الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ خُطْبَةً ما سَمِعْتُ مِثْلَها قَطُّ، فَقالَ رَجُلٌ: مَن أبِي؟ قالَ: (فُلانٌ)، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ [المائدة»: ١٠١] (p-٥٤٦)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ قَتادَةَ، «عَنْ أنَسٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ أنَّ النّاسَ سَألُوا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حَتّى أحْفَوْهُ بِالمَسْألَةِ، فَخَرَجَ ذاتَ يَوْمٍ حَتّى صَعِدَ المِنبَرَ فَقالَ: (لا تَسْألُونِي اليَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إلّا أنْبَأْتُكم بِهِ)، فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ القَوْمُ أرَمُّوا، وظَنُّوا أنَّ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ أمْرٍ قَدْ حَضَرَ، فَجَعَلْتُ ألْتَفِتُ عَنْ يَمِينِي وشِمالِي، فَإذا كُلُّ رَجُلٍ لافٌّ ثَوْبَهُ بِرَأْسِهِ يَبْكِي، فَأتاهُ رَجُلٌ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، مَن أبِي؟ قالَ: (أبُوكَ حُذافَةُ)، وكانَ إذا لاحى يُدْعى إلى غَيْرِ أبِيهِ، فَقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: رَضِينا بِاللَّهِ رَبًّا، وبِالإسْلامِ دِينًا، ونَعُوذُ بِاللَّهِ مِن سُوءِ الفِتَنِ، قالَ: فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (ما رَأيْتُ في الخَيْرِ والشَّرِّ كاليَوْمِ قَطُّ، إنَّ الجَنَّةَ والنّارَ مُثِّلَتا لِي حَتّى رَأيْتُهُما دُونَ الحائِطِ)، قالَ قَتادَةُ: وإنَّ اللَّهَ يُرِيهِ ما لا تَرَوْنَ ويُسْمِعُهُ ما لا تَسْمَعُونَ، قالَ: وأُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ الآيَةَ»، قالَ قَتادَةُ: وفي قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: (قَدْ سَألَها قَوْمٌ بُيِّنَتْ لَهم فَأصْبَحُوا بِها كافِرِينَ)، وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ قَوْمٌ يَسْألُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتِهْزاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: (p-٥٤٧)مَن أبِي؟ ويَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ ناقَتُهُ: أيْنَ ناقَتِي؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ حَتّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّها» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قالَ: «سَألْتُ عِكْرِمَةَ مَوْلى ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ قالَ: ذاكَ يَوْمَ قامَ فِيهِمُ النَّبِيُّ ﷺ فَقالَ: (لا تَسْألُونِي عَنْ شَيْءٍ إلّا أخْبَرْتُكم بِهِ)، فَقامَ رَجُلٌ فَكَرِهَ المُسْلِمُونَ مَقامَهُ يَوْمَئِذٍ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن أبِي؟ قالَ: (أبُوكَ حُذافَةُ)، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: «نَزَلَتْ: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ في رَجُلٍ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن أبِي؟ قالَ: (أبُوكَ فُلانٌ») . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ الآيَةَ، قالَ: «غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا مِنَ الأيّامِ فَقامَ خَطِيبًا فَقالَ: (سَلُونِي فَإنَّكم لا تَسْألُونِي عَنْ شَيْءٍ إلّا أنْبَأْتُكم بِهِ)، فَقامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ مِن بَنِي سَهْمٍ يُقالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذافَةَ - وكانَ يُطْعَنُ فِيهِ - فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن أبِي؟ قالَ: (أبُوكَ فُلانٌ)، فَدَعاهُ لِأبِيهِ، فَقامَ إلَيْهِ عُمَرُ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ، وقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، رَضِينا بِاللَّهِ رَبًّا، وبِكَ نَبِيًّا، وبِالقُرْآنِ إمامًا، (p-٥٤٨)فاعْفُ عَنّا، عَفا اللَّهُ عَنْكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتّى رَضِيَ، فَيَوْمَئِذٍ قالَ: (الوَلَدُ لِلْفِراشِ، ولِلْعاهِرِ الحَجَرُ)، وأُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿قَدْ سَألَها قَوْمٌ مِن قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة»: ١٠٢] . وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو غَضْبانُ مُحْمارٌّ وجْهُهُ، حَتّى جَلَسَ عَلى المِنبَرِ، فَقامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقالَ: أيْنَ آبائِي؟ قالَ: (فِي النّارِ)، فَقامَ آخَرُ فَقالَ: مَن أبِي؟ فَقالَ: (أبُوكَ حُذافَةُ)، فَقامَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فَقالَ: رَضِينا بِاللَّهِ رَبًّا، وبِالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وبِالقُرْآنِ إمامًا، إنّا يا رَسُولَ اللَّهِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجاهِلِيَّةٍ وشِرْكٍ، واللَّهُ أعْلَمُ مَن آباؤُنا، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ [المائدة»: ١٠١] . وأخْرَجَ ابْنُ حِبّانَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَطَبَ فَقالَ: (أيُّها النّاسُ، إنَّ اللَّهَ تَعالى قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ)، فَقامَ رَجُلٌ فَقالَ: أكُلَّ عامٍ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ حَتّى أعادَها ثَلاثَ مَرّاتٍ، قالَ: (لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، ولَوْ وجَبَتْ ما قُمْتُمْ بِها، ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فَإنَّما هَلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكم بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، واخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِمْ، فَإذا نَهَيْتُكم عَنْ شَيْءٍ فاجْتَنِبُوهُ، وإذا أمَرْتُكم بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنهُ ما اسْتَطَعْتُمْ)، وذَكَرَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ في المائِدَةِ نَزَلَتْ (p-٥٤٩)فِي ذَلِكَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة»: ١٠١] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «خَطَبَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: (يا أيُّها النّاسُ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ)، فَقامَ عُكّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأسَدِيُّ فَقالَ: أفِي كُلِّ عامٍ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقالَ: (أما إنِّي لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، ولَوْ وجَبَتْ ثُمَّ تَرَكْتُمْ لَضَلَلْتُمْ، اسْكُتُوا عَنِّي ما سَكَتُّ عَنْكُمْ، فَإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكم بِسُؤالِهِمْ واخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِمْ)، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي أُمامَةَ الباهِلِيِّ قالَ: «قامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في النّاسِ فَقالَ: (إنَّ اللَّهَ تَعالى كَتَبَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ)، فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأعْرابِ: أفِي كُلِّ عامٍ؟ فَسَكَتَ طَوِيلًا ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقالَ: (مَنِ السّائِلُ؟) فَقالَ: أنا ذا، فَقالَ: (ويْحَكَ، ماذا يُؤَمِّنُكَ أنْ أقُولَ: نَعَمْ؟ واللَّهِ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، ولَوْ وجَبَتْ لَتَرَكْتُمْ، ولَوْ تَرَكْتُمْ لَكَفَرْتُمْ، ألا إنَّهُ إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكم أئِمَّةُ الحَرَجِ، واللَّهِ لَوْ أنِّي أحْلَلْتُ لَكم جَمِيعَ ما في الأرْضِ مِن شَيْءٍ وحَرَّمْتُ عَلَيْكم مِنها مَوْضِعَ خُفِّ بَعِيرٍ لَوَقَعْتُمْ فِيهِ)، وأنْزَلَ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ (p-٥٥٠)الحَجَّ)، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، كُلَّ عامٍ؟ فَأعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قالَ: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، ولَوْ وجَبَتْ ما أطَقْتُمُوها، ولَوْ تَرَكْتُمُوها لَكَفَرْتُمْ)، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: أيْنَ أبِي؟ قالَ: (فِي النّارِ)، ثُمَّ جاءَ آخَرُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، الحَجُّ كُلَّ عامٍ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَحَوَّلَ ورِكَهُ، فَدَخَلَ البَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ فَقالَ: (لِمَ تَسْألُونِي عَمّا لا أسْألُكم عَنْهُ؟) ثُمَّ قالَ: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ عَلَيْكم كُلَّ عامٍ ثُمَّ لَكَفَرْتُمْ)، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والدّارَقُطْنِيُّ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ: ﴿ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧] قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، أفِي كُلِّ عامٍ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قالُوا: أفِي كُلِّ عامٍ؟ قالَ: (لا: ولَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ)، فَنَزَلَتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة»: ١٠١] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ آيَةُ الحَجِّ أذَّنَ النَّبِيُّ ﷺ في النّاسِ فَقالَ: (يا أيُّها النّاسُ، إنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ (p-٥٥١)فَحُجُّوا)، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، أعامًا واحِدًا أمْ كُلَّ عامٍ؟ فَقالَ: (لا، بَلْ عامًا واحِدًا، ولَوْ قُلْتُ: كُلَّ عامٍ، لَوَجَبَتْ، ولَوْ وجَبَتْ لَكَفَرْتُمْ)، وأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أذَّنَ في النّاسِ فَقالَ: (يا قَوْمِ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ)، فَقامَ رَجُلٌ مِن بَنِي أسَدٍ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أفِي كُلِّ عامٍ؟ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَقالَ: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ ولَوْ وجَبَتْ ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَنْ لَكَفَرْتُمْ، فاتْرُكُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، وإذا أمَرْتُكم بِشَيْءٍ فافْعَلُوا، وإذا نَهَيْتُكم عَنْ شَيْءٍ فانْتَهُوا عَنْهُ)، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ نَهاهم أنْ يَسْألُوا عَنْ مِثْلِ الَّذِي سَألَتِ النَّصارى مِنَ المائِدَةِ، فَأصْبَحُوا بِها كافِرِينَ، فَنَهى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وقالَ: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ﴾ أيْ: إنْ نَزَلَ القُرْآنُ فِيها بِتَغْلِيظٍ ساءَكم ذَلِكَ، ولَكِنِ انْتَظِرُوا، فَإذا نَزَلَ القُرْآنُ فَإنَّكم لا تَسْألُونَ عَنْ شَيْءٍ إلّا وجَدْتُمْ تِبْيانَهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ قالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الحَجَّ، فَقِيلَ: أواجِبٌ هو يا رَسُولَ اللَّهِ كُلَّ عامٍ؟ قالَ: (لا، ولَوْ قُلْتُها لَوَجَبَتْ عَلَيْكم كُلَّ عامٍ، ولَوْ وجَبَتْ ما أطَعْتُمْ، ولَوْ لَمْ تُطِيعُوا (p-٥٥٢)لَكَفَرْتُمْ)، ثُمَّ قالَ: (سَلُونِي، فَلا يَسْألُنِي رَجُلٌ في مَجْلِسِي هَذا عَنْ شَيْءٍ إلّا أخْبَرْتُهُ، وإنْ سَألَنِي عَنْ أبِيهِ)، فَقامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقالَ: مَن أبِي؟ قالَ: (أبُوكَ حُذافَةُ بْنُ قَيْسٍ)، فَقامَ عُمَرُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، رَضِينا بِاللَّهِ رَبًّا، وبِالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا، ونَعُوذُ بِاللَّهِ مِن غَضَبِهِ وغَضَبِ رَسُولِهِ» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: إنْ كانُوا لَيَسْألُونَ عَنِ الشَّيْءِ وهو لَهم حَلالٌ، فَما يَزالُونَ يَسْألُونَ حَتّى يُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ، وإذا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وقَعُوا فِيهِ. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ، وأحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(أعْظَمُ المُسْلِمِينَ في المُسْلِمِينَ جُرْمًا مَن سَألَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِن أجْلِ مَسْألَتِهِ») . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ اللَّهَ حَدَّ حُدُودًا، فَلا تَعْتَدُوها، وفَرَضَ لَكم فَرائِضَ فَلا تُضَيِّعُوها، وحَرَّمَ أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وتَرَكَ أشْياءَ في غَيْرِ نِسْيانٍ، ولَكِنْ رَحْمَةً مِنهُ لَكُمْ، فاقْبَلُوها، ولا تَبْحَثُوا عَنْها») . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِن طَرِيقِ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ قالَ: يَعْنِي: البَحِيرَةِ، والسّائِبَةِ، والوَصِيلَةِ، والحامِ، ألا تَرى أنَّهُ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: ما جَعَلَ اللَّهُ مِن كَذا ولا كَذا،قالَ: وأمّا عِكْرِمَةُ فَإنَّهُ قالَ: إنَّهم كانُوا يَسْألُونَهُ عَنِ الآياتِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قالَ: ﴿قَدْ سَألَها قَوْمٌ مِن قَبْلِكم ثُمَّ أصْبَحُوا بِها كافِرِينَ﴾ قالَ: فَقُلْتُ: قَدْ حَدَّثَنِي مُجاهِدٌ بِخِلافِ هَذا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ فَما لَكَ تَقُولُ هَذا؟ فَقالَ: هاهْ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، مِن طَرِيقِ عَبْدِ الكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ قالَ: هو الَّذِي سَألَ النَّبِيَّ ﷺ: مَن أبِي؟ وأمّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَقالَ: هُمُ الَّذِينَ سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ البَحِيرَةِ، والسّائِبَةِ، وأمّا مِقْسَمٌ فَقالَ: هي فِيما سَألَتِ الأُمَمُ أنْبِياءَها عَنِ الآياتِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ نافِعٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ قالَ: ما زالَ كَثْرَةُ السُّؤالِ مُذْ قَطُّ تُكْرَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عاصِمٍ، أنَّهُ قَرَأ: ﴿إنْ تُبْدَ لَكُمْ﴾ بِرَفْعِ التّاءِ ونَصْبِ الدّالِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أبِي جُمُعَةَ الأزْدِيِّ قالَ: سَألْتُ الحَسَنَ عَنْ كَسْبِ الكَنّاسِ فَقالَ لِي: ويْحَكَ، ما تَسْألُ عَنْ شَيْءٍ لَوْ تُرِكَ في مَنازِلِكم لَضاقَتْ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ (p-٥٥٤)وأخْرَجَ أحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ أبِي أُمامَةَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وقَفَ في حَجَّةِ الوَداعِ وهو مُرْدِفٌ الفَضْلَ بْنَ عَبّاسٍ عَلى جَمَلٍ آدَمَ فَقالَ: (يا أيُّها النّاسُ، خُذُوا العِلْمَ قَبْلَ رَفْعِهِ وقَبْضِهِ)، قالَ: وكُنّا نَهابُ مَسْألَتَهُ بَعْدَ تَنْزِيلِ اللَّهِ الآيَةَ: ﴿لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ فَقَدَّمْنا إلَيْهِ أعْرابِيًّا فَرَشَوْناهُ بُرْدًا عَلى مَسْألَتِهِ، فاعْتَمَّ بِها حَتّى رَأيْتُ حاشِيَةَ البُرْدِ عَلى حاجِبِهِ الأيْمَنِ، وقُلْنا لَهُ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ يُرْفَعُ العِلْمُ وهَذا القُرْآنُ بَيْنَ أظْهُرِنا، وقَدْ تَعَلَّمْناهُ، وعَلَّمْناهُ نِساءَنا، وذَرارِيَنا، وخَدامَنا؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأْسَهُ، قَدْ عَلا وجْهُهُ حُمْرَةٌ مِنَ الغَضَبِ، فَقالَ: (أوَلَيْسَتِ اليَهُودُ والنَّصارى بَيْنَ أظْهُرِها المَصاحِفُ، وقَدْ أصْبَحُوا ما يَتَعَلَّقُونَ مِنها بِحَرْفٍ مِمّا جاءَ بِهِ أنْبِياؤُهُمْ، ألا وإنَّ ذَهابَ العِلْمِ أنْ تَذْهَبَ حَمَلَتُهُ») . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في (الأسْماءِ والصِّفاتِ)، عَنْ أبِي مالِكٍ الأشْعَرِيِّ قالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ﴾ قالَ: فَنَحْنُ نَسْألُهُ إذْ قالَ: (إنَّ لِلَّهِ عِبادًا لَيْسُوا بِأنْبِياءَ ولا شُهَداءَ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ والشُّهَداءُ بِقُرْبِهِمْ ومَقْعَدِهِمْ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ)، فَقالَ أعْرابِيٌّ: مَن هم يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: (هم عِبادٌ مِن عِبادِ اللَّهِ مِن بُلْدانٍ شَتّى، وقَبائِلَ شَتّى، مِن شُعُوبِ القَبائِلِ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَهم أرْحامٌ يَتَواصَلُونَ بِها، ولا دُنْيا يَتَباذَلُونَ بِها، يَتَحابُّونَ بِرَوْحِ اللَّهِ، يَجْعَلُ اللَّهُ (p-٥٥٥)وُجُوهَهم نُورًا، ويَجْعَلُ لَهم مَنابِرَ مِن لُؤْلُؤٍ قُدّامَ الرَّحْمَنِ، يَفْزَعُ النّاسُ ولا يَفْزَعُونَ، ويَخافُ النّاسُ ولا يَخافُونَ») . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قالَ: «صَلّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى أهْلِ المَقْبَرَةِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، وذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾، فَأسْكَتَ القَوْمُ، فَقامَ أبُو بَكْرٍ فَأتى عائِشَةَ فَقالَ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ صَلّى عَلى أهْلِ المَقْبَرَةِ فَسَلِيهِ، فَقالَتْ عائِشَةُ: صَلَّيْتَ عَلى أهْلِ المَقْبَرَةِ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (تِلْكَ مَقْبَرَةٌ بِعَسْقَلانَ يُحْشَرُ مِنها سَبْعُونَ ألْفَ شَهِيدٍ») . وأخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ في (كِتابِ الصَّلاةِ)، والخَرائِطِيُّ في (مَكارِمِ الأخْلاقِ)، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: «كُنّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَتَقَدَّمَتْ بِهِ راحِلَتُهُ، ثُمَّ إنَّ راحِلَتِي لَحِقَتْ بِراحِلَتِهِ حَتّى نَطَحَتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُرِيدُ أنْ أسْألَكَ عَنْ أمْرٍ، يَمْنَعُنِي مَكانُ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكم تَسُؤْكُمْ﴾ قالَ: (ما هو (p-٥٥٦)يا مُعاذُ؟) قُلْتُ: ما العَمَلُ الَّذِي يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ ويُنْجِينِي مِنَ النّارِ؟ قالَ: (قَدْ سَألْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وإنَّهُ يَسِيرٌ، شَهادَةُ أنَّ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وحَجُّ البَيْتِ، وصَوْمُ رَمَضانَ)، ثُمَّ قالَ: (ألا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأمْرِ وعَمُودِهِ وذُرْوَتِهِ؟ أمّا رَأْسُ الأمْرِ فالإسْلامُ، وعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وأمّا ذُرْوَتُهُ فالجِهادُ)، ثُمَّ قالَ: (الصِّيامُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطايا، وقِيامُ اللَّيْلِ)، وقَرَأ: ﴿تَتَجافى جُنُوبُهم عَنِ المَضاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦] [سُورَةَ السَّجْدَةِ: ١٦] إلى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ قالَ: (ألا أُنْبِئُكُ ما هو أمْلَكُ بِالنّاسِ مِن ذَلِكَ؟) ثُمَّ أخْرَجَ لِسانَهُ فَأمْسَكَهُ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أكُلُّ ما نَتَكَلَّمُ بِهِ يُكْتَبُ عَلَيْنا؟ قالَ: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وهَلْ يَكُبُّ النّاسَ عَلى مَناخِرِهِمْ في النّارِ إلّا حَصائِدُ ألْسِنَتِهِمْ، إنَّكَ لَنْ تَزالَ سالِمًا ما أمْسَكْتَ لِسانَكَ، فَإذا تَكَلَّمْتَ كُتِبَ عَلَيْكَ أوْ لَكَ») .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب