ لأن ما بعد الألف مكسور [[في (أ): (مكسورة).]]، وهو حرف كأنه مكرر في اللسان، فصارت الكسرة فيه كالكسرتين) [[معاني الزجاج 2/ 239، وانظر: 1/ 123، و"معاني الأخفش" 1/ 39.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى﴾ يقتضي ﴿لَوْ﴾ جوابًا، وقد حذف؛ تفخيمًا للأمر وتعظيمًا، وجاز حذفه لعلم المخاطب بما يقتضي. وأشباهه كثيرة في القرآن والشعر، ولو قدرت الجواب كان على تقدير: لرأيت سوء منقلبهم أو لرأيت أسوأ حال [[حذف جواب (لو)، لدلالة المعنى عليه جائز فصيح، وهو أبلغ في التخويف؛ لأن السامع يترك مع غاية تخيله، ولو صرح له بالجواب وطّن نفسه عليه. انظر: "الكتاب" 3/ 103، و"البغوي" في "تفسيره" 3/ 137، وابن عطية 5/ 167، و"البحر" 4/ 101، و"الدر المصون" 4/ 582.]]. ومن هذا قول امرئ القيس [[امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو الكندي شاعر جاهلي، تقدمت ترجمته.]]:
فَلَوْ أنها نَفْسٌ تَمُوتُ سويةً ... ولكنَّها نَفْسٌ تَساقَطُ أَنْفُسا [["ديوانه" ص 87، و"سر صناعة الإعراب" ص/ 648، و"اللسان" 2/ 679، (جمع) و"الدر المصون" 4/ 583، وفي المراجع -جميعة بدل سوية- والمعنى. أنه مريض لا تخرج نفسه مرة ولكنها تموت شيئًا بعد شيء.]]
ولم يقل: لفنيت ولا لاستراحت [[في النسخ: (ولا لاسترحت).]]، وكذلك قول جرير: كَذَبَ العَوَاذِلُ لَوْ رَأَينَ مُنَاخَنَا ... بَحزِيز رَامَةَ والمَطِيُّ سَوَامِي [["ديوان جرير" ص 542، و"سر صناعة الإعراب" 2/ 648، و"الدر المصون" 4/ 283، الحزيز: المكان الغليظ، وهو اسم لعدة أماكن في بلاد العرب. انظر: "معجم البلدان" 2/ 256، وفيه ذكر البيت وصدره عنده:
ولقد نظرت فرد نظرتك الهوى
والسوامي: الرافعة أبصارها وأعناقها.]]
ولم يقل: لرأين ما يشجيهن ويسخن أعينهن.
قال أبو الفتح الموصلي [[عثمان بن جني النحوي اللغوي إمام مشهور، تقدمت ترجمته.]]: (ذهب أصحابنا إلى أن حذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره، ألا ترى أنك إذا قلت لغلامك: والله لئن قمت إليك، وسكتَّ عن الجواب، ذهب تفكره [[في "سر صناعة الإعراب" 2/ 649 (وذهب بفكره).]] إلى أنواع المكروه من الضرب والقتل والكسر وغير ذلك، فتمثلت في فكره أنواع العقوبات، وتكاثرت عليه، وعظمت الحال في نفسه، ولم يدر أيها يتقي. ولو قلت: والله لئن قمت إليك لأضربنك. فأتيت بالجواب، لم يتق شيئًا غير الضرب، ولا خطر بباله نوع من المكروه سواه، وكان ذلك دون حذف الجواب؛ لأنه يوطن نفسه على المتوعّد به في الجواب إذا عرفه، ومن وطن نفسه على شيء هان. ألا ترى قول كثير [["ديوان كثير عزة" ص 55، و"تهذيب اللغة" 4/ 3911، و"الدر المصون" 4/ 583، وفيها: مصيبة بدل ملمة، وقد جاء ملمة في بعض نسخ "سر صناعة الإعراب" 2/ 649.]]:
فَقُلْتُ لها: يا عَزَّ كُلُّ مُلمةٍ ... إِذا وُطّنَتْ يومًا لها النَّفسُ ذلّتِ [["سر صناعة الإعراب" 2/ 649، بتصرف يسير، وانظر: "معاني الأخفش" 1/ 136، و"المدخل" للحدادي ص 239.]] وقوله تعالي: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ اختلف القراء في قوله: ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾ و ﴿وَنَكُونَ﴾ فقرئ رفعًا ونصبًا [[قرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم: ﴿نُكَذِّبَ﴾ - ﴿وَنَكُونَ﴾ بنصب الباء والنون فيهما، وقرأ الباقون بالرفع فيهما، وقرأ ابن عامر ﴿نُكَذِّبَ﴾ بالرفع و ﴿نَكُونَ﴾ بالنصب.
انظر: "السبعة" ص 255، و"المبسوط" 167، و"التذكرة" 2/ 296، و"التيسير" ص 102، و"النشر" 2/ 257.]].
وللرفع وجهان: أحدهما: أن يكون معطوفًا على ﴿نُرَدُّ﴾ ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾، ﴿وَنَكُونَ﴾ داخلا في التمني دخول ﴿نُرَدُّ﴾ فيه، فعلى هذا قد تمنوا الرد، وأن لا يكذبوا، والكون من المؤمنين. [و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (أ).]] الوجه الثاني: أن تقطع ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾ وما بعده من الأول، فيكون التقدير على هذا: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ﴾ ونحن ﴿وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ضمنوا أنهم لا يكذبون، والمعنى: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أو لم نردّ: ﴿وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي قد: عاينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبدًا.
قال سيبويه: (هو على قولك: فإنا لا نكذّب كما تقول: دعني ولا أعود، أي: فإني ممّن لا يعود، فإنما [[في (أ): (وإنما).]] يسألك الترك، وقد أوجب على نفسه أن لا يعود، تُرك أو لم يُترك، ولم يُرد أن يسألك أن يجمع له الترك وأن لا يعود) [["الكتاب" 3/ 44، وزاد فيه: (الرفع على وجهين: فأحدهما أن يشرك الآخر الأول، والآخر على قولك: دعني ...) ا. هـ.]].
والوجهان ذكرهما الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 239، والوجهان ذكرهما أكثرهم. انظر: "إعراب النحاس" 1/ 542، و"التذكرة" لابن غلبون 2/ 396، و"البيان" 1/ 318، وابن عطية 5/ 168.]]، وشرح أبو علي [["الحجة" لأبي علي الفارسي 3/ 293.]] كما حكيت.
والوجه الثاني أقواهما [[وهو اختيار الأخفش في "معانيه" 2/ 273، و"الطبري" في "تفسيره" 7/ 175 - 176، و"النحاس في معانيه" 2/ 273، والبغوي في "تفسيره" 3/ 137، وانظر: "الخاطريات" لابن جني ص 132، و"المحتسب" 1/ 252.]] وهو أن يكون [[في (أ): (وأن لا يكون) وكأن لا ملحقة وعليها علامة تصحيح، ولعله تحريف من الناسخ؛ لأن سياق الكلام يرده.]] الرد داخلا في التمني، ويكون ما بعده إخبارًا عنهم أنهم قالوا ذلك على ما بينا. وذلك لأن الله تعالى كذبهم في الآية الثانية فقال: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: 28]، وهذا يدل على أنهم أخبروا بذلك عن أنفسهم ولم يتمنوه [[في (ش): (ولم يتمنوا).]]؛ لأن التمني لا يقع فيه الكذب، إنما يقع في الخبر دون التمني. وهذا اختيار أبي عمرو [[أبو عمرو: زبان بن العلاء بن عمار بن العريان التميمي المازني البصري، تقدمت ترجمته.]]، وهو استدل بقوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: 28] على خروج التكذيب والكون من التمني [[ذكره عنه أكثرهم. انظر: "الحجة" لأبي علي 3/ 293، و"الكشف" 1/ 428، و"المشكل" 1/ 249، والرازي في "تفسيره" 12/ 192، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 409، و"الدر المصون" 4/ 587.]]. ومن قرأ ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾، ﴿وَنَكُونَ﴾ نصبا، قال الزجاج: (نصب على الجواب بالواو في التمني، كما تقول: ليتك تصير إلينا ونكرمك، والمعنى: ليت مصيرك يقع وإكرامنا، ويكون المعنى: ليت ردّنا وقع وأن لا نكذب) [["معاني الزجاج" 2/ 239 - 240.]].
قال ابن الأنباري: (في نصب ﴿نُكَذِّبَ﴾ وجهان، أحدهما: أن تكون الواو مبدلة من الفاء، والتقدير: يا ليتنا نُرد فلا نكذب ونكون، فتكون الواو هاهنا بمنزلة الفاء في قوله تعالى: ﴿لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58)﴾ [الزمر: 58]، يؤكد هذا الوجه ما روي أن ابن مسعود وابن أبي إسحاق [[ابن أبي إسحاق: عبد الله بن زيد بن الحارث الحضرمي أبو بحر البصري، تقدمت ترجمته.]] كانا يقرآن (فلا نكذب) بالفاء منصوبًا [[ذكر قراءة ابن مسعود أكثرهم. انظر: الطبري في "تفسيره" 7/ 175، و"إعراب النحاس" 1/ 542، والحجة لابن خالويه ص 138، و"تفسير ابن عطية" 5/ 168 - 169، والرازي في "تفسيره" 12/ 192، والقرطبي، و"البحر" 4/ 102، وذكرها السمين في "الدر" 4/ 590، عن ابن مسعود، وابن أبي إسحاق، وحكى أكثرهم عن ابن أبي إسحاق أنه يقرأ: (نكذب ونكون) بالنصب بلا فاء. انظر: "الكتاب" 3/ 44، و"طبقات ابن سلام" 1/ 19 - 20، و"إعراب النحاس" 1/ 542: و"طبقات الزبيدي" ص 33.]]. قال: والوجه الآخر في نصب ﴿نُكَذِّبَ﴾ ﴿وَنَكُونَ﴾ الصرف [[يسمي الكوفيون هذه (الواو) واو الصرف، إرشادًا بصرفه عن سنن الكلام إلى أنها غير عاطفة، وشرط هذه الواو أن يتقدمها نفي أو طلب. انظر: "معاني الفراء" 1/ 33 - 34، 235، و"تفسير الطبري" 1/ 255، و"المغني" لابن هشام 2/ 361.]] ومعناه الحال، أي يا ليتنا نرد غير مكذبين، كما تقول العرب [[انظر: "الكتاب" 3/ 42.]]: لا نأكل السمك ونشرب اللبن، أي: لا يأكل السمك شاربًا للبن) [[ذكره السمين في "الدر" 4/ 590، وقال الطبري في "تفسيره" 7/ 176: (المعروف من كلام العرب النصب على الجواب بالفاء والصرف بالواو)، ونحوه قال ثعلب كما في "معاني القراءات" 1/ 349 ، وانظر: "المدخل" للحدادي ص 333.]].
وشرح أبو علي كلام أبي إسحاق في هذه القراءة، فقال: (من نصب ﴿نُكَذِّبَ﴾ ﴿وَنَكُونَ﴾ أدخل ذلك في التمني؛ لأن التمني غير موجب، فهو كالاستفهام والأمر والنهي والعرض في انتصاب ما بعد ذلك كله من الأفعال إذا دخلت عليها الفاء على تقدير ذكر مصدر الفعل الأول، كأنه في التمثيل: يا ليتنا يكون لنا رد وانتفاء التكذيب وكون من المؤمنين) [["الحجة" لأبي علي 3/ 94، وانظر: "المسائل المنثورة" ص 149، وهذا قول أكثر البصريين، انظر: "معاني النحاس" 2/ 413، و"الجمل" للزجاجي ص 194، و"المشكل" 1/ 250، و"البيان" 1/ 318، و"الفريد" 2/ 137، و"الدر المصون" 4/ 587 - 590.]]، فإن قيل على هذه القراءة: كيف أكذبهم الله، فقال: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾، والتمني لا يدخله الكذب؟ قال ابن الأنباري: (أكذبهم في معنى التمني؛ لأن تمنيهم رجع إلى معنى نحن لا نكذب إذا رددنا، فغلّب عز وجل تأويل الكلام، فأكذبهم ولم يستعمل لفظ التمني؛ لأن القائل إذا قال: ليت لي مالاً فأتصدق به، يريد أنا أتصدق بالمال إذا وجدته وقدرت عليه، فمتى كذب أو صدق في حال التمني؛ فلأن الكلام راجع إلى معنى الإخبار) [[ذكره ابن الجوزي 3/ 24، و"السمين في الدر" 4/ 588 مختصرًا وأكثرهم قال: (إن القول بأن التمني لا يدخله الكذب ليس بقوي؛ لأن هذا تمن تضمن معنى العدة، فجاز أن يدخله التكذيب، أو يكون قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ إخبار عن سجية الكفار وحكاية عن حالهم في الدنيا، فلا يدخل الكذب في التمني). قال السمين في "الدر" 4/ 586: (هذان الجوابان واضحان، وثانيهما أوضح) ا. هـ وانظر: "الحجة" لأبي علي 3/ 294، و"الكشاف" 2/ 13، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 168 - 169، الرازي في "تفسيره" 12/ 191 - 192، و"الفريد" 2/ 138، و"البحر" 4/ 102.]].
وكان ابن عامر يرفع ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾ وينصب ﴿وَنَكُونَ﴾، وقد ذكرنا وجهين في رفع ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾، وذكرنا وجه من قرأ بالنصب فيهما، فيحتمل أن ابن عامر أدخل ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾ [في التمني] [[لفظ: (في التمني) ساقط من (أ).]]، وإن كان رفعًا على ما بينا والكون داخل فيه إذا نصب، ويحتمل أنه أراد الإخبار في ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾، وأدخل الكون في التمني [[انظر: "معاني القراءات" 1/ 349، و"إعراب القراءات" 1/ 154، و"الحجة" لابن خالويه ص 138، ولأبي علي الفارسي 3/ 293، ولابن زنجلة ص 245، و"الكشف" 1/ 427، و"المشكل" 1/ 249.]].
{"ayah":"وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذۡ وُقِفُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُوا۟ یَـٰلَیۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق