الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٢٢ - ٢٥] ﴿ومِن آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافُ ألْسِنَتِكم وألْوانِكم إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعالِمِينَ﴾ ﴿ومِن آياتِهِ مَنامُكم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ وابْتِغاؤُكم مِن فَضْلِهِ إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [الروم: ٢٣] ﴿ومِن آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وطَمَعًا ويُنَـزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الروم: ٢٤] (p-٤٧٧٣)﴿ومِن آياتِهِ أنْ تَقُومَ السَّماءُ والأرْضُ بِأمْرِهِ ثُمَّ إذا دَعاكم دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إذا أنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ [الروم: ٢٥]
﴿ومِن آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافُ ألْسِنَتِكم وألْوانِكم إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعالِمِينَ﴾ أيْ: أُولِي العِلْمِ كَما قالَ: ﴿وما يَعْقِلُها إلا العالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣] ﴿ومِن آياتِهِ مَنامُكم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ﴾ [الروم: ٢٣] أيْ: لِاسْتِراحَةِ القُوى، ورَدِّ ما فَقَدَتْهُ: ﴿وابْتِغاؤُكم مِن فَضْلِهِ﴾ [الروم: ٢٣] أيْ: بِالسَّعْيِ في الأسْبابِ، والأخْذِ في فَضْلِ الِاكْتِسابِ، ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [الروم: ٢٣] أيْ: سَماعَ تَفَهُّمٍ واسْتِبْصارٍ: ﴿ومِن آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا﴾ [الروم: ٢٤] أيْ: مِنَ الصّاعِقَةِ: ﴿وطَمَعًا﴾ [الروم: ٢٤] أيْ: في الغَيْثِ والرَّحْمَةِ، أوْ لِتَخافُوا مِن قَهْرِ سُلْطانِهِ وتَطْمَعُوا في عَظِيمِ إحْسانِهِ: ﴿ويُنَـزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ﴾ [الروم: ٢٤] أيْ: بِالنَّباتِ: ﴿بَعْدَ مَوْتِها﴾ [الروم: ٢٤] أيْ: يُبْسِها: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الروم: ٢٤] ﴿ومِن آياتِهِ أنْ تَقُومَ السَّماءُ والأرْضُ بِأمْرِهِ﴾ [الروم: ٢٥] أيْ: إرادَتِهِ لِقِيامِهِما. قالَ أبُو السُّعُودِ: والتَّعْبِيرُ عَنْها بِالأمْرِ، لِلدَّلالَةِ عَلى كَمالِ القُدْرَةِ، والغِنى عَنِ المَبادِئِ والأسْبابِ، ولَيْسَ المُرادُ بِإقامَتِهِما إنْشاءَهُما؛ لِأنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حالَهُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومِن آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ ولا إقامَتُهُما بِغَيْرِ مُقِيمٍ مَحْسُوسٍ، كَما قِيلَ؛ فَإنَّ ذَلِكَ مِن تَتِمّاتِ إنْشائِهِما، وإنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، تَعْوِيلًا عَلى ما ذَكَرَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها﴾ [لقمان: ١٠] الآيَةَ، بَلْ قِيامُهُما واسْتِمْرارُهُما عَلى ما هُما عَلَيْهِ، إلى أجَلِهِما الَّذِي نَطَقَ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى فِيما قَبْلُ: ﴿ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلا بِالحَقِّ وأجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الروم: ٨] وحَيْثُ كانَتْ هَذِهِ الآيَةُ مُتَأخِّرَةً عَنْ سائِرِ الآياتِ المَعْدُودَةِ، مُتَّصِلَةً بِالبَعْثِ في الوُجُودِ، أُخِّرَتْ عَنْهُنَّ وجُعِلَتْ مُتَّصِلَةً بِهِ في الذِّكْرِ أيْضًا، فَقِيلَ: ﴿ثُمَّ إذا دَعاكم دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إذا أنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ [الروم: ٢٥] فَإنَّهُ كَلامٌ مَسُوقٌ لِلْإخْبارِ بِوُقُوعِ البَعْثِ ووُجُودِهِ، بَعْدَ انْقِضاءِ أجَلِ قِيامِهِما، (p-٤٧٧٤)مُتَرَتِّبٌ عَلى تَعْدادِ آياتِهِ الدّالَّةِ عَلَيْهِ، غَيْرُ مُنْتَظِمٍ في سِلْكِها كَما قِيلَ. كَأنَّهُ قِيلَ: ومِن آياتِهِ قِيامُ السَّماواتِ والأرْضِ عَلى هَيْآتِهِما بِأمْرِهِ تَعالى، إلى أجَلٍ مُسَمًّى قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعالى لِقِيامِهِما، ثُمَّ إذا دَعاكُمْ؛ أيْ: بَعْدَ انْقِضاءِ الأجَلِ مِنَ الأرْضِ، وأنْتُمْ في قُبُورِكُمْ، دَعْوَةً واحِدَةً، بِأنْ قالَ: أيُّها المَوْتى! اخْرُجُوا، فاجَأْتُمُ الخُرُوجَ مِنها، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدّاعِيَ﴾ [طه: ١٠٨] انْتَهى.
لَطائِفُ:
الأُولى- الدُّعاءُ: إمّا عَلى حَقِيقَتِهِ، أوِ الكَلامُ تَمْثِيلٌ، شَبَّهَ سُرْعَةَ تَرَقُّبِ حُصُولِ ذَلِكَ، عَلى تَعَلُّقِ إرادَتِهِ بِلا تَوَقُّفٍ، واحْتِياجٍ إلى تَجَشُّمِ عَمَلٍ، بِسُرْعَةِ تَرَقُّبِ إجابَةِ الدّاعِي المُطاعِ عَلى دُعائِهِ، أوْ هو مَكْنِيَّةٌ وتَخْيِيلِيَّةٌ، بِتَشْبِيهِ المَوْتى بِقَوْمٍ يُرِيدُونَ الذَّهابَ إلى مَحَلِّ مَلِكٍ عَظِيمٍ يَتَهَيَّؤُونَ لِذَلِكَ، وإثْباتُ الدَّعْوَةِ لَهم قَرِينَتُها.
الثّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنَ الأرْضِ﴾ [الروم: ٢٥] مُتَعَلِّقٌ بِـ: (دَعا) كَقَوْلِهِ: دَعَوْتُهُ مِن أسْفَلِ الوادِي فَطَلَعَ إلَيَّ، لا بِـ: "تَخْرُجُونَ"؛ لِأنَّ ما بَعْدَ (إذا) لا يَعْمَلُ فِيما قَبْلَهُ.
الثّالِثَةُ- قالَ الكَرْخِيُّ: قالَ هُنا: ﴿إذا أنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ [الروم: ٢٥] وقالَ في خَلْقِ الإنْسانِ: ﴿ثُمَّ إذا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ [الروم: ٢٠] لِأنَّهُ هُناكَ يَكُونُ خَلْقٌ وتَقْدِيرٌ وتَدْرِيجٌ، حَتّى يَصِيرَ التُّرابُ قابِلًا لِلْحَياةِ، فَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، فَإذا هو بَشَرٌ، وأمّا في الإعادَةِ فَلا يَكُونُ تَدْرِيجٌ بَلْ يَكُونُ بَدْءٌ وخُرُوجٌ، فَلَمْ يَقُلْ هُنا: ثُمَّ. انْتَهى.
{"ayahs_start":22,"ayahs":["وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَ ٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّلۡعَـٰلِمِینَ","وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَاۤؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ","وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَیُحۡیِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ","وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاۤءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَاۤ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ"],"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَیُحۡیِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق