قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾ قال الأخفش: أراد أن يريكم، فحذف أن؛ لأن المعنى يدل عليه، وفي حرف عبد الله: ﴿أَن يُرِيكُمُ﴾ [[لم أجد هذه القراءة عند ابن خالويه ولا ابن جني.]] وأنشد قول طرفة:
ألا أيُّهذا الزَّاجِري أَحضُرَ الوغى ... ............. البيت [[البيت لطرفة من معلقته في "الديوان" ص 105، وفيه: اللائمي، بدل: الزاجري، وعجزه:
وأن أشهدَ اللذاتِ هل أنت مُخلدي
وأنشده كاملاً منسوبًا سيبويه 3/ 99، والثعلبي 8/ 167 ب. وأنشده ولم ينسبه، الأخفش 2/ 657، وابن جرير 21/ 32، وفي حاشية ابن جرير: رواية البيت عند البصريين: أحضرُ، بالرفع؛ لأنه لما أضمر "أن" قبله ذهب عملها، وعند الكوفيين: أحضرَ، بالنصب؛ لأنها وإن أضمرت فكأنها موجودة لقوة الدلالة عليها. والوغى: الحرب، أراد: أيها الإنسان الذي يلومني على شهودي الحرب، وتحصيل اللذات، هل تخلدني في الدنيا إذا كففتُ عن الحرب. وأنشد صدره ولم ينسبه أبو علي، "المسائل العسكرية" ص 202، وأنشد صدره ونسبه: ابن جني "سر صناعة الإعراب" 1/ 285]] أراد: أن احضُرَ [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 657. وليس فيه ذكر قراءة عبد الله. ولم أجدها عند ابن خالويه.]].
وقال أبو إسحاق: المعنى: ومن آياته آيةٌ يريكم بها البرق، هذا أجود في العطف؛ لأن قبله خلق السموات، ومنامكم، فيكون اسمًا منسوقًا [[أي: معطوفًا.]] علي اسم، ثم حُذف، ودلَّ عليه قوله: ﴿وَمِنَ﴾ كما قال الشاعر:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما ... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح [[البيت لتميم بن مقبل، "ديوانه" ص 24، أنشده ونسبه سيبويه 2/ 346. وأنشده ولم ينسبه، الفراء 2/ 323، وابن جرير 21/ 33، والزجاج 4/ 182. وفي حاشية سيبويه: الشاهد فيه: حذف الاسم لدلالة الصفة عليه، والتقدير: فمنهما تارة أموت فيها.]]
والمعنى: فمنهما تارة أموتها، أي: أموت فيها [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 182.]]. وقال الفراء: أراد: فمنهما ساعة أموتها، وساعة أعيشها [["معاني القرآن" للفراء 2/ 323.]]. قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون المعنى: ويريكم البرق خوفًا وطمعًا من آياته، فيكون عطفًا بجملة على جملة [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 182.]]. وهذان القولان ذكرهما الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 323.]].
قوله تعالى: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ قال ابن عباس: خوفًا من الصواعق، وطمعًا [من آياته فيكون] [[ما بين المعقوفين ساقط من: (أ).]] بالرحمة.
وقال مقاتل وقتادة: خوفًا من الصواعق للمسافر، ولمن كان بأرض، وطمعًا للمقيم [[أخرجه ابن جرير 21/ 32، عن قتادة، بلفظ: خوفًا للمسافر، وطمعًا للمقيم. و"تفسير مقاتل" 78 أ، وقد ورد فيه: وخوفًا من الصواعق لمن كان بأرض.]]، وهذا مما تقدم تفسيره في سورة: الرعد [[قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: 12]: قال ابن عباس: يريد: خوفًا من الصواعق وطمعًا في المطر. وهو قول الحسن. وقال قتادة: خوفًا للمسافر، وطمعًا للمقيم. وهذا قول أكثر أهل التأويل. قال أبو إسحاق وأبو بكر: الخوف للمسافر لما تأذى به من المطر، كما قال الله تعالى: ﴿إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ﴾ [النساء: 102] والطمع للحاضر المقيم؛ لأنه إذا رأى البرق طمع في المطر الذي هو سبب الخصب.]].
قال أبو إسحاق: وهما منصوبان على المفعول له؛ المعنى: يريكم للخوف والطمع، وهو خوفٌ للمسافر، وطمعٌ للحاضر [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 182.]].
{"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَیُحۡیِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"}