الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران ٩]. هذا يقول فيه: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ﴾ ونقول في إعراب ﴿رَبَّنَا﴾ كما قلنا في إعراب ما سبق.
وقوله: ﴿إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾. ﴿جَامِعُ﴾ اسم فاعل، وهنا لم يعمل؛ لأنه أضيف، ولولا الإضافة لكان يقول: ربنا إنك جامعٌ الناسَ، لكن بالإضافة لا يعمل إلا الجر. وقوله: ﴿لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ المعنى: أنه يجمعهم لهذا الوقت، فاللام هنا للتوقيت، فهي كقوله: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء ٧٨] أي: وقت دلوكها، أو كقوله: ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق ١] أي: وقت عدتهن، فالله تعالى جامع الناس لهذا الوقت ﴿لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ أي: لا شك، ولكن الريب أبلغ من الشك، وإن كان معناهما متقاربًا؛ لأن الريب فيه زيادة قلق واضطراب مع الشك، والشك خالٍ من ذلك، ولهذا جاءت كلمة ريب الدالّة لمفهومها اللفظي على أن هناك نوعًا من القلق والاضطراب الحاصل بالشك؛ لأن من الشكوك ما لا يولِد هما ولا غمًّا ولا اضطرابًا ولا يهتم به الإنسان، ومن الشكوك ما يهتم به الإنسان ويضطرب ويقلق مثل هذه الأمور العظيمة الواردة في الأخبار باليوم الآخر فإن الإنسان لا بد أن يطمئن اطمئنانًا كاملًا.
وقوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ إعرابها: أن (لا): نافية للجنس، و(ريب): اسمها، و(فيه): جار ومجرور متعلق بمحذوف خبرها.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ الجملة تأكيد لما سبق من كونه تعالى جامع الناس ليوم لا ريب فيه، في هذه الآية يقول الله تعالى عن هؤلاء السادة: إنهم بعد أن يدعو الله بما سبق يخبروا هذا الخبر المعبر عن إيمانهم ويقينهم بأنهم يؤمنون بأن الله جامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومن ثم دعوا الله أن لا يزيغ قلوبهم، وأن يهب لهم منه رحمة؛ لأنهم يؤمنون بأن هناك يومًا يجمع الله فيه الناس فيجازيهم بأعمالهم، فيقول الله عز وجل مخبرًا عن هؤلاء: إنهم يقرون بهذا اليوم الآخر، وأن الله تعالى سيجمع الناس أولهم وآخرهم كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة ٤٩، ٥٠]. وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود ١٠٣] ما أكثر الناس الذين سبقونا، وما أكثر الناس الذين يلحقون بنا والله أعلم، ومع هذا كل هؤلاء الناس سوف يُجمعون في صعيد واحد يُسمعهم الداعي ويَنفُذهم البصر، يسمعهم الداعي؛ لأنه لا يحول بينهم وبين صوته لا شجر ولا جدار ولا جبال ولا أودية، وكذلك ينفذهم البصر؛ لأنهم في أرض مبسوطة غير كُروية فيكون البصر يرى أقصاهم مثل ما يرى أدناهم، وهذا ظاهر أنه إذا كانت الأرض كلها مبسوطة بسط الأديم -كما أخبر بذلك النبي ﷺ- فإن أقصاها سيكون مثل أدناها، لكن على شكلها الحاضر كروية كلما بعُد الشيء اختفى عنك منه جزء فيختفي أول ما يختفي عنك الجزء الأسفل، ثم لا يزال يختفي شيئًا فشيئًا حتى لا تراه، فالله تعالى يجمع الناس كلهم في ذلك اليوم من أولهم إلى آخرهم، وهل يجمع غيرهم أيضًا؟ نعم، يجمع الجن، ويجمع غيرهم؟ نعم، ما هي؟ الوحوش والبهائم ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ [التكوير ٥] ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ﴾ [التكوير ٤]، وغيرهم؟ نعم، الملائكة ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ﴾ [النبأ ٣٨] ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر ٢٢]. إذن هذا اليوم يوم عظيم، يوم عظيم، كل عاقل سوف يعمل له، سوف يسأل الله تعالى أن يقيه شر ذلك اليوم.
﴿لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [آل عمران ٩] لا شك فيه، لا يرتاب فيه المؤمن، لماذا؟ لأنه دل عليه السمع، ودل عليه العقل، ودلت عليه الفطرة، ونقول: دل عليه إجماع المسلمين؟ نعم، دل عليه إجماع المسلمين، واليهود، والنصارى وكل متدين بدين، فلا أدلة تجتمع هذا الاجتماع على مثل الإيمان باليوم الآخر، ولهذا قال: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، دل عليه الكتاب، أظن دلالة الكتاب واضحة، دل عليه الكتاب في عدة آيات لا تحصى، ودلت عليه السنة أيضًا بأحاديث كثيرة لا تُحصى، ودل عليه العقل، ليس دل على إمكانه بل دل على وجوبه، وهذا هو المراد هنا، كيف دل على وجوبه؟ ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [القصص ٨٥] إن الذي فرض عليك القرآن وأوجبه عليك لا بد أن يردك إلى معاد فلا يمكن أن يدعك سُدى، إذ ما الفائدة في قرآن ينزل، ورسل تُرسل، ودماء تراق للمخالفين والنتيجة؟ لا شيء، إذن لا فائدة، فلا بد من يوم يجازى فيه الناس على هذه الأعمال، فالعقل يدل على أنه لا بد من أن نحشر إلى الله عز وجل، وأن نجازى بعمل، وأن لا يمكن أن تخلق السماوات والأرض، ويرسل الرسل، وتُنزل الكتب ويكون النتيجة والغاية أن نُرمس في الأرض ولا نعود، لا بد من عودة، ولهذا نقول إن العقل دل على أيش؟ على وجود اليوم الآخر ووقوعه وأنه لا بد واقع.
* الشيخ: وأيش تكون ما دل عليه أيضًا؟
* طالب: الفطرة.
* الشيخ: فإن الإنسان بفطرته لو تُرك وفطرته لعلم أن له ربًّا يجازيه، وأن الجزاء يكون في الآخرة ويكون في الدنيا، ودل عليه الإجماع؛ إجماع المسلمين أمر متواتر معلوم بالضرورة من الدين بل وإجماع اليهود والنصارى حتى اليهود والنصارى يؤمنون باليوم الآخر، ولهذا إلى يومنا هذا إذا مات منهم الميت يصلون عليه، ويدعون له بالرحمة والمغفرة؛ لأنهم يؤمنون بيوم الحساب، لكن على كل حال هم آمنوا وحرموا فائدة الإيمان، فلم يؤمنوا برسول الله ﷺ، فكان إيمانهم بهذا اليوم حُجة عليهم وليس حجة لهم.
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران ٩ ١٢].
* الشيخ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. قال الله تبارك وتعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران ٨] هذه الجملة ما تعلقها بما قبلها؟
* طالب: هذه الجملة تعلقها بما قبلها من دعاء الراسخين في العلم.
* الشيخ: نعم، من دعاء الراسخين في العلم يعني: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ [آل عمران ٧] ويقولون: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾.
* الشيخ: ما معنى الزيغ؟
* الطالب: الزيغ هو الميل.
* الشيخ: ومنه؟
* الطالب: زاغت الشمس.
* الشيخ: أي؟
* الطالب: مالت.
* الشيخ: عن كبد السماء. قولهم: ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ ما مناسبتها لما قبلها؟
* طالب: (...) علاقتها بما قبلها؟
* الشيخ: نعم، ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾؟
* الطالب: من أي ناحية؟
* الشيخ: صلتها بما قبلها؟ يعني هل وجودها وعدمها سواء أو وجودها فيه فائدة؟
* طالب: فيه فائدة، وهي يعني التوسل إلى الله بأن الله قد هداهم.
* الشيخ: نعم، التوسل إلى الله تعالى بهدايته إياهم أن لا يزيغ؟
* الطالب: بأن لا يزيغ قلوبهم بعد.
* الشيخ: بعد الهداية، أحسنت، هذا واحد، الفائدة ثانية؟
* طالب: الثناء على الله.
* الشيخ: صح، الثناء على الله بهدايته فهو من باب التحدث بنِعم الله عز وجل. ما فائدة قوله: ﴿مِنْ لَدُنْكَ﴾؟
* الطالب: أي: رحمة عندما تكون من لدنه تكون عظيمة، وتكون لا نريدها من غيرك.
* الشيخ: نعم، يعني الإخلاص، وأن تكون هذه الرحمة عظيمة؛ لأنها من عند الله، هل ورد لها نظير من السنة؟
* طالب: تعليم الرسول ﷺ لأبي بكر قال:
* الشيخ: علمني دعاء أدعو به في صلاتي.
* الطالب: علمني دعاء أدعو به في صلاتي. فقال:
* الشيخ: «قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ».
* الطالب: «اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا فَاغْفِرْ لِي».
* الشيخ: «وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ».
* الطالب: «إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ إِنَّك أَنْتَ».
* الشيخ: «وَارْحَمْنِي».
* الطالب: «وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ».
* الشيخ: «الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»[[حديث متفق عليه؛ البخاري (٧٣٨٧)، ومسلم (٢٧٠٥ / ٤٨) من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه.]]، نعم.
* الشيخ: قوله: ﴿الْوَهَّابُ﴾ من أسماء الله، فمجيئها على هذه الصيغة هل هو للمبالغة أو للنسبة؟ أو لهما جميعًا؟
* الطالب: لهما جميعًا.
* الشيخ: لهما جميعًا، اشرح ذلك؟
* الطالب: (...) يكون حال.
* الشيخ: إيه، نعم.
* الطالب: ثانيًا: أنها للمبالغة.
* الشيخ: لا، مبالغة لكثرة من يهب لهم، فإن الموهوب لهم لا يحصيهم إلا الله عز وجل.
قوله: ﴿جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [آل عمران ٩] ما المراد بهذا اليوم؟
* الطالب: يوم القيامة.
* الشيخ: يوم القيامة، وما معنى ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾؟
* الطالب: أي: لا شك فيه.
* الشيخ: أي: لا شك فيه. إذن ريب مرادف لشك، هل بينهما فرق؟
* الطالب: نعم، الريب يكون يعني متردّد بين شك وقلق.
* الشيخ: شك بقلق.
* الشيخ: والشك؟
* الطالب: شك.
* الشيخ: شك بدون قلق. يعني يكون متردد لكن ما يكون معه قلق نفسي، لكن هذا؛ لأن الأمر فيه هام يكون فيه قلق لما شك فيه، لكن المؤمنين لا يشكون فيه، لا يرتابون فيه.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران ٩] هذه الجملة موقعها مما قبلها للتأكيد، تأكيد وقوع ذلك اليوم، وجه ذلك: أن الله وعد به وهو لا يخلف الميعاد، أي: لا يخلف ما وعد به عز وجل من وقوع هذا اليوم، وهذه الجملة أيضًا إذا تأملتها وجدتها أنها تخالف ما قبلها في السياق؛ لأن ما قبلها السياق فيه للمخاطَب ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [آل عمران ٩]، وأما فيها فالسياق فيها للغائب ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ ولم يقل: ﴿إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾، فهل هذا من باب الالتفات والكلام من متكلم واحد؟ أو هذا من باب الاستئناف وهو من الله لا من قول الراسخين في العلم؟
على قولين للمفسرين؛ فمنهم من قال: إن قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ من كلام الله، وليس فيه التفات على هذا التقدير، ومنهم من قال: إنه من كلام الراسخين في العلم، وعلى هذا التقدير يكون فيه التفات، ولكل منهما مرجِّح، فمن رجح الأول قال: إن الالتفات خروج بالكلام عن المألوف، والأصل عدمه، وعليه فيكون الكلام من كلام الله، ومن قال: إنه من كلام الراسخين وفيه التفات قال: لأن الأصل أن الكلام من متكلم واحد لا سيما وأن بعضه مرتبط ببعض ﴿إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ﴾ ﴿إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ فهو مرتبط بعضه ببعض، وهذا القول عند التأمل أرجح، ويكون فائدة الالتفات أولًا: تنبيه المخاطب؛ لأنه إذا كان الكلام على نسق واحد بقي الإنسان منسجمًا معه لا يتفطن، وتمر به الأشياء وهو ماشي، فإذا اختلف أسلوب الكلام وتغير عليه الأسلوب فحينئذٍ ينتبه، ينتبه لأيش تغير؟ ولماذا تغير؟ فيكون فيه فائدة -أيش- التنبيه؛ تنبيه المخاطب، أما من حيث المعنى فلأن مجيئه بصيغة الغائب أبلغ في التعظيم، كأن الرب عز وجل الذي هو الله كأنه ملِك عظيم -وهو ملك عظيم سبحانه وتعالى- يُتحدث عنه بصيغة الغائب تفخيمًا وتعظيمًا كما يقول الملِك الذي يعظم نفسه للجنود: إن الملك يأمركم بكذا وكذا، أو يقول القائد: إن القائد يأمركم بكذا وكذا بدلًا أن يقول: إني آمركم، وعلى كل تقدير فالصفة هنا من باب الصفات أيش؟ من باب الصفات السلبية أو الثبوتية؟
* الطلبة: السلبية.
* الشيخ: ﴿إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ سلبية؛ لأنها صفة نفي، وقد مر علينا أنه لا يوجد في صفات الله صفة سلبية محضة، وأن النفي الموجود في صفة الله متضمن لثبوت كمال ضده، وأنه لكمال ضده لا يوجد هذا الشيء، فهنا ﴿لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ ضد عدم إخلاف الميعاد ما هو؟
* الطلبة: إخلاف الميعاد.
* الشيخ: إخلاف الميعاد، إخلاف الميعاد يكون إما لكذب الواعد وإما لعجزه، كل من وعدك فأخلفك فهو لأحد أمرين: إما لأنه كذوب يعد فيُخلف، وإما لأنه عاجز، واضح؟
رجل قال: سآتيك غدًا ولم يأتِك، لماذا؟ يحتمل أنه كذوب فوعد وأخلف، كذا؟ وإما لأنه عاجز، هو صادق بأنه سيأتي لكن عجز، جاءه مانع يمنعه من مرض أو غيره ولم يأتِ، إذن انتفاء إخلاف الله الميعاد لكمال صدقه، وكمال قدرته عز وجل، فلكمال صدقه وكمال قدرته لا يخلف الميعاد، وهذه الجملة قلت لكم: كالتأكيد لما سبق ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ لأنك لا تخلف الميعاد ومن لا يخلف الميعاد فلا بد أن ينجز ما وعد ويحققه.
الفوائد:
﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ في هذه الآية فوائد، منها: أن يوم القيامة آتٍ لا ريب فيه لقوله: ﴿لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾.
ومنها: تمام قدرة الله سبحانه وتعالى بجمع الناس كلهم في هذا اليوم، ومع هذا فإن هذا الجمع لا يحتاج إلى مدة ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)﴾ [النازعات ١٣ - ١٥].
ومنها: الحكمة حكمة الله عز وجل في جمع الناس لهذا اليوم؛ لأن هذا الجمع له ما بعده، وهو جزاء كل عامل بما عمل كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠)﴾ [التغابن ٩، ١٠]. إذن فهذا الجمع لحكمة وهو: جزاء العامل بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يجب علينا أن نؤمن إيمانًا لا شك فيه بهذا اليوم، فإن شك أحد أو أنكر فليس بمؤمن، فهو كافر.
والناس في هذا المقام ثلاثة أقسام، وإن شئت فقل: أربعة: مؤمن إيمانًا لا ريب فيه، وشاكّ، وكافر مُنكر، وكافر مجادِل؛ يعني مع كونه منكرًا يجادل ويخاصم، كفار قريش من أي الأنواع؟ من النوع الرابع، المنكر المجادل، ومن الناس من هو منكر لا يجادل، لكنه في نفسه منكر ما صدق، ومن الناس من هو مُتردد شاكّ، ومن الناس من هو مؤمن إيمانًا يقينيًّا كأنه رأي العين في قلبه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: انتفاء صفة خُلْف الوعد عن الله عز وجل لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ وانتفاء هذه الصفة يتضمن كماله في شيئين وهما: الصدق والقدرة، فلكمال صدق الله عز وجل وكمال قدرته لا يخلف الميعاد بل لا بد أن يقع ما وعد به.
{"ayah":"رَبَّنَاۤ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِیَوۡمࣲ لَّا رَیۡبَ فِیهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق