الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾.
قد ذكرنا أن هذا ناسخ للتخيير في قوله تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [المائدة: 42].
وموضع (أن) من الإعراب نصب، بمعنى: أنزلنا إليك (أن احكم بينهم) [[انظر: "مشكل إعراب القرآن" 1/ 228.]].
وأعيد ذكر الأمر بالحكم بعد ذكره في الآية الأولى: إما للتأكيد، وإما لأنهما حُكمان أمر بهما جميعًا؛ لأنهم احتكموا إليه في زنا المحصنين [[في (ش): (المحصن).]] ثم احتكموا إليه في قتيل كان فيهم، في قول جماعة من المفسرين [[احتكامهم إلى النبي ﷺ في زنا المحصنين ظاهر، وقد تقدم. أما احتكامهم إليه في قتيل كان فيهم فلم أقف عليه. وقد خالف في الأمر الثاني ابن الجوزي فقال: == وإنما نزلتا في شيئين مختلفين، أحدهما في شأن الرجم، والآخر في التسوية في الديات، حتى تحاكموا إليه في الأمرين. "زاد المسير" 2/ 275، وانظر: "البحر المحيط" 3/ 504، وما ذكره ان الجوزي من التسوية في الديات سيأتي له ذكر عند المؤلف في الآية 50 من هذه السورة.]].
قال ابن عباس: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ قال: بحدود الله [[قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ذلك في تفسير الآية التي قبلها: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ "تفسيره" ص 181، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 273.]].
وقوله تعالى: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾.
قال ابن عباس: يريد يردوك إلى أهوائهم [[أورده المؤلف في "الوسيط" 3/ 901، وانظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 116.]].
قال أبو عبيد: كل من صُرِف عن الحق إلى الباطل، وأميل عن القصد فقد فُتِن [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 3/ 901 ولم أقف عليه.]]. ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ﴾ [الإسراء: 73].
وقال قطرب: واحذرهم أن يستزلوك [[لم أقف عليه عن قطرب، وقد قال بذلك أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 168، وأبو حيان في "البحر المحيط" 3/ 504.]].
قال ابن الأنباري: وقولهم [[في (ش): (فقولهم).]]: فتنت فلانةٌ فلانًا، قال بعضهم: أمالته القصد. والفتنة [[في "تهذيب اللغة" 3/ 2738 (فتن): الفتينة.]] معناها في كلامهم المميلة عن الحق والقصد [["تهذيب اللغة" 3/ 2738، وانظر: "اللسان" 6/ 3345 (فتن).]].
وقال النضر في قوله ﷺ: "أعوذ بك من فتنة المحيا" [[جزء من الحديث المشهور في الدعاء قبل السلام، وأخرجه البخاري (832) == كتاب الأذان، باب: الدعاء قبل السلام 1/ 202، ومسلم (589) كتاب المساجد، باب: ما يستعاذ منه في الصلاة]]. هو أن يعدل عن الطريق [["تهذيب اللغة" 3/ 2738.]].
قال مقاتل: إن رؤساء اليهود قال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى محمد، لعلنا نفتنه ونرده عما هو عليه، فإنما هو بشر. فأتوه وقالوا [[في (ش): (فقالوا).]] له: قد علمت أنا إن اتبعناك اتبعك الناس، وإن لنا خصومة فاقض لنا على خصومنا إذا تحاكمنا إليك، ونحن نؤمن بك ونصدقك. فأبى ذلك رسول الله ﷺ، وأنزل الله هذه الآية [[انظر: "تفسير مقاتل بن سليمان" 1/ 482، 483، "الوسيط" 3/ 901.]].
فمعنى فتنتهم (إياه) [[ساقط من (ش).]] عن بعض ما أنزل الله إضلالهم إياه وإمالته عن ذلك إلى ما يهوون من الأحكام، إطماعًا منهم في الاستمالة إلى الإسلام في قول مقاتل وابن عباس [[قال ابن عباس بنحو قول مقاتل المتقدم فيما أخرجه عنه الطبري في "تفسيره" 6/ 273، وذكره المؤلف في "أسباب النزول" ص 200، وانظر البغوي في "تفسيره" 3/ 66، "الدر المنثور" 2/ 514.]] وغيرهما.
قال أهل العلم: هذه الآية تدل على أن الخطأ والنسيان جائز على الرسل؛ لأن الله تعالى قال: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ والتعمد في مثل هذا غير موهوم على رسول الله، فتحقيق تكليف الحذر عائد إلى النسيان والخطأ [[انظر: "التفسير الكبير" 12/ 14، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 213.]].
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾. قال ابن عباس: يريد إن لم يقبلوا منك [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 116.]]. وقال مقاتل: أبوا حكمك [["تفسيره" 1/ 483.]].
وقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾. قال ابن عباس: يريد أن يبتليهم، ويسلطك عليهم [[لم أقف عليه.]].
وقال مقاتل: أي: يعذبهم في الدنيا بالقتل والجلاء [["تفسيره" 1/ 483 وفي: والجلاء من المدينة إلى الشام.]].
قال أهل المعاني: وخصص بعض الذنوب لأنهم جوزوا [[في (ش): (جوزيوا).]] في الدنيا ببعض ذنوبهم، وكان مجازاتهم بالبعض كافيًا في إهلاكهم والتدمير عليهم، يقول: فإن أعرضوا عن الإيمان والحكم بالقرآن فاعلم أن إعراضهم من أجل أن الله يريد أن يُعَجَّل لهم العقوبة في الدنيا ببعض ذنوبهم [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 273، "التفسير الكبير" 12/ 14، القرطبي في "تفسيره" 6/ 214.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 49]. يعني: اليهود [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 273، والبغوي في "تفسيره" 3/ 66، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 214.]].
{"ayah":"وَأَنِ ٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن یَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُصِیبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق