الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ﴾، قال ابن عباس والمفسرون: يعني قوم عيسى سألوا المائدة ثم كفروا بها، وقوم صالح سألوا الناقة ثم عقروها وكفروا بها [[أخرجه بمعناه الطبري في "تفسيره" 7/ 85، وانظر: "زاد المسير" 2/ 436.]]. فالكناية على هذا التفسير في قوله (سألها) تعود إلى الآيات. وهذا السؤال في هذه الآيات يخالف معناه معنى السؤال في قوله: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ وقوله: ﴿وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا﴾، ألا ترى أن السؤال في الآية الأولى قد عدي بالجار، وههنا عدي بغير الجار؛ لأن معنى السؤال ههنا طلب لعين الشيء، كما تقول: سألتك درهما، أي: طلبته منك، والسؤال في الآية الأولى سؤال عن حال الشيء، كما تقول: سألتك عن شيء، أي عن حاله وهيئته وكيفيته. وإنما عطف عز وجل بقوله: ﴿قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ﴾ علي ما قبلها وليست بمثل نظمها في التأويل؛ لأنه عز وجل إنما نهاهم عن تكلف ما لم يكلفوا وهو مرتفع عنهم، وأعلمهم أنهم في هذا التكلف مثل أولئك على موسى وعيسى في تكلف [[في (ج): (تكليف).]] ما لم يكلفوا، وطلب ما لم يعْنِهم مما كان الإعراض عنه أولى بهم، وأصلح لهم [["تفسير الطبري" 7/ 86.]]، وذلك مثل سؤال قوم موسى: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: 153] وقول بني إسرائيل: ﴿لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، قال الله عز وجل: ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا﴾ [البقرة: 246] وقالوا: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾ [البقرة: 247] ألا تراهم قد سألوا ثم كفروا، وهذا معنى كلام أبي علي الجرجاني [[صاحب كتاب النظم، يأخذ عنه المؤلف كثيراً، وهو غير متوفر.]] وبعض لفظه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب