الباحث القرآني

اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ صِفَةَ مَن يَنْهى عَنْ مُتابَعَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ويَنْأى عَنْ طاعَتِهِ بِأنَّهم يُهْلِكُونَ أنْفُسَهم شَرَحَ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الهَلاكِ بِهَذِهِ الآيَةِ وفِيها مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: قَوْلُهُ: (ولَوْ تَرى) يَقْتَضِي لَهُ جَوابًا، وقَدْ حُذِفَ تَفْخِيمًا لِلْأمْرِ وتَعْظِيمًا لِلشَّأْنِ، وجازَ حَذْفُهُ لِعِلْمِ المُخاطَبِ بِهِ وأشْباهُهُ كَثِيرَةٌ في القُرْآنِ والشِّعْرِ. ولَوْ قَدَّرْتَ الجَوابَ، كانَ التَّقْدِيرُ: لَرَأيْتَ سُوءَ مُنْقَلَبِهِمْ أوْ لَرَأيْتَ سُوءَ حالِهِمْ وحَذْفُ الجَوابِ في هَذِهِ الأشْياءِ أبْلَغُ في المَعْنى مِن إظْهارِهِ، ألا تَرى: أنَّكَ لَوْ قُلْتَ لِغُلامِكَ، واللَّهِ لَئِنْ قُمْتُ إلَيْكَ ! وسَكَتَّ عَنِ الجَوابِ، ذَهَبَ بِفِكْرِهِ إلى أنْواعِ المَكْرُوهِ، مِنَ الضَّرْبِ، والقَتْلِ، والكَسْرِ، وعَظُمَ الخَوْفُ ولَمْ يَدْرِ أيَّ الأقْسامِ تَبْغِي. ولَوْ قُلْتَ: واللَّهِ لَئِنْ قُمْتُ إلَيْكَ لِأضْرِبَنَّكَ، فَأتَيْتَ بِالجَوابِ، لَعَلِمَ أنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ شَيْئًا غَيْرَ الضَّرْبِ ولا يَخْطُرُ بِبالِهِ نَوْعٌ مِنَ المَكْرُوهِ سِواهُ، فَثَبَتَ أنَّ حَذْفَ الجَوابِ أقْوى تَأْثِيرًا في حُصُولِ الخَوْفِ. ومِنهم مَن قالَ: جَوابُ ”لَوْ“ مَذْكُورٌ مِن بَعْضِ الوُجُوهِ، والتَّقْدِيرُ: ولَوْ تَرى إذْ وُقِفُوا عَلى النّارِ يَنُوحُونَ ويَقُولُونَ: يا لَيْتَنا نُرَدُّ ولا نُكَذِّبَ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: (وُقِفُوا) يُقالُ وقَفْتُهُ وقْفًا، ووَقَفْتُهُ وُقُوفًا كَما يُقالُ: رَجَعْتُهُ رُجُوعًا. قالَ الزَّجّاجُ: ومَعْنى ﴿وُقِفُوا عَلى النّارِ﴾ يَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ: الأوَّلُ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَدْ وُقِفُوا عِنْدَها وهم يُعايِنُونَها فَهم مَوْقُوفُونَ عَلى أنْ يَدْخُلُوا النّارَ. والثّانِي: يَجُوزُ أنْ يَكُونُوا وُقِفُوا عَلَيْها وهي تَحْتُهم، بِمَعْنى أنَّهم وُقِفُوا فَوْقَ النّارِ عَلى الصِّراطِ، وهو جِسْرٌ فَوْقَ جَهَنَّمَ. والثّالِثُ: مَعْناهُ عَرَفُوا حَقِيقَتَها تَعْرِيفًا مِن قَوْلِكَ وقَفْتُ فَلانًا عَلى كَلامِ فُلانٍ؛ أيْ عَلَّمْتُهُ مَعْناهُ وعَرَّفْتُهُ. وفِيهِ وجْهٌ رابِعٌ: وهم أنَّهم يَكُونُونَ في جَوْفِ النّارِ، وتَكُونُ (p-١٥٨)النّارُ مُحِيطَةً بِهِمْ، ويَكُونُونَ غائِصِينَ فِيها وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ فَقَدْ أُقِيمَ ”عَلى“ مَقامَ ”في“ وإنَّما صَحَّ عَلى هَذا التَّقْدِيرِ، أنْ يُقالَ: وُقِفُوا عَلى النّارِ، لِأنَّ النّارَ دَرَكاتٌ وطَبَقاتٌ، وبَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ فَيَصِحُّ هُناكَ مَعْنى الِاسْتِعْلاءِ. فَإنْ قِيلَ: فَلِماذا قالَ: ولَوْ تَرى ؟ وذَلِكَ يُؤْذِنُ بِالِاسْتِقْبالِ، ثُمَّ قالَ بَعْدَهُ: إذْ وُقِفُوا، وكَلِمَةُ ”إذْ“ لِلْماضِي ثُمَّ قالَ بَعْدَهُ: فَقالُوا: وهو يَدُلُّ عَلى الماضِي. قُلْنا: إنَّ كَلِمَةَ ”إذْ“ تُقامُ مَقامَ ”إذا“ إذا أرادَ المُتَكَلِّمُ المُبالَغَةَ في التَّكْرِيرِ والتَّوْكِيدِ، وإزالَةَ الشُّبْهَةِ لِأنَّ الماضِيَ قَدْ وقَعَ واسْتَقَرَّ، فالتَّعْبِيرُ عَنِ المُسْتَقْبَلِ بِاللَّفْظِ المَوْضُوعِ لِلْماضِي، يُفِيدُ المُبالَغَةَ مِن هَذا الِاعْتِبارِ. المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قالَ الزَّجّاجُ: الإمالَةُ في النّارِ حَسَنَةٌ جَيِّدَةٌ، لِأنَّ ما بَعْدَ الألِفِ مَكْسُورٌ وهو حَرْفُ الرّاءِ، كَأنَّهُ تَكَرَّرَ في اللِّسانِ فَصارَتِ الكَسْرَةُ فِيهِ كالكَسْرَتَيْنِ. * * * أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقالُوا يالَيْتَنا نُرَدُّ ولا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ونَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: قَوْلُهُ: (يا لَيْتَنا) يَدُلُّ عَلى أنَّهم قَدْ تَمَنَّوْا أنْ يُرَدُّوا إلى الدُّنْيا. فَأمّا قَوْلُهُ: ﴿ولا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ونَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ فَفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ داخِلٌ في التَّمَنِّي والتَّقْدِيرُ أنَّهم تَمَنَّوْا أنْ يُرَدُّوا إلى الدُّنْيا ولا يَكُونُوا مُكَذِّبِينَ وأنْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. فَإنْ قالُوا: هَذا باطِلٌ؛ لِأنَّهُ تَعالى حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِكَوْنِهِمْ كاذِبِينَ بِقَوْلِهِ في آخِرِ الآيَةِ: ﴿وإنَّهم لَكاذِبُونَ﴾ والمُتَمَنِّي لا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ كاذِبًا. قُلْنا: لا نُسَلِّمُ أنَّ المُتَمَنِّيَ لا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ كاذِبًا؛ لِأنَّ مَن أظْهَرَ التَّمَنِّيَ فَقَدْ أخْبَرَ ضِمْنًا كَوْنَهُ مُرِيدًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَمْ يَبْعُدْ تَكْذِيبُهُ فِيهِ، ومِثالُهُ أنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: لَيْتَ اللَّهَ يَرْزُقُنِي مالًا فَأُحْسِنَ إلَيْكَ، فَهَذا تَمَنٍّ في حُكْمِ الوَعْدِ، فَلَوْ رُزِقَ مالًا ولَمْ يُحْسِنْ إلى صاحِبِهِ لَقِيلَ: إنَّهُ كَذَبَ في وعْدِهِ. القَوْلُ الثّانِي: أنَّ التَّمَنِّيَ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿يالَيْتَنا نُرَدُّ﴾ وأمّا قَوْلُهُ: ﴿ولا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ونَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ فَهَذا الكَلامُ مُبْتَدَأٌ وقَوْلُهُ تَعالى في آخِرِ الآيَةِ: ﴿وإنَّهم لَكاذِبُونَ﴾ عائِدٌ إلَيْهِ وتَقْدِيرُ الكَلامِ: يا لَيْتَنا نُرَدُّ، ثُمَّ قالُوا: ولَوْ رُدِدْنا لَمْ نُكَذِّبْ بِالدِّينِ وكُنّا مِنَ المُؤْمِنِينَ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى كَذَّبَهم وبَيَّنَ أنَّهم لَوْ رُدُّوا لَكَذَّبُوا ولَأعْرَضُوا عَنِ الإيمانِ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قَرَأ ابْنُ عامِرٍ نُرَدُّ ونُكَذِّبُ بِالرَّفْعِ فِيهِما ونَكُونَ بِالنَّصْبِ، وقَرَأ حَمْزَةُ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ نُرَدُّ بِالرَّفْعِ، ونُكَذِّبَ ونَكُونَ بِالنَّصْبِ فِيهِما، والباقُونَ بِالرَّفْعِ في الثَّلاثَةِ، فَحَصَلَ مِن هَذا أنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلى الرَّفْعِ في قَوْلِهِ: (نُرَدُّ) وذَلِكَ لِأنَّهُ داخِلٌ في التَّمَنِّي لا مَحالَةَ، فَأمّا الَّذِينَ رَفَعُوا قَوْلَهُ: ”ولا نُكَذِّبُ. ونَكُونُ“ فَفِيهِ وجْهانِ: الأوَّلُ: أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى قَوْلِهِ: (نُرَدُّ) فَتَكُونُ الثَّلاثَةُ داخِلٌ في التَّمَنِّي، فَعَلى هَذا قَدْ تَمَنَّوُا الرَّدَّ وأنْ لا يُكَذِّبُوا وأنْ يَكُونُوا مِنَ المُؤْمِنِينَ. والوَجْهُ الثّانِي: أنْ يُقْطَعَ ولا نُكَذِّبُ وما بَعْدَهُ عَنِ الأوَّلِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: يا لَيْتَنا نُرَدُّ ونَحْنُ لا نُكَذِّبُ بِآياتِ رَبِّنا ونَكُونُ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَهم ضَمِنُوا أنَّهم لا يُكَذِّبُونَ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ الرَّدِّ. والمَعْنى يا لَيْتَنا نُرَدُّ (p-١٥٩)ونَحْنُ لا نُكَذِّبُ بِآياتِ رَبِّنا رُدِدْنا أوْ لَمْ نَرُدَّ أيْ قَدْ عايَنّا وشاهَدْنا ما لا نُكَذِّبُ مَعَهُ أبَدًا. قالَ سِيبَوَيْهِ: وهو مِثْلُ قَوْلِكَ دَعْنِي ولا أعُودُ، فَهَهُنا المَطْلُوبُ بِالسُّؤالِ تَرْكُهُ. فَأمّا أنَّهُ لا يَعُودُ فَغَيْرُ داخِلٍ في الطَّلَبِ، فَكَذا هُنا قَوْلُهُ: (يا لَيْتَنا نُرَدُّ) الدّاخِلُ في هَذا التَّمَنِّي الرَّدُّ، فَأمّا تَرْكُ التَّكْذِيبِ وفِعْلُ الإيمانِ فَغَيْرُ داخِلٍ في التَّمَنِّي، بَلْ هو حاصِلٌ سَواءٌ حَصَلَ الرَّدُّ أوْ لَمْ يَحْصُلْ، وهَذانَ الوَجْهانِ ذَكَرَهُما الزَّجّاجُ والنَّحْوِيُّونَ قالُوا: الوَجْهُ الثّانِي أقْوى، وهو أنْ يَكُونَ الرَّدُّ داخِلًا في التَّمَنِّي، ويَكُونُ ما بَعْدَهُ إخْبارًا مَحْضًا. واحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأنَّ اللَّهَ كَذَّبَهم في الآيَةِ الثّانِيَةِ، فَقالَ: (وإنَّهم لَكاذِبُونَ) والمُتَمَنِّي لا يَجُوزُ تَكْذِيبُهُ، وهَذا اخْتِيارُ أبِي عَمْرٍو. وقَدِ احْتُجَّ عَلى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِهَذِهِ الحُجَّةِ، إلّا أنّا قَدْ أجَبْنا عَنْ هَذِهِ الحُجَّةِ، وذَكَرْنا أنَّها لَيْسَتْ قَوِيَّةً. وأمّا مَن قَرَأ ”ولا نُكَذِّبَ. ونَكُونَ“ بِالنَّصْبِ فَفِيهِ وُجُوهٌ: الأوَّلُ: بِإضْمارِ ”أنْ“ عَلى جَوابِ التَّمَنِّي، والتَّقْدِيرُ: يا لَيْتَنا نَرُدُّ وأنْ لا نُكَذِّبَ. والثّانِي: أنْ تَكُونَ الواوُ مُبْدَلَةً مِنَ الفاءِ، والتَّقْدِيرُ: يا لَيْتَنا نُرَدُّ فَلا نُكَذِّبَ، فَتَكُونُ الواوُ هَهُنا بِمَنزِلَةِ الفاءِ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْ أنَّ لِي كَرَّةً فَأكُونَ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ [الزمر: ٥٨] ويَتَأكَّدُ هَذا الوَجْهُ بِما رُوِيَ أنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كانَ يَقْرَأُ ”فَلا نُكَذِّبَ“ بِالفاءِ عَلى النَّصْبِ. والثّالِثُ: أنْ يَكُونَ مَعْناهُ الحالُ، والتَّقْدِيرُ: يا لَيْتَنا نُرَدُّ غَيْرَ مُكَذِّبِينَ، كَما تَقُولُ العَرَبُ: لا تَأْكُلِ السَّمَكَ وتَشْرَبَ اللَّبَنَ. أيْ: لا تَأْكُلِ السَّمَكَ شارِبًا لِلَّبَنِ. واعْلَمْ أنَّ عَلى هَذِهِ القِراءَةِ تَكُونُ الأُمُورُ الثَّلاثَةُ داخِلَةً في التَّمَنِّي. وأمّا أنَّ المُتَمَنِّيَ كَيْفَ يَجُوزُ تَكْذِيبُهُ فَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُهُ. وأمّا قِراءَةُ ابْنِ عامِرٍ وهي أنَّهُ كانَ يَرْفَعُ ”ولا نُكَذِّبُ“ ويَنْصُبُ ”ونَكُونَ“ فالتَّقْدِيرُ: أنَّهُ يَجْعَلُ قَوْلَهُ: (ولا نُكَذِّبَ) داخِلًا في التَّمَنِّي، بِمَعْنى أنّا إنْ رُدِدْنا غَيْرَ مُكَذِّبِينَ نَكُنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ، واللَّهُ أعْلَمُ. المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿فَقالُوا يالَيْتَنا نُرَدُّ ولا نُكَذِّبَ﴾ لا شُبْهَةَ في أنَّ المُرادَ تَمَنِّي رَدِّهِمْ إلى حالَةِ التَّكْلِيفِ لِأنَّ لَفْظَ الرَّدِّ إذا اسْتُعْمِلَ في المُسْتَقْبَلِ مِن حالٍ إلى حالٍ، فالمَفْهُومُ مِنهُ الرَّدُّ إلى الحالَةِ الأُولى. والظّاهِرُ أنَّ مَن صَدَرَ مِنهُ تَقْصِيرٌ ثُمَّ عايَنَ الشَّدائِدَ والأحْوالَ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّقْصِيرِ أنَّهُ يَتَمَنّى الرَّدَّ إلى الحالَةِ الأُولى، لِيَسْعى في إزالَةِ جَمِيعِ وُجُوهِ التَّقْصِيراتِ. ومَعْلُومٌ أنَّ الكُفّارَ قَصَّرُوا في دارِ الدُّنْيا فَهم يَتَمَنَّوْنَ العَوْدَ إلى الدُّنْيا لِتَدارُكِ تِلْكَ التَّقْصِيراتِ، وذَلِكَ التَّدارُكُ لا يَحْصُلُ بِالعَوْدِ إلى الدُّنْيا فَقَطْ، ولا بِتَرْكِ التَّكْذِيبِ، ولا بِعَمَلِ الإيمانِ بَلْ إنَّما يَحْصُلُ التَّدارُكُ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الأُمُورِ الثَّلاثَةِ فَوَجَبَ إدْخالُ هَذِهِ الثَّلاثَةِ تَحْتَ التَّمَنِّي. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ يَحْسُنُ مِنهم تَمَنِّي الرَّدِّ مَعَ أنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّ الرَّدَّ لا يَحْصُلُ البَتَّةَ. والجَوابُ مِن وُجُوهٍ: الأوَّلُ: لَعَلَّهم لَمْ يَعْلَمُوا أنَّ الرَّدَّ لا يَحْصُلُ. والثّانِي: أنَّهم وإنْ عَلِمُوا أنَّ ذَلِكَ لا يَحْصُلُ؛ إلّا أنَّ هَذا العِلْمَ لا يَمْنَعُ مِن حُصُولِ إرادَةِ الرَّدِّ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُرِيدُونَ أنْ يَخْرُجُوا مِنَ النّارِ﴾ [المائدة: ٣٧] وكَقَوْلِهِ: ﴿أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الماءِ أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٥٠] فَلَمّا صَحَّ أنْ يُرِيدُوا هَذِهِ الأشْياءَ مَعَ العِلْمِ بِأنَّها لا تَحْصُلُ، فَبِأنْ يَتَمَنَّوْهُ أقْرَبُ، لِأنَّ بابَ التَّمَنِّي أوْسَعُ، لِأنَّهُ يَصِحُّ أنْ يَتَمَنّى ما لا يَصِحُّ أنْ يُرِيدَ مِنَ الأُمُورِ الثَّلاثَةِ الماضِيَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب