الباحث القرآني
قوله [[في (د): (وقوله).]] تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾. تقديره: جامع الناس للجزاء في يوم لا ريب فيه [[وقيل: إن اللام بمعنى: (في)؛ أي: في يوم. ويكون المجموع لأجله لم يُذكر. فظاهره أن هذا الجمع للحشر من القبور للمجازاة وقيل: اللام بمعنى: (إلى)،== أي: جامعهم في القبور إلى يوم ... انظر: "البحر المحيط" 2/ 387، "روح المعاني" للآلوسي: 3/ 91.]]؛ فلما حذف لفظ الجزاء، دخلت اللام على ما يليه، وأغنت عن (في) [[في (د): (فيه).]]؛ لأن حروف الإضافة متآخية؛ لما يجمعها من معنى الإضافة [[حروف الإضافة عند البصريين: هي حروف الجر، وسميت بذلك: (لأنها تضيف معنى الفعل الذي هي صلته إلى الإسماء المجرور بها) "شرح المفصل" لابن يعيش: 2/ 117، وانظر: "الإيضاح في علل النحو" للزجاجي: 93. وفي تناوب حروف الجر وتآخيها، مذهبان للنحويين:
أ- مذهب جمهرة البصريين: أنها لا تنوب عن بعضها البعض قياسًا، فإن لكل حرف معنى واحدًا أصليًا، يؤديه على سبيل الحقيقة لا المجاز، فإذا أدى معنى آخر، فيقال حينها: إنه أداه على سبيل المجاز أو التضمين.
ب- مذهب الكوفيين ومن وافقهم: أنها تنوب عن بعضها البعض؛ لأن الحرف إذا اشتهر معناه اللغوي الحقيقي، وشاعت دلالته بحيث تفهم بلا غموض، كان المعنى حقيقيًا لا مجازيًّا، ودلالته أصلية، وليست من قبيل المجاز أو التضمين. قال ابن جنّي ويحسبه البعضُ على البصريين بعد أن خطّأ المذهب الثاني: (ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا، لاكِنّا نقول: إنه يكون بمعناه في موضع دون موضع، على حسب الأحوال الداعية إليه، والمسوِّغة له، فأمّا في كل موضع، وعلى كل حال، فلا) "الخصائص" لابن جنّي: 2/ 308.
وقال المالقي: (والحروف لا يوضع بعضها موضع بعض قياسًا، إلّا إذا كان معنياهما واحدًا، ومعنى الكلام الذي يدخلان فيه واحدًا، أو راجعًا إليه، ولو على بعد) "رصف المباني" للمالقي: 297. وانظر حول الموضوع "مغني اللبيب" لابن هشام: 656، "همع الهوامع" للسيوطي: 1/ 27، "النحو الوافي" لعباس حسن: 2/ 537، و"تناوب حروف الجر" د. محمد عواد: 1310 وما بعدها، و"من أسرار حروف الجر في الذكر الكريم" د. محمد الخضري: 12.]].
قال الزجّاج [[في "معاني القرآن" له: 1/ 379. نقله عنه بالمعنى.]]: وهذا إقرارٌ من المؤمنين بالبعث، ومخالفةٌ لمن اتبع المتشابه ممن ينكر أمر البعث.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [يجوز أن يكون إخبارًا عن المؤمنين أنهم قالوا ذلك، فيكون متصلًا بما قبله، لكنه على تلوين الخِطاب [[يعني بتلوين الخطاب، أي: الانتقال من أسلوب الخطاب في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ﴾ إلى أسلوب الغيبة في قوله: ﴿إنَّ الله﴾. قال أبو حيان ذاكرًا الحكمة في تغيير الأسلوب، هنا: (لِمَا في ذكره باسمه الأعظم من التفخيم والتعظيم والهيبة ..) "البحر المحيط" 2/ 387.]]، و] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).]] يجوز أن يكون استئنافًا، أخبر الله تعالى أنه لا يخلف الميعاد. ولا يدلُّ هذا على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار، وإنْ وعد ذلك بقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [النساء: 14]. الآية؛ لأن المراد بالميعاد [[في (ب): (المعاد).]] ههنا يوم القيامة [[ومما يؤكد ذلك لغة أن الميعاد هو: وقت الوعد وموضعه، ففي "تهذيب اللغة" (والميعاد، لا يكون إلا وقتًا أو موضعًا) وفي "اللسان" (والموعد: موضع التواعد، وهو الميعاد). انظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" 4/ 3915، "الصحاح" 2/ 552، و"اللسان" 8/ 4871، و"القاموس المحيط" 326. لكنَّ أبا عبيدة في "مجاز القرآن" 2/ 149، 189: ذكر أن الوعد والميعاد والوعيد، واحد. وعلى الرغم من هذا، فإن سياق الآية وأقوال من سبق من أهل اللغة، يؤكد ما ذكره المؤلف من أن الآية لا دلالة فيها على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار.]] لأن الآية وردت في ذكره. أو يُحمل [هذا [[أي: على فرض التسليم بدلالة الآية على ما ذكر.]] على ميعاد الأولياء دون وعيد الأعداء؛ لأن خلف الوعيد كرم [[في (د): (لزم).]] عند العرب] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).]]، والدليل: أنهم يمدحون بذلك، ومنه قول الشاعر: إذا وعد السرّاءَ أَنجز [[(أنجز): غير مقروءة في: (أ).]] وعدَه ... وإنْ وَعَدَ الضرّاءَ فالعَفْوُ مانَعُهْ [[البيت، لأبي الحسن، السري بن أحمد بن السري الكندي الرفّاء الموصلي. وهو في: "ديوانه" 2/ 368. وورد منسوبًا له، في "يتيمة الدهر" 2/ 156. وروايته في "الديوان" "واليتيمة": (.. وإن أوْعَدَ الضراء ..).]]
قال الأصمعي: جمعنا بين أبي عمرو بن العلاء، وبين محمد بن مسعود الفدكي [[ولكن في "الوسيط في التفسير" للمؤلف: 670 (رسالة ماجستير. تحقيق بالطيور): ورد عمرو بن عبيد المعتزلي بدلًا من محمد بن مسعود الفدكي، وكذا بقية المصادر التي أوردت الحكاية والتي سأذكرها فيما بعد، أجمعت كلُّها على أن المُحاوِر لأبي عمرو بن العلاء، هو عمروُ بنُ عبيد المعتزلي، حتى إن الرازي في "تفسيره" 7/ 187 نقل الحكاية عن "تفسير البسيط" للواحدي، وذكر اسم عمرو بن عبيد، وليس محمد بن مسعود، والذي يبدو لي والله أعلم أنَّ اسم عمرو بن عبيد المعتزلي قد حوِّر إلى محمد بن مسعود الفدكي، وقد يرجع السبب إلى أن جميع النسخ التي بين يدي، قد تكون نقلت عن نسخة رئيسة واحدة لم يستبن فيها الاسم لسبب ما، فكان الخط أقرب إلى أن يقرأ هذه القراءة، أو لاجتهاد من الناسخ الأول في كتابة الاسم السابق. وعمرو بن عبيد، هو شيخ المعتزلة في عصره، ولد سنة (80 هـ)، وتوفي سنة (144 هـ)، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" 12/ 166، "وفيات الأعيان" 3/ 460.]]، فقال أبو عمرو: ما تقول؟ قال: أقول: إن الله وعد وعدًا، وأوعد إيعادًا [[(إيعادا): مطموسة في: (ج).]]، فهو منجز إيعاده، كما هو منجز وعده. فقال أبو عمرو: إنك رجل أعجم، لا [[: (لا) مطموسة في: (ج).]] أقول: أعجم اللسان، ولكن أعجم القلب. إن العرب تعُدُّ الرجوع عن الوعد لُؤمًا، وعن الإيعاد كرمًا، وأنشد:
وإنِّي وإنْ أوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ ... لَيَكذِبُ إيعادي ويصدقُ موعدي [[البيت لعامر بن الطفيل، وهو في "ديوانه" 58. وقد ورد منسوبًا له، في "العقد الفريد" لابن عبد ربه: 1/ 284، وأورده بنفس رواية المؤلف: "يتيمة الدهر" للثعالبي: 2/ 157، "لسان العرب" 2/ 1098 (ختأ)، 8/ 4871 (وعد)، 2/ 1103 (ختا)، "تاج العروس" 1/ 143 (ختأ)، 19/ 369 (ختا). كما ورد غير معزوٍ، في "عيون الأخبار" لابن قتيبة: 2/ 142، "ضرورة الشعر" للسيرافي، تحقيق د. رمضان عبد التواب: 138، "مجالس العلماء" للزجّاجي: 62، "تهذيب اللغة" 4/ 3915 (وعد)، "الصحاح" 2/ 551 (وعد) "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي: 39، "العمدة" لابن رشيق: 1/ 589، "الحماسة البصرية" لصدر الدين البصري: 2/ 30. وروايته في "الديوان":
وإنِّيَ إن أوعدتُه أو وعدتُه ... لأخلِفُ إيعادي وأنجز موعدي
وبرواية أخرى:
لمخلِفُ إيعادي ومنجز موعدي
كما ورد في "اللسان" 1/ 63 كالتالي:
لَيأمَنُ ميعادي ومنجز موعدي
وانظر الفرق بين (وعد) و (أوعد) في: "ما تلحن فيه العامة" للكسائي: 110، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة: 2/ 189، "أدب الكاتب" لابن قتيبة: 1/ 272، "مجالس ثعلب" 1/ 227، "والخاطريات" لابن جني: 198، "خزانة الأدب" للبغدادي: 5/ 189، 190. وانظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" "الصحاح" "اللسان". وقد وردت هذه المحاورة في "عيون الأخبار" 2/ 142، "مجالس العلماء" 62، "طبقات النحويين واللغويين" 39، "إنباه الرواة" 4/ 133، "مدارج السالكين" لابن القيم: 1/ 396، "ميزان الاعتدال" للذهبي: 4/ 198، 199، "لوامع الأنوار" للسفاريني: 1/ 371.]] أو تقول: هذا عامٌّ في وعيد الأولياء، ووعيد الكفار، فأما مرتكبو الكبائر، فهم مخصوصون بقوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48].
{"ayah":"رَبَّنَاۤ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِیَوۡمࣲ لَّا رَیۡبَ فِیهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق